على ارتفاع يقارب 1000 متر عن سطح البحر تتوسط "قلعة القدموس" منطقة تضم عدة قمم في جهات متفرقة، وما يميزها عن القلاع الأثرية أنها مكونة من صخرة طبيعية، ويمكن لزائريها الوصول إليها عن طريق باب في جهتها الشرقية.
البوابة الرئيسية التي يصل إليها درج حجري مع أجزاء من الأبراج والسور الذي أقيمت عليه الأبنية الحديثة بالإضافة إلى قاعة "سنان راشد الدين" هي كلّ ما تبقى من بناء القلعة القديم، أما على سفوحها فيوجد بنائين قديمين هما الجامع والحمام. منذ عدة سنوات تعرضت القلعة لانهيارات صخرية بسبب طبيعة صخورها المؤلفة من طبقات مختلفة، وللتعرف على الإجراءات المتخذة بهذا الشأن والوضع الحالي للقلعة توجه "موقع طرطوس" بتاريخ 13/8/2009 إلى الجهات المعنية ممثلة ب"دائرة آثار طرطوس" و"مديرية الخدمات الفنية".
اقتصر تدخل الدائرة على المعالم الأثرية في القلعة، حيث أعدّت دراسة ترميمية لباقي المباني الأثرية ضمن "قلعة القدموس" ونفذت من خلال فاتورة نظامية بقيمة تقريبية 200,000 ل.س. عام 2006 م
المهندس "مروان حسن" رئيس "دائرة آثار طرطوس" شرح لنا عن ملف القلعة الأثري فقال: «سجّلت "قلعة القدموس" على قائمة التراث الوطني لأول مرة بموجب القرار 136/آ لعام 1976 م بحيث يمنع البناء على الأراضي المحيطة بالقلعة وتخضع للترخيص من السلطات الأثرية. أعيد تسجيلها بموجب القرار 238/آ لعام 2007 م، حيث تم تحديد حدود القلعة بدقة مع حدود الحماية والمقسّمة إلى ثلاث شرائح بهدف حماية القلعة ومحيطها الطبيعي والنسيج العمراني المجاور لها، وبحيث تضمّن القرار الشروط اللازمة لكل شريحة على حدا بما يحافظ على القلعة ومحيطها».
وعن دور الدائرة في عمليات الترميم خلال السنوات القليلة الماضية أوضح قائلاً: «اقتصر تدخل الدائرة على المعالم الأثرية في القلعة، حيث أعدّت دراسة ترميمية لباقي المباني الأثرية ضمن "قلعة القدموس" ونفذت من خلال فاتورة نظامية بقيمة تقريبية 200,000 ل.س. عام 2006 م».
وأضاف: «تضمّنت أعمال هذه الفاتورة ترميم واجهة المدخل الحجرية وأعمال ترميمية لدرجات المدخل وتقبيب الجدران من الأعلى وتنفيذ كحلة تقليدية للواجهات مع نكش الفواصل بين الحجارة. ولاحقاً تم إعداد دراسة ترميمية بقيمة 900,000 ل. س. تتضمن ترميم المقام (المزار) وكذلك الأقواس الحجرية الواقعة تحت درج القلعة وأماكن عديدة أخرى في القلعة. وقد أجّل تنفيذ هذه الدراسة لحين انتهاء "مديرية الخدمات الفنية" من أعمال الترميم الخاصة بالجرف الكامل للقلعة، نظراً لخطورة التدخل في الموقع قبل تدعيم الجرف الصخري الكامل للقلعة والمقام».
انهيار عدد من الكتل الصخرية منذ عدة أعوام كان سبب تدخل "مديرية الخدمات الفنية"، وهناك أوضح لنا د. "أنيس معوض" رئيس قسم الدراسات عن الإجراءات المتخذة للحد من هذه الانهيارات ومنع حدوثها مستقبلاً: «قبل حوالي ثلاث سنوات حصل انهيار كتل صخرية على المنازل إضافة إلى وجود كتل مفككة ومهددة بالانهيار. تم القيام بإخلاء المنازل المعرضة للصخور جراء الانهيارات، كما تم إجراء دراسة لتحديد أسباب الانهيار وتنفيذ تدعيم للكتل الصخرية ولحماية الآثار المتبقية من القلعة وذلك بتكليف من قبل رئيس الوزراء، حيث تم تكليف مكتب هندسي استشاري بإعداد دراسة مع تنفيذ».
الصخرة التاريخية القديمة أكثر متانة من أيّ وقت مضى على حد تعبيره، فأعمال تدعيم القلعة لم تكن تحتمل أيّ تأجيل من أجل حماية المنازل الموجودة على السفوح المجاورة وللأهمية الأثرية للقلعة، فكان البدء بالإجراءات العملية التي قال عنها: «تمت المباشرة سريعاً بالدراسة يواكبها التنفيذ، حيث حددت أسباب الانهيار ووضعت حلول التدعيم، والأسباب هي نتيجة تواجد طبقات غضارية بين الطبقات الصخرية التي تميل بزاوية كبيرة بالإضافة إلى العوامل الجيولوجية والتعرية، ما أدّى إلى انزلاق في الطبقات وانهيارات في الكتل الصخرية. وقد لحظت الدراسة تثبيت الكتل الصخرية وتحقيقها على عدم الانهيار في حال حدوث هزة أرضية، واستغرقت مدة التنفيذ بحدود سنتين بسبب وعورة الطرق المؤدية إضافة إلى ضرورة تنفيذ الأعمال بشكل متسلسل وكانت الكلفة حوالي 30 مليون ل. س».
البيوت القليلة المبعثرة ما تزال قائمة في القلعة وتظهر عليها علامات الترميم أو إعادة البناء، وفي أحدها كان بانتظارنا "معين سليم" الذي أرشدنا إلى المقام القريب وقال: «كانت "القدموس" القديمة تبدأ من "باب السور" وتنتهي في "بيدر الرمل" وهو أقدم جزء فيها، ويعد الإمام "سنان راشد الدين" زعيماً روحياً للمنطقة، حيث تعاون مع "صلاح الدين" لإجلاء الصليبيين. يوجد هنا ضريح له وعمره يقدر بحوالي 900 عام أي من عمر الجامع وباب القلعة، وتوجد في القلعة تسعة بيوت يصل عمر بعضها إلى 200 عام وقد تكون بعمر المقام ولكنها تعرضت لإضافات وترميم عدة مرات».