وظف الشعر لأداء رسائل سامية، ومعان عظيمة، وجعلها ساحة للتسامح وردّ الجميل بالوفاء، سطّر من خلال أدبه أرقى العناوين الاجتماعيّة والإنسانيّة، في عيادته تجد قلم الشاعر وسماعة الطبيب وكلاهما خدمة للإنسان.

طبيب أحب اللغة العربية

الطبيب "عماد أحمد" أحبّ الشعر بعدما أحبّ مدرسي اللغة العربيّة، حببوه باللغة والأدب وهو في مقتبل العمر، التزم معهم باتزان، وسار معهم وحقق نجاحات أدبيّة طيّبة، بعض منها لم تُسجل إلا باسمه، وإيماناً منه برد الجميل لنخبة المدرسين، قدّم مبادرات رائعة لهم.

شعره سلس وهادف ومعبّر، يستهدف جميع طبقات وفئات المجتمع، يحكي بشعره واقعنا وهمومنا وأفراحنا، سمعتُ عن قرب جانباً من مشاركاته ضمن أصبوحات شعريّة، كان متميزاً في تلك المشاهد وذلك الحضور الأدبي

الشاعر "عماد" بدأ كتابة الشعر في مراحل دراسته الإعدادية، انطلق واستمر بكتابة الشعر العمودي، مواظباً على دراسته، فحقق في الجانبين نتائج جميلة، يتحدث عن ذلك: «في المدرسة يجب أن تتفوق في كل المواد حتّى تصبح طبيباً، بما في ذلك مادة اللغة العربية، من حُسن حظي صادفني مدرسون وهم "عيسى الشيخ ومروان كلش وإبراهيم المحيمد" في دراستي الإعدادية والثانويّة، قدّموا جهداً عظيماً في تدريسهم، لكنهم شدّوني كثيراً للغة العربيّة.

الأدب في عيادته

يتابع حديثه: طبعاً بدءاً من الصف التاسع حملت القلم وباشرت كتابة الشعر العمودي، مشاركاً في مهرجانات ومسابقات على مستوى الطلاب، نلتُ مراكز متقدمة، في فترة الدراسة الثانوية كنت نهماً للقراءة، وتحديداً كتب الشعر، قرأت "ممدوح عدوان ونزار قباني وسليم بركات" وغيرهم بالتوازي مع دراستي، ووالدي له دور إيجابي كبير، أكّد لي أن دراستي أولاً وهوايتي ثانياً، لذلك وجد عندي التفوق الدراسي في جميع المراحل، حتّى أصبح يجلب لي كتباً من محافظتي "حلب ودمشق" لم أترك الكتابة والقراءة يوماً واحداً، مع نيلي التفوق الدراسي بما في ذلك خلال الشهادة الثانوية، وحصلتُ على علامات أهلتني لإكمال الدراسة في كلية الطب».

"على ساق واحدة"

خلال دراسته الجامعيّة، استمر بكتابة ما يحب، لكنه اعتذر عن الأصبوحات والأمسيات الشعرية، ليتفرغ إلى الطب بشكل كامل، خصص شعره لجلسات المقربين والطلاب الملازمين له، فكانت تلك الحلقات الشعرية الضيقة والصغيرة من اللحظات الأدبية الطلابية الممتعة عنده.

من مؤلفاته

أعلن وتعهّد بتوثيق شعره عندما حلّ الوباء، يتحدث عن تلك المرحلة: «أثناء فترة وباء كورونا، أصبت بالمرض، كانت لحظات عصيبة، قرّبتني من الموت، لذلك قررت أن أحفظ شعري وأجمعه في ديوان شعري، فقد كان كل ما كتبته دون توثيق، وكان إصدار عملي الأول تحت عنوان "على ساق واحدة" ونال الإعجاب والرضا، أول مجموعة شعرية، أخذت شهرة واسعة، لأن طبيباً يكتب شعراً، تابعت بشغف أكبر، اتجهت لخطوات أخرى، وهي المشاركة في أصبوحات وأمسيات شعرية عديدة، بعد فترة أصدرت المجموعة الشعرية الثانية "الأخضر الذي ليست شجرة".

قم للمعلم وفه التبجيلا

يتحدث الطبيب عن تجربة جديدة في حياته قائلاً :بعد إصدار الديوانين قررت أن أنثر من الشعر مبادرة اجتماعيّة، فاتجهت لأحد مدرسيّ في مادة اللغة العربية، وذكرته آنفاً وهو "إبراهيم المحيمد"، كان قراري أن أكرمه؛ لأنه مدرس يحظى بمحبة الكثيرين وهو متقاعد الآن، جمعت عنه شهادات من طلابه، جميعهم متفوقون وذوو مراتب وشهادات عليا، ألفت الكتاب عنه بعنوان "إبراهيمنا" كانت رسالة لأعبر عن قيمة من علّمنا، حضر للمركز الثقافي بحضور طلابه وزملائه وأهله، لاقى الكتاب والحفل صدى إنسانياً واجتماعياً، والكتاب له نقلة نوعية في حياتي؛ لأنني أصبحت أمام المجتمع شاعراً مؤثراً، ثم كانت التجربة مع مدرسي الآخر "عيسى شيخ حسن" بذات التفاصيل تحت عنوان "سادن الريح والمواويل"».

زملاء الأدب والطب يشاركونه احتفالياته الأدبية

مؤلفات طبية اجتماعية لاقت صدى كبيراً

يقرأ كل أنواع الأدب، لكنه مختص بكتابة الشعر، هناك قصائد لا يمكنه كتابتها، كحالته أثناء علاج وشفاء أحد المرضى عنده، فالطب والشعر يتداخلان حسب قانونه، الطبيب الموجود لديه هذب الشعر عنده، فالخيال قائم في الشعر، لذلك يستثمره في الطب أيضاً، ليكون حالماً ومتأملاً بشفاء أصعب الحالات المرضية كما يوضح "عماد أحمد".

انضممت إلى مجموعة الشعراء في منطقتي بالإرادة والعزيمة، وكنت ضمن نخبة متميزة، ويضيف على ذلك من مؤلفاتي الأدبيّة: "أسرار طب الجدّات"، صنّف أحد أهم المؤلفات، ولاقى صدى رائعاً، وهناك احتمالية لترجمته إلى لغة ثانية، كونه تراثاً طبياً، وأيضاً مؤلف بعنوان "أبناء المقعد الأخير" بحث طبي اجتماعي، يتحدث عن الطلاب الذين يجلسون في الصف الاخير، الكتاب مبسط جداً، وبإمكان أي شخص الاطلاع عليه، لما له من قيّمة وأهمية، ويتذكر مما كتبته خلال فترة الجامعة: "منها يطلُّ الندى مستعذباً عبقاً..على الحكايات في تذكارها وطري..فكم قد اكتحلتْ في رؤيةٍ مقل ٌ..وكم قلوبٌ هفَتْ إليك ِ بالصور.."

ومما كتبته أيضاً: "من فتحة صغيرة في سماء قلبي..أتنفسك ِ..من هناك بالضبط أشمُّ رائحة القرفة التي تضيفينها إلى الشاي..و رائحة النعناع الذي تزرعينه..إطفاء الشموع في المناسبات..أيتها البلادُ التي تستيقظ باكراً لتسقي ضحكاتنا الذابلة بماء صلاتها أيتها البلادُ البعيدة مثل عيد والقريبة مثل دمعة يمّاااااااا"».

يحظى بمحبة من عاشره وعاصره

يحظى بمحبة من عاشره وعاصره، فهو إنسان يعشق الآخر، قدّم العديد من المبادرات التي تؤكد قيمته ونبله، قال الشاب "عمر عبد الله": «أنا كمدرس للغة العربيّة، السعادة غمرتني عندما شاهدتُ وسمعتُ مبادراته الأدبية والاجتماعيّة خاصة فيما يتعلق بتكريم مُدرّسيه، هذا حافز لأي متقاعد منهم أو ممن يقتدي بمثل هذه المبادرات، لديّه الكثير من الخصال الطيّبة، في جامعته ومدرسته وعيادته، وعنده الكثير من المواقف الإنسانيّة، التي يعملها بصمت».

أمّا الشاعر "صالح العلي" فأشاد بأعمال زميله الشاعر"عماد"، مؤكداً قيمتها في المجتمع، خاصة أن العديد منها تستهدف الأشخاص الذين بصموا بإيجابيّة في حياتنا، هذه مُسجّلة باسمه، ومما أضافه "صالح": «شعره سلس وهادف ومعبّر، يستهدف جميع طبقات وفئات المجتمع، يحكي بشعره واقعنا وهمومنا وأفراحنا، سمعتُ عن قرب جانباً من مشاركاته ضمن أصبوحات شعريّة، كان متميزاً في تلك المشاهد وذلك الحضور الأدبي».

مدوّنة وطن "eSyria" بتاريخ 28 كانون الثاني 2025 أجرت اللقاءات السابقة.