يخشى "فائز تلمساني" الحرفي الوحيد في مجال الزجاج المعشق الدمشقي في بلاد الشام والعراق، أن يترك ابنه المهنة التي سبق وأن علمه إياها وعرف أسرارها وخباياها بعد مماته فهي كما يقول: «لا تطعم خبزاً فالإقبال عليه تراجع إلى حد كبير بسبب الأوضاع الاقتصادية من جهة وغلاء أجور اليد العاملة من جهة أخرى لكون العمل يدوياً بالكامل»؟؟!!
هناك في أحد تفرعات شارع "بغداد بدمشق" بجانب مقبرة "الدحداح" تجد السيد "تلمساني" في مكتبه يستقبل الزبائن ممن يرغبون بمنتجه كزخرفة أصبحت نادرة إلى حد كبير، موقع eSyria زار السيد "فائز" ليعرفنا بهذه الحرفة وبالزجاج المعشق الدمشقي وبما يختلف عن الزجاج المعشق العربي؟
الزجاج المعشق الرصاصي وتتألف القطعة من الرصاص والزجاج، الزجاج المعشق الجصي، والزجاج المعشق الخشبي، الزجاج المعشق المعدني /الألمنيوم/
بدأ "التلمساني" حديثه بالقول: «الزجاج المعشق حرفة قديمة يعود قدمها إلى أكثر من/2000/ سنة في "دمشق" وبعض الدول العربية، وقد جاءت التسمية من ترابط مادة الجص مع الزجاج، حيث وصف هذا الترابط بالعشق، نظراً للتماسك والتناغم بين الألوان والجص، أما الألوان فلكل لون رمز فمثلاً: الأحمر يرمز للقوة والشمس مركز كل شيء، الأورانج يرمز إلى الطيف، أما الأخضر فيشير للخير والأشجار، والأصفر للأرض والقمح، والأزرق للسماء والبحر».
ويعزو السيد "تلمساني" سبب كون أغلب نوافذ البيوت الدمشقية القديمة من الزجاج المعشق لما يتمتع به هذا النوع من الزجاج من خواص فيقول: «تمتاز نافذة الزجاج المعشق الدمشقي بأنها عازلة للصوت والحرارة والرطوبة، إضافة إلى ما تضفيه هذه النوافذ لداخل الغرف من مناظر جميلة خلال النهار عبر مرور ضوء الشمس للداخل، وفي الليل ينعكس الضوء من داخل الغرف للخارج فيعطي منظر نافذة جميلة».
ويتحدث السيد "تلمساني" عن تنفيذ الزجاج المعشق وفق ثلاثة أنواع أو أشكال هي: «الخيط العربي وقد بدأ العمل به منذ صدر الإسلام حيث نهى الإسلام عن رسم الأشخاص والحيوانات، وهناك قواعد صارمة للعمل فيه فالدائرة مثلاً يجري تلوينها بحيث يكون وسطها أحمر حصراً، ثم الأورانج فالأخضر ثم الأصفر وأخيراً الأزرق، أما الأشكال المضلعة فتبدأ من المربع وتنتهي بالشكل ذي الـــ ( 18) ضلعاً، النباتي ويشمل الزخارف النباتية من أزهار وغصون، *الهندسي وهو أي شكل مختار دون قاعدة».
ويوضح "فائز تلمساني" أن المعشق الدمشقي يختلف عن المعشق العربي بأنه ذو وجهين متطابقين من قطعة جبصين واحدة ويتم إدخال قطع الزجاج أثناء الصب في القالب، فتكون النافذة ذات وجهين متطابقين، كما أنه يتحمل العوامل الجوية الخارجية بعكس المعشق العربي ذي الوجه الواحد.
أما عن مجالات استخدام الزجاج المعشق: «مجال عمل هذه المهنة هي: النوافذ، المندلون، الحواجز في الصالونات، الساتر/البرفان/ الذي يوضع في الصالونات، اللوحات الجدارية، أسقف مستعارة، كلوبات وثريات، لوحات قرآنية».
أما أنواع الزجاج المعشق فهي: «الزجاج المعشق الرصاصي وتتألف القطعة من الرصاص والزجاج، الزجاج المعشق الجصي، والزجاج المعشق الخشبي، الزجاج المعشق المعدني /الألمنيوم/».
مراحل العمل:
ويحدثنا "تلمساني" عن مراحل صناعة قطعة الزجاج المعشق الدمشق والعربي فيقول: «بالنسبة للزجاج المعشق العربي يبدأ العمل بصب قطعة الجص حسب القياس المطلوب، وبعد جفاف الجص يرسم عليها الرسمة المطلوبة، ثم يجري تفريغ الشكل بواسطة المثقب والنسلات اليدوية، ثم ينظف الشكل ويقلب على الوجه الثاني، وتوضع قطع الزجاج حسب الرسم على الفراغات في الشكل ثم يصب الجص (المريق)/الطري/ على هذا السطح فيملأ المسامات المحدثة بين قطع الزجاج، وبذلك تلتصق قطع الزجاج ببعضها ويلتصق الكل في الجص، وبعد الجفاف يمسح الجص فتظهر قطع الزجاج ونكون بذلك قد أنهينا العمل، وفيما يخص الزجاج المعشق الدمشقي، يُصنع قالب للرسم المطلوب وتكون زوايا القطع للقالب مدروسة للارتفاع الذي ستكون عليه النافذة وبعد انتهاء القالب يجمع ويثبت ويحصر بإطار من مادة الخشب أو أي مادة أخرى ويصب القالب بعد دهنه بالعازل بمادة الجص السائل وينتظر ما يقارب ثلاثين دقيقة ثم يفك القالب وتوضع قطع الزجاج ثم يصب الجص السائل حوله فيملأ الفراغات، ونتابع العمل كما في المعشق العربي».
متفرقات:
*بدأ السيد "فايز تلمساني" العمل في حرفة الزجاج المعشق منذ عام (1964) في مركز الفنون التطبيقية بـ"دمشق".
*سبب تعمير الزجاج المعشق الجصي هو كون الجص مادة ميتة لا تتمدد بالحرارة ولا تتقلص بالبرودة.
*يوجد في "دمشق" خمسة مشاغل للزجاج المعشق العربي، بينما لا يوجد إلا مشغلاً واحداً للزجاج المعشق الدمشقي في "سورية" و"لبنان" و"الأردن" و"فلسطين" و"العراق" هو مشغل "تلمساني" في "دمشق".