لابد لكل من يزور إدلب من أن يأكل من حلوياتها التي أصبحت جزءاً من تراثها وهي "الشعيبيات" وإن لم يفعل فكأنه لم يزرها كما أنه من المتعارف عليه أن يصحبها المسافر معه هدية للأهل والأصدقاء.

هذه الحلويات التي اشتهرت بها محافظة "إدلب" منذ عشرات السنيين يكاد لا يخلو مجلس أو مناسبة إلا وتكون الشعيبيات أول ضيافة تقدم للضيوف لتزين الموائد بشكلها المميز ولونها المميز.

وخلال السنوات الأخيرة انتشرت محلات صناعة الشعيبيات بشكل كبير حتى وصلت إلى كل منطقة وبلدة في إدلب بعدما كانت حكراً على بعض المناطق التي انطلقت منها صناعة هذه الحلويات كمعرة النعمان وأريحا ومدينة إدلب حيث أصبحت مهنة رئيسية ومصدر دخل للكثيرين من أبناء المحافظة ورغم أن صناعتها تكاد تكون واحدة إلا أن البعض تميز وتفنن في صناعة الشعيبيات سواء بالشكل أو بالمضمون كما أصبح هناك منافسة بين محلات صناعتها للتميز والاختلاف عن الآخرين وتقديم شيء مميز.

في أحد محلات الشعيبيات في مدينة "إدلب" والمسمى "شعيبيات أبو يوسف" بحثنا عن تاريخ هذه الصناعة فوجدنا صاحب المحل مصباح شتات الذي حدثنا عنها رغم أنه حديث العهد بها ولم يزاولها إلا منذ (13) عاماً فقط ولكنه كما قال أنه أصبح من أشهر معلمي الصنعة حيث قال: إن تاريخ صناعة الشعيبيات يعود إلى أكثر من /100/عام وكانت تصنع في البيوت حيث يستخدم التنور في عملية الشوي بعد الانتهاء من الخبز عبر إغلاق فوهته وتركها بداخله ثم انتقلت إلى أفران الحجر القديمة التي كانت تصنع الخبز للعامة والتي كانت تعمل على الحطب ثم انتقلت إلى البيرين ثم المازوت وأخيراً أصبح لها أفران خاصة تعمل على الغاز. أما عن تسميتها فهي تعود حسب معظم التوقعات إلى كونها أكلة شعبية يصنعها معظم الناس في بيوتهم وأول من صنعها هم أهل معرة النعمان ثم أريحا ومن ثم مدينة إدلب وهم الذين اهتموا بها واشتهروا بها خاصة مع دخولها في أغلب المناسبات الاجتماعية وتقديمها كنوع من أنواع الضيافة التقليدية أو تقديمها هدية في حال المسافر.

وعن مراحل صناعتها تحدث شتات بشيء من التفصيل وبالمسميات المتعارف عليها عند أصحاب هذه المهنة فقال: "إن مدة صناعة وتجهيز "الصدر الواحد من الشعيبيات" تستغرق حوالي الساعة الواحدة حيث تبدأ بمرحلة تحضير العجين ثم تقطيعه إلى قطع متساوية الحجم تتراوح بين(50-70 )غ .

ثم تأتي مرحلة التسمين وهي وضع السمن في قطعة العجين بعد أن تفتح القطعة بشكل دائري بمساعدة الشوبك الخشبي حيث تقدر السمن الموضوع بكل قطعة بنحو"10" غ حيث تطوى بشكل نصف دائري وتترك لمدة خمس دقائق للراحة وامتصاص السمن.

بعد ذلك مرحلة التوريق وهي لف القطعة بشكل ورق حلزوني وهي التي تعطي الشكل النهائي للقرص. ومن ثم التعبئة أو وضع الحشوة المناسبة ضمن القطعة وهي عادة ما تكون إما القشطة أو الجوز أو الفستق الحلبي ثم تدهن أرض الصينية بالسمن وترتب القطع فيها ويدهن وجهها بقليل من السمن.

وأخيراً مرحلة الشوي ووضع الصينية النحاسية أو كما يطلق عليها (صدر الشعيبيات) في فرن الغاز لمدة( 30-40 ) دقيقة وبدرجة حرارة بين(150- 180) ومن ثم تخرج من الفرن ويرش عليها قطر السكر حسب الرغبة وتصبح جاهزة للأكل.

وأنواع الشعيبيات حسب الحشوة فهناك شعيبيات بالقشطة وبالفستق الحلبي وبالجوز وأخيراً تم ابتكار صنف جديد هو باللحمة والمكسرات". وقال: "إن ما تمتاز به الشعيبيات عن غيرها من الحلويات أن استهلاكها في كل الأوقات وليس محصوراً بفصل الشتاء مثل بقية الأنواع بل على العكس يقل استهلاكها في الشتاء ويزداد الطلب عليها في الصيف وأيضاً تمتاز أن محل صناعتها وبيعها يكون على الغالب لهذا النوع من الحلويات فقط ولا يحوي أنواع أخرى".

وعن أهم التعديلات والتحسينات التي طرأت على هذه الصناعة قال شتات: " أن صناعتها كانت يدوية بكل شيء ثم بدء إدخال الآلة إلى مراحل صناعتها حيث أدخلت العجانة و القطاعة الكهربائية وفرن الغاز بدلاً من التنور في حين لا تزال بقية الأعمال تنفذ بشكل يدوي وخاصة عمليتي الرق والتسمين".