في بداية تسعينيات القرن الماضي تجمع ثلاثة أشخاص، كانوا يملكون عربات خشبيّة فقط ليكونوا نواة سوق حطين الشعبي أحد أبرز وأهم الأسواق الشعبيّة في مدينة "القامشلي" حاليا، حيث يتوافر فيه مختلف أنواع البضاعة والمواد الأساسية التي تحتاجها الأسرة.
يوفر السوق تشكيلة واسعة من السلع بأسعار منافسة
وصلت مع أسرتي لا املك أي مقومات الحياة، دلّني أهل الخير على هذا السوق، كونه يتمتع بشعبية وزوار كثر، والعمل لا يحتاج إلا لتأمين بعض أنواع الخضار أو الفواكه، وهو ما صنعته، مع مرور الوقت، أتقنتُ السوق وتفاصيله، وتعلمتُ التجارة التي تربح، كسبتُ معارف وصداقات وأشخاصاً جدد
"عمشة" تتواصل مع السوق بشكل شبه دائم، ما انقطعت عنه، تفضّله على جميع أسواق مدينتها "القامشلي"، لاعتبارات كثيرة أبرزها أن السوق يجاور منزلها.
الستينية "عمشة محمد سعيد" من أهالي الحي "الغربي" في المدينة، تسرد تفاصيل أخرى تبين زياراتها الدائمة لسوق "حطين" فتقول: «السوق قريب من منزلنا، أرافق بعض سيدات الحي، ونذهب بشكل دوري، تحديداً في الأسبوع مرّة، لتأمين الخضار والفواكه بشكل رئيس، وباقي المواد الأخرى، سواء الأدوات المنزلية أو الكهربائيّة، حتّى الملابس والتوابل، وتضيف: كل المواد التي تتوافر في السوق المركزي موجودة بجانبنا، والأسعار مشابهة، وهناك توفير لأجور النقل إلى السوق الرئيس، إضافة لتوفير الوقت والجهد الجسدي، هناك إيجابية أخرى في السوق، أنه يعزز الحالة الاجتماعية بين أهالي الحي الواحد والأحياء القريبة منه، لذلك نعده أحد العناوين الإيجابيّة في مدينتنا وحيّنا».
وفّر سوق "حطين" فرص عمل للشباب خاصة الأسر النازحين
وفّر سوق "حطين" فرص عمل لكثير من الشباب العاطلين، خاصة الأسر التي نزحت وتوافدت إلى مدينة "القامشلي" مع بداية الثورة عام 2011، منهم الشاب "خالد النورس" من سكان ريف "حلب".
"خالد" يعتبر السوق هبة ونعمة عظيمة، أعانت أهله، بعد أن ذاقت كل أشكال القهر والمر، يقول عن ذلك: «وصلت مع أسرتي لا املك أي مقومات الحياة، دلّني أهل الخير على هذا السوق، كونه يتمتع بشعبية وزوار كثر، والعمل لا يحتاج إلا لتأمين بعض أنواع الخضار أو الفواكه، وهو ما صنعته، مع مرور الوقت، أتقنتُ السوق وتفاصيله، وتعلمتُ التجارة التي تربح، كسبتُ معارف وصداقات وأشخاصاً جدد».
السوق وصل إلى ذروة نشاطه بأكثر من 75 بائعاً
أسس السوق ثلاثة باعة، أحدهم "عبد العزيز سيّد عيسى"، قال عن ذلك: «عام 1992 كنّا ما يقارب 18 بائعاً للخضار والفواكه عبر عربات خشبية، بثلاث عجلات مطّاطيّة، موقعنا كان مقابل جامع "الوحدة"، ولكن وجودنا خلق أزمة مرورية، لذلك تمّ ترحيلنا من قبل البلدية، اتجهنا إلى خلف الجامع، وهناك أيضاً تمت الشكوى، وانطلقنا إلى ساحة مجاورة، لم تمض الأمور كما نريد أيضاً، فاقترح صديقنا "عصام" أن نذهب إلى ساحة تجاور منزله، بجانب مدرسة "حطين" ومنها جاءت تسمية السوق.
ويتابع حديثه قائلاً: ذهبنا أنا وصديقي الثالث رفقة "عصام" إلى تلك الساحة، كان ذلك نهاية عام 1992، وحفزنا غيرنا للانضمام إلينا، خاصة أن الأسعار كانت زهيدة، فلم يكن يحتاج أي بائع لأكثر من 300 ليرة سورية كرأسمال، توافدت إلينا أسماء جديدة، وتنوعت البضائع، وتوفرت كافة المواد، عانينا بداية من سوء الطرق، كان موحلاً لدرجة كبيرة في فصل الشتاء، استمر ذلك حتى عام 1995، حيث تم إنشاء أبنية سكنيّة وتجاريّة فتم تعبيد الطريق، في ذروة نشاط السوق وصل عدد الباعة لأكثر من خمسة وسبعين بائعاً، كانت جميع البضائع والمواد متوافرة باستثناء الذهب لم يكن موجوداً.
ويضيف: من مزايا السوق أنه حاضنة للكثير من العاطلين عن العمل، ففي عام 1998 جاء شباب من مدينة "الحسكة" لم يكن يملكون أي وارد، استقروا في السوق، مختصين ببيع الخضار، مع مرور الوقت كسبوا عملاً ومورداً، وطوروا كل حياتهم، وبعد عام 2011 جاء أشخاص من محافظات أخرى إلى السوق بهدف البيع والشراء، وأصبح السوق" باب رزق ومصدر دخل لعشرات الأسر".
"عبد العزيز" غيّر بضاعته لمرتين فقط، فقد انطلق ببيع الخضار، وحالياً يختص ببيع ألبسة البالة، وأشار إلى أن عدد الباعة أيضاً انخفض مع فترة الذروة، إضافة إلى أن السوق منظم، بتصميم محلات للباعة قبل أشهر، ويبقى السوق وجهة الكثيرين ، حسب ما ختم به حديثه.
مدوّنة وطن "eSyria" بتاريخ 31 كانون الثاني 2025 زارت السوق، وأجرت اللقاءات السابقة.