الشاعر الدكتور "علي حسن".. الكلمة كالجنين لا يمكن ولادته إلا في حينه

«الشعر نسيج وثوب من كلمات موزونة ومقفاة، والكلمة "أم بتول" كفاطمة والعذراء ولا تقبل إلا أولادها ولا يحبها إلا عشاقها». بهذه الكلمات الجميلة أجاب الشاعر الدكتور "علي حسن" على سؤالنا له عن رؤيته للشعر اليوم، وعن نصيحة خاصة يقدمها لجيل الشعراء الشباب ويتابع قائلاً: «من يدعي أن الكلمة أمه فليكن في كنف الكلمة لذا فالشاعر قليل وأصحاب الكلمة قلّة وعشاقها كذلك وأنا أراهم أندر مما يتصور الناس فالشاعر الحقيقي لا يحتاج إلى توصية ولا تلزمه والدته بالوفاء لأنه محكوم وعبد لكلمته وشعره فهو لا يستطيع أن يكتب الشعر كما يريد بل يكتبه الشعر كما يريد الشعر وكما تريد الكلمة فالكلمة كالجنين الذي لا تستطيع الأم ولادته إلا في حينه».

وعن العلاقة بين الطب والشعر تحدث الدكتور "علي حسن" خلال لقاء أجراه معه eTartus بتاريخ 29/12/2008 حيث قال: «إن المسألة لا تتعلق بهما وإنما هي مسألة الرجل المتفوق الذي يجمع في ذاته ذواتاً وفي شخصيته أشخاصاً كالبستان الذي يضم جميع أنواع الثمار فالتفوق يتوجب وجود الإباء والعلو والسيادة فلا عبودية إلا للحب، والمتفوق عبد المحبة وهو سيد كل الشهوات لأنه يهزم بشهوة العقل شهوات الجسد».

وعن نشأته الشعرية يقول: «في العشرين من شهر آب في العام (1992) كان عمري وقتها (42) عاماً وشهرين بالتمام والكمال، وبينما كنت جالساً على الكرسي وفي يدي كتاب، نظرت إلى السماء فظهر ضوء القمر بدراً بوجهي أحسست بأن هذا الضوء أنام فيَّ ضوء الشمس، فأيقظني وكانت ولادة أول قصيدة لي في حياتي وتذكرت حينها أن الله نور السموات والأرض وأنه حيثما وليتم فثّم وجه الله فكتبت:

هذا سنا أم صورة الرحمن/أم وجه أهيف مثل غصن البان

الليل والصبح به متفرداً/ في جمع ماء الوجه بالنيران

راح تسيل بكفة فتضيئها/ نور على نور بسبع متاني

راح بكأس تعتلي كف الهدى/ مشكاتها من كوكب الرحمن

وعن مشاركاته الأدبية والشعرية يقول الشاعر: «شاركت في أغلب المهرجانات الوطنية في التسعينيات وأوائل القرن (21) كما شاركت في الكثير من الأمسيات الشعرية في المحافظة و"حمص واللاذقية ودمشق" لكن المؤلم في الشعر هو قلة شعبيته وعزوف الناس عن الأدب ومنه الشعر فالحضور قليل في كل المراكز الثقافية في جميع أنحاء القطر».

وعن الأجناس الأدبية التي يكتب من خلالها الشاعر وما يفضله منها يقول: «أكتب الزجل والشعر والنثر والأجمل هو الزجل والأمتن والأسمى هو الشعر والأكثر سهولة هو النثر ولكنني أفضل الشعر على هذه الأنواع كلها بالرغم من أن بداياتي كانت مع النثر». ويضيف: «من الكبار الذين كنت طبيبهم الخاص هو الشاعر الكبير "نديم محمد" الذي كان يسميني الابن الروحي له وكان يعتبرني شاعراً صوفياً رقيقاً في عصر غابت عنه الصوفية التي اعتبرها الشاعر الكبير جزءاً من الماضي بينما أراها الآن موجودة برداء حديث حيث تسيطر على الروح أكثر وتترجمها الروح أكثر فالصوفية هي هجرة النفس بالإنسان إلى جبل الإباء بعيداً عن مستنقعات الدنايا».

وعندما سألناه بمن تأثرت من الشعراء قال: «أنا أكتب الشعر الوجداني والصوفي الغارق في ما يسمى "الغنوصية" أو الرمزية العددية والتأويلية فالكأس والخمر والأطلال والمرأة كلها تعني لي أشياء أخرى تشير إلى عظمة الخالق الذي قيل أنه أول ما خلق العقل والكلمة لذلك فقد تأثرت بشعر "أبي النواس" و"أبي تمام" و"محيي الدين بن عربي" و"عمر بن الفارض" و"الحسن ابن مكزون"».

أما أعمال الشاعر الأدبية فهي عبارة عن خمسة دواوين شعرية تحمل عناوين "كأس وسنابل" و"وتكتب العيون" و"الجار والمجرور" و"ظلال الروح" و"ما وراء الحرف" ويتميز شعره بالوجدانية والوطنية والصوفية والرمزية، ولدى الشاعر أيضاً عدد من الكتب النثرية التي لم تنشر لأسباب خاصة بالشاعر الطبيب ومنها: كتاب "قال لي" وكتاب "زهور حطة ورجال المحطة" وكتاب "طوق الطارق".

أما الكلمة الأخيرة التي أراد الشاعر أن يختم بها لقاءنا به فهي الإشارة إلى استيائه من معاملة من قدم لهم خدمات كبيرة في السابق وتناسوا اليوم معروفه حتى إنهم نسوه فقال كلمته الأخيرة في الأبيات التالية:

ربّ خذني فليس لي في الأرض شيء/ أبتغيه إني من الغرباء

عشت والناس صاحبي وخليلي/ بل وأهلي وخلّص الأصدقاء

إن تضرعت بالحليب فأهلاً/ أو تمالأت للورى كإناء

صحبة هم ما دام ضرعي ولكن/ جففوه وأنكروا لي عطائي

وتجافوا وعاقروني عداء / هل تساوى عداءهم بوفائي

يا إلهي إن كان عندك أهل/ مثل أهلي ياخيبتي وحيائي

ياغريباً في أهله وذويه/ لاتعاتب فالكهف للغرباء

ونشير إلى أن الشاعر عضو في اتحاد الكتاب العرب ويعمل طبيباً في مديرية صحة "طرطوس" منذ العام (1978) كما عمل مديراً للمعهد الصحي بـ"طرطوس" أيضاً مدة خمسة عشر عاماً وهو متزوج وله أربعة أبناء؛ صبيان وبنتان اتجهوا جميعاً لتحصيل الشهادات الجامعية العليا من دكتوراه في المعلوماتية وطب الأطفال واختصاص الداخلية والهندسة المدنية.