كانت ترافق المرأة في حلّها وترحالها، وتعدّ أحد أهم وأبرز ما ترافقها في يوم الزفاف، فهي الحقيبة التي تحمل كلّ زينتها، إنها "المعانج" التي تحظى بأشكال وتصاميم رائعة، وتمتاز بألوانها المتعددة، التي منحتها جمالاً فائقاً.

الجمال والبهاء في حقيبة متوارثة

كانت بمنزلة الحقيبة التي تقتنيها المرأة، توضع على الناقة أو الجمل، تستخدمها المرأة لحاجياتها الشخصيّة، إضافة إلى حاجيات الرجل، هي مثل شاكلة الخُرج بالمعنى العامي، كانت توضع بشكل متوازن على جانبي البعير أو الناقة، لحمل هذه الحاجيات، طبعاً تُعطى ألواناً زاهية، من خلال الصباغ الفينيقي أو الصباغ الأورجواني، حيث كانت لها ألوان زاهية تلفت النظر، مزيّنة بالشراشب الملوّنة، بالتزامن هذه المعانج كانت تزين الخيل الأصيل، الذي كان يستخدمها البدوي أو سكان المنطقة آنذاك في الجزيرة السورية، كانت توضع غالباً تحت السرج

تلك الحقيبة، لم تكن سواها في ذلك الزمن البعيد، سمّيت "بالمعانج" للشبه بينهما في الجمال والبهاء، حتّى إن المرأة في ذلك الوقت تعدها أولوية في كل تفاصيلها اليوميّة، لم يبق اليوم منها إلا ذكرياتها وقصصها عند غالبية الأسر، كما قالت عن ذلك: "ابتسام خير الدين العلي".

الباحث دحام السلطان

الستينية "ابتسام" من أهالي ريف "القامشلي" تتحدث عن تفاصيل اقتناء قطعة من "المعانج" في منزلها لفترة من الزمن: «هذه القطعة قديمة جداً، لم تعد تحتويها منازلنا، لوجود حقائب متطورة، تطورت مع تطور الزمن، لكن حقاً كانت قطعة جميلة ومتميزة، تحفظها ذاكرتنا، بكل تفاصيلها، طبعاً أنا أخذت القطعة كهدية من جدتي في يوم زفافي، لم يكن لنا بديل عنها، وضعت فيها لباسي وأدواتي الشخصيّة حتّى المواد والقطع الخاصة بزوجي، علماً أن هذه القطع تتوارثها الابنة عن الأم، والأم عن الجدة وهكذا، كانت وستبقى من القطع الثمينة التي رافقتنا في أهم أيام حياتنا، حافظنا عليها لفترة من الزمن، لكنها اختفت نهائياً عن منازلنا؛ لأنها وصلت لمرحلة لم تعد لها ضرورة، فقد حلّت مكانها حقائب وأدوات كثيرة وحديثة، تواكب تطور الزمن، لكن ما أسعدني حقاً أنها وجدت في بعض المعارض التراثيّة، فمن الضروري أن يتعرف عليها كل الأجيال، فماضينا جميل بكل ما فيه من مواد وأدوات وقطع».

"المعانج" موجودة في بعض المعارض التراثيّة فقط

المعانج في منزل دحام السلطان

الباحث في التراث الشعبي "دحّام السلطان" يبين المعلومات المتعلقة "بالمعانج" خلال حديثه التالي: «كانت بمنزلة الحقيبة التي تقتنيها المرأة، توضع على الناقة أو الجمل، تستخدمها المرأة لحاجياتها الشخصيّة، إضافة إلى حاجيات الرجل، هي مثل شاكلة الخُرج بالمعنى العامي، كانت توضع بشكل متوازن على جانبي البعير أو الناقة، لحمل هذه الحاجيات، طبعاً تُعطى ألواناً زاهية، من خلال الصباغ الفينيقي أو الصباغ الأورجواني، حيث كانت لها ألوان زاهية تلفت النظر، مزيّنة بالشراشب الملوّنة، بالتزامن هذه المعانج كانت تزين الخيل الأصيل، الذي كان يستخدمها البدوي أو سكان المنطقة آنذاك في الجزيرة السورية، كانت توضع غالباً تحت السرج».

"المعانج" في تاريخ اليوم لم يبق لها وجود، إلا في بعض المعارض التراثيّة، كما كانت قبل فترة خلال عرضي لإحداها ضمن معرض تراثي في "الحسكة" هذا ما أضافه "السلطان".

ينسج "المعانج" على النول اليدوي

وهناك تفاصيل أخرى تعلق بنسج وصناعة "المعانج" فيقول عنها الباحث "السلطان": «إضافة إلى صباغ المعانج التي تستخدمها المرأة بشكل خاص، كحاجة أساسيّة من حاجيات المنزل ، كانت تُنسج، وتأخذ أشكالاً هندسيّة بعدّة ألوان، منها ألوان رئيسة كاللون الأبيض والأسود، باختصار تأخذ الألوان الغامقة، للفت النظر وإعطائها جمالية، وتكون أيضاً عاملاً وحافزاً أثناء البيع والشراء، فيعمل التجار على تزيينها بهذا الشكل؛ لجذب النظر، وكانت تتباهى بها النساء آنذاك خلال تلك الفترة الماضية بدقة أكثر فترة القرنين الماضيين، شكلها ولونها ورسومها دلالة على أنها بمنزلة كنز للمرأة، تتفاوت أيضاً بحجمها وأشكالها وقيمتها المادية، فمعانج طبقة الأمراء مختلفة عن العامة، أما طريقة نسجها فكانت يدوية من خلال الدوك والمبرم" (أدوات النسج)، وينسج عالنول اليدوي، من خلال حرفيين مهرة، تصنع في المدن حصراً، حيث يؤمها البدو لاقتنائها بعد نسجها بتلك الأشكال».

"المعانج" نسبة إلى الفرس "المعنكيّة"، يمتاز هذا النوع بجماله وأصالته، وحُسن هذا الرسن، طبعاً له قيمة كبيرة ها النوع من بين كل أنواع الخيل، ولقيمة ذلك النوع من مصنوعات الغزل والنسج سمّي "المعانج" هذا ما ختم حديثه به الباحث "دحام السلطان".

مدوّنة وطن "eSyria" أجرت اللقاءات السابقة بتاريخ 27 كانون الثاني 2025، والتقت بالباحث في منزله، حيث احتفاظه بإحدى المعانج.