لا يتأخر أهالي "جبل العرب" في دفن موتاهم، بل يجرون لهم مأتماً ويدفنونهم غالباً في نفس اليوم الذي تحصل فيه الوفاة.
والعادة درجت على دعوة القرى المجاورة أو قرى "المقرن"؛ وأحياناً كلها حسب منزلة الفقيد، وكان المأتم الرسمي هو يوم الأسبوع لا يوم الوفاة، وفيه تنصب الخيم الكبيرة لتقي المستقبلين والمعزين من الشمس والمطر.
إن الحاكم العسكري الفرنسي "كارابييه" ألغى حفلات الأسبوع في الجبل لأنها كانت إحدى مصادر التلاقي والمشاورات والاتفاقيات التي يرسمها زعماء الجبل ضد دولة الاحتلال، وفي هذه الأيام اقتصر الأسبوع على ثلاثة أيام في أغلب قرى الجبل، وتغيرت الكثير من العادات نظراً لتطور الحياة وتغير الظروف
حيث توجه الدعوة للأسبوع باسم العائلات وشيوخها الذين يعلمون بدورهم أفراد عشيرتهم أو بلدتهم ويترأسونهم في تقديم التعازي، فهم يؤمنون بضرورة المساهمة فيه، لأن ذلك واجب إنساني مفروض على الجميع، ومتبادل بينهم وأي تقصير في الواجبات الاجتماعية يتعرض للنقد مثل التقصير في المشاركة بواجب مواساة أهل الفقيد وتعزيتهم بمصابهم.
يقول الشيخ "نسيب هنيدي" لموقع eSuweda يوم الخميس 22/1/2009: «في المأتم يقف المعزون في صف مستقيم مقابل أهل الفقيد، الذين يقفون في صف مستقيم أو هلالي ويقولون: "خاطرنا عندكم" فيرد أهل الفقيد "سلم خاطركم"، أو "تبقى حياتكم"، ويتابع المعزون بالقول: "عزّ علينا"، فيرد عليهم أهل الفقيد "يسلّم من تعز" أو "يرحم من تعز"، ويتابع المعزون العبارات المعتادة في مناسبات كهذه إلى أن يعدد أحد الأعيان من المعزين بعض مناقب الفقيد بالإشارة إليه بكلمات موجزة وبليغة، وبالنصائح لآل الفقيد بضرورة الصبر على المصاب والرضا والتسليم بما قدر الله، بعد ذلك يقوم كبير المعزين بالسلام على الجميع من مكانه، ومن العادات المتوارثة إلى الآن عدم قيام المعزين بالمصافحة مكتفين بالسلام من بعيد، وتبقى النساء في المأتم إلى جانب الجنازة إلى أن يتم الدفن، ويترددن في كل يوم وطوال أسبوع كامل إلى دار الفقيد لمواساة النساء من أهله، وكانت العادات مختلفة كثيراً قبل حوالي السبعين سنة من الآن حيث يقوم أهل القرية بدعوة المعزين للضيافة وأكل الغداء لأنهم يأتون مشياً أو على الخيول من قراهم وقد هدهم التعب، إلا رجال الدين الذين يمتنعون عن الأكل حتى لا يخسرون أجرهم عند الله، ولا يأكل أهل الفقيد في منزلهم لقيام أهالي القرية بإطعامهم طوال الأسبوع، وفي اليوم السابع اليوم الرسمي لتأبين الميت تجتمع الوفود المعزية وبنفس طريقة اليوم الأول، غير أن آل الفقيد يقومون بإطعام كل الوفود التي حضرت لمشاركتهم مصابهم».
يقول الشيخ "كميل نصر" لموقعنا: «إن الحاكم العسكري الفرنسي "كارابييه" ألغى حفلات الأسبوع في الجبل لأنها كانت إحدى مصادر التلاقي والمشاورات والاتفاقيات التي يرسمها زعماء الجبل ضد دولة الاحتلال، وفي هذه الأيام اقتصر الأسبوع على ثلاثة أيام في أغلب قرى الجبل، وتغيرت الكثير من العادات نظراً لتطور الحياة وتغير الظروف».