تميز بقدرته الفائقة على التعبير عن العواطف والمشاعر المرتبطة بالحب والوجدانية بشكل قوي وعميق لقب في الشعر "سيد الحروف"، حيث إنه يستخدم اللغة العربية والألفاظ بطريقة سهلة تعكس العاطفة الداخلية لمن يقرأ قصائده.
خالد سويد تولد 1947 من قرية كفر حارب بالجولان المحتل من أبرز شعراء الجولان في الساحة الشعبية، وكانت انطلاقاته من الصغر فعشق اللغة العربية وأحب إلقاء الخطابة.
ثقافة متنوعة وغزارة الشعر
امتد ولعه بالشعر مع الشباب ومراحل الدراسة وبعد نزوحه من الجولان؛ لتتفجر طاقاته الإبداعية منذ 15 عاماً بعد مشاهدة الدمار والخراب في سوريا، ووصل عدد قصائده إلى ثلاثة ألاف قصيدة حتى اليوم، مستفيداً من ترحاله وسفره لمعظم دول العالم.
وحسب قوله "الشاعر هو عبارة عن فكر ومعنى وتأثر يثبت جدارته بالإبداع والوصف المحبك".
ويشير سويد إلى أن المطالعة كانت مهمة له والشعر كان صديقاً له منذ الصغر، وتابع دراسته في دمشق بعد النزوح عام 1967؛ ليقرأ بكثافة لنزار القباني ومحمود درويش ومعروف الرصافي ويجيد الكتابة بالشعر بعد ذلك، فتمكنت الموهبة لديه من ترجمة بعض المشاعر المختلجة بالصدر إلى أبيات شعرية، ومن هنا بدأ مع الوقت بكتابة القصيدة الأولى، حيث هناك من القصائد ما تتم كتابتها حسب الموقف والحالة والظروف التي يعيشها.
ويعدّ سويد من خيرة وأفضل الشعراء، بل تفوق على غيره بعد غزارة أشعاره اليومية، فكان نموذجًاً خاصًا في شعر الوصف الفني والغزل العفيف، وهذا ما يبرز من خلال عشرات باقات التكريم التي منحت له من المؤسسات الثقافية والمنصات الإلكترونية وقد لقبوه من فئته من الشعراء "بسيد الحروف"؛ لما شهدوا عليه بالشاعرية الفذة وشعره الذي يدل على ثقافته الأدبية واللغوية.
لأن الأنثى بحد ذاتها هي القصيدة
يقول سويد: إن بناء القصيدة ليس بالأمر السهل خاصة الشعر الفصيح منه، فهو صناعة متقنة بإحكام، وذلك من خلال الإلهام الشعري الذي يأتي فجأة، والشاعر يستثمر هذا الإلهام ، وعليه أن يطلق العنان للمشاعر الجياشة التي بداخله.
ويتابع: "إنه في ساعات الفجر الأولى أثناء الليل تأتي الكلمات فأقوم من النوم لأكتب الفكرة وأسجلها؛ لأنها ستذهب وتنسى إن لم اقيدها".. وبرأيي إن أي فكرة أو كلمة يمكن تأليف قصيدة عليها، فالتخيل يلزمني لأنه أساس القصيدة وعبره يتم إيصال الرسالة للقارئ، فحين يتم تخيل امرأة جميلة، فإنني أصفها بشكل ملموس دون تصنع رغم أن ذلك يصدمني مع واقع محيط من الناس، التقبل أو النفور ولا سيما حين تلامس كلماتي الغزل للمرأة بشكل مباح، ولا تكتمل القصيدة بدون صورة لهذه المرأة الجميلة، فالعيون قصيدة، لافتًا إلى أن معظم الكتابات الغزلية هي همس وحنين وشوق ووصف للجمال الحقيقي.
ويضيف: "إن المرأة كانت من أولى قصائدي ومنه كانت القصيدة العظيمة بالفصحى التي توصف "الخطيبة"، خاصة حين أتذكر اللحظات الأولى، وبنظري فإن الشاعر لا يمارس نوعًا واحدًا من الحب، بل يغمس نفسه في بحره العميق غمسًا، ليستخرج منه كل ما امتلأت به يداه وجوفه من العقل يقول:
غزا طرفي شواطئ عينيك
وضياء البـدر يكشف ما لديـك
كنت النـور والضيـاء لعمـري
ويغـار البدر من سحر مقلتيك
فالمرأة بالنسبة للشاعر هي القصيدة والغاية السامية بحد ذاتها، وهناك قصائد كثيرة للمرأة، من هنا يتبين أن عدد الشعراء أكبر من عدد الشاعرات؛ لأن الأنثى بحد ذاتها هي القصيدة فكل ما نكتبه من قصائد حب وحنين فهو لها ومن إلهامها، كيف لا وهي الحبيبة والأم و الأخت والبنت ، وهي الجمال الذي يجعلنا نعشق الشعر، ولا يكاد يميز الشاعر بين سمراء وبيضاء المهم الجمال النقي الذي يسلب العقل.
التأمل لدى الشاعر معلق بالعودة لقريته في الجولان المحتل
حالة التأمل لدى الشاعر لا تنتهي كما يؤكد وهي معلقة بعودة الديار والشوق والحنين لقرية كفر حارب بالجولان المحتل وكل شيء كان فيها لخزان الماء الوحيد الذي ما زال باقياً والأشجار والطبيعة، حتى حنايا القرى المجاورة ليكاد يحفظها شبر شبر وزاوية زاوية، ما يزيد من تعلقه بالمكان واستخلاص حالات وصفية شعرية لهذه الأشياء؛ حتى الحجارة والصخور حيث لا يخلو ذلك من الشعور بمعاناة القساوة والعذاب والقهر جراء الابتعاد عن هذا المكان خاصة، وبقاء الجولان تحت وطأة الاحتلال الصهيوني، ما يزيد من تخيله والصور البيانية لهذه الموجودات يقول:
أماه أنا الجولان وللشيخ ملحق
احرقوا وجهي يا ليته لم يحرق
حزينة أنا أماه..قيدوا معصمي
مزقوا ثيابي حقداً وشر ممزق
ويعود من جديد ليبني تصوراته في عشق المكان المهجور، متمنياً عودة الديار ومتأكداً من عودتها وتحريرها من يد الغاصبين الصهاينة، قائلاً: إن الجولان سيعود حتماً؛ لأن أبناء الجولان ما زالوا متمسكين بالتاريخ والأرض وسنابل القمح وحبات والزيتون والعنب بالجولان؛ إذ لا خنوع وتنازل عن الأرض
أوصيكم بني لو قضت الأقدار
ورحلنا لجنان الخلد .. راضين
لا تركعوا لا تطبعوا لا عهود لهم
هي أرضِي وعرضِي وقرابيني
قصائد وطنية غلب عليها الحب الممزوج بالوجع
ويضيف سويد: إن قصائد الحب التي كتبت بالوطن الموجود كان لها حظ الغزارة من النشر والكتابة؛ لأن الوطن كما يقول هو جزء من تكويننا وشجوننا كعشاق له، وهناك قصائد وطنية كثيرة غلب عليها الحب الممزوج بالوجع والألم، لما مر به الوطن طوال السنوات السابقة، وحب الوطن يقتضي أن نصرخ في وجه كل من يريد له سوءاً، ويجب أن نحب الوطن في السراء والضراء وفي الشدة و الرخاء يقول:
أماه ،أنا الشام فيحاء .. وجلق
أنا دمشق قلعتي صلاح الدين
سقياي بردى والفيجة .. تدفق
وحاراتي ... مجللة بالياسمين
كذلك لا يخف الشاعر تعلقه بالعروبة والوطن العربي؛ خاصة أنه المنهل لأفكاره والمعين لخصوبة كلماته، ولا سيما فيما يواجهه من أخطار محدقة، وهي حالات لا تخلو من المعاناة والوجع والشعور بهذه البلدان
أعشقك مصر وشعبك الأبي
وأحبك بلاد المغرب العربي
وأعشق عطر
حافظ الشاعر على المعنى عبر اللغة الفصحى
يقول أستاذ اللغة العربية محمد المحمود أن الشاعر خالد سويد من الشعراء القلة الذين يحافظون على المعنى عبر اللغة الفصحى المستخدمة لديه والمعتمدة على أركان الحب والغزل والمعاناة والغربة وغيرها ،حيث تمتاز لغته الشعرية بالعفوية والجدية في إيصال المعنى بأسلوب سهل يتضمن اقتباسات من الموروث الشعبي والشعري والقرآن الكريم وظفها الشاعر في نصه الشعري وعالجها بأسلوبه وفنه لتخرج قصيدته بجمالية متفردة..
أما الشاعر مدين رحال فيرى أن الشاعر سويد أعطى الشعر
هيبة ووقار ونلاحظ أن القصيدة لدية تطلع من خلجات فؤاده وحسه المرهف وخياله الواسع فهو يصنع للشمس من شعره عباءة ذهبية ويزين القمر بثوب أبيض.