مع حلول النصف الثاني من شهر "أيلول" من كل عام ومع أول زخات المطر الخيرة التي تروي عطش الأرض بعد صيف حار يبدأ موسم الخير الذي ينتظره الفلاحون في قرى الساحل السوري بفارغ الصبر حيث يجتمع أبناء الأسر للمساهمة في عملية قطاف الزيتون.
ولهذا الموسم تحضيراته الخاصة يخبرنا عنها السيد "رمضان شدود" من أهالي قرية "خربة السناسل" في ريف مدينة "بانياس" الذي التقيناه بتاريخ "18/10/2009" الذي قال:«لابد من تنظيف الأرض تحت أشجار الزيتون قبل عملية القطاف حيث نقوم بإزالة الأعشاب والأوساخ والحجارة وغيرها كما نقوم بتحضير الأدوات الأخرى المساعدة للعمل مثل "السيبة" لنتمكن من الوصول إلى كافة الثمار في أعلى الأشجار ونحضر المدات التي نفرشها تحت الشجرة كي يتساقط عليها الزيتون من أعلى الشجرة حتى لايتأذى وتسهل عملية جمعه عن الأرض إضافة إلى تحضير الأكياس الخاصة لتعبئة الزيتون».
نستيقظ في الصباح الباكر قبل ظهور أشعة "الشمس" ونبدأ بتقسيم المعدات على الأشخاص وننطلق إلى حقل الزيتون وعند الوصول نفرش "المدات" تحت كل شجرة وبسم الله يبدأ العمل
وقت خاص للقطاف لابد من الالتزام به حسب قوله:«يفضل أن يتم قطف الزيتون بعد أن تشرب الأرض أي بعد سقوط الأمطار عليها لتشرب حبات الزيتون وتنضج بشكل أكبر إضافة إلى أن المطر ينظف الأشجار من الغبار التي تزعج أثناء القطاف».
تحضيرات ليوم القطاف تبدأ من المساء تخبرنا عنها السيدة "فاطمة شدود":« نجهز الماء البارد و"الزوادة " وهي طعامنا الذي سنتناوله حيث نقوم بتجهيز أنواع معينة من الأطعمة التي يحلو أكلها في البرية وغالباً ما تكون من "الحواضر" مواد متوفرة في المنزل الريفي بشكل عام لا تحتاج إلى فترات طويلة لإعدادها مثل "البيض" المسلوق و"البطاطا" المسلوقة وحبات "البندورة" و"المكدوس" و"الخيار" وبعض "الزيت" و"الملح" و"الخبز"».
بداية العمل مع بزوغ الفجر في مراحل متتالية يرويها لنا السيد "عزيز محمد":« نستيقظ في الصباح الباكر قبل ظهور أشعة "الشمس" ونبدأ بتقسيم المعدات على الأشخاص وننطلق إلى حقل الزيتون وعند الوصول نفرش "المدات" تحت كل شجرة وبسم الله يبدأ العمل».
لتوزيع العمل دور كبير في إنجازه يخبرنا عنه السيد "عبدو بدور":« نقوم بتقسيم العمل فيما بيننا فهناك من يقف على "السيبة" والأخر على الأرض وعلى الجوانب ونقوم بإسقاط الثمار على قطع النايلون وتقوم أحدى الأخوات بجمع الثمار وتنقيتها من الأوراق ووضعها في الأكياس».
«ومع اقتراب زوال "الشمس" ونهاية اليوم الحقلي يكون العمل اليومي قد انتهى فنجمع الأكياس الممتلئة بالثمار ونعود إلى منازلنا ونترك بقية الأغراض تحت شجرة الزيتون للعمل بها في اليوم التالي».
للزيتون استعمالات أخرى غير استخراج الزيت منه حسب قول السيدة"ليلى عبدالله" :«حيث تقوم الأمهات في العادة بتنقية أجمل الحبات وأفضل الأنواع لتقوم "برصها" أي استخدام قطعة خشبية لها رأس كبير على شكل المطرقة ويد لتمسك بها ونضرب على كل حبة زيتون ثم نضعها في الماء مدة ثلاثة أيام ونغسلها ونضيف لها الملح والليمون الحامض والزعتر الجوي والفليفلة وتقدم على وجبات الفطور في الساحل كما يمكن صنع نوع من الصلطة منها نسميه صلطة الزيتون ».
موسم الزيتون يختلف من عام لآخر وهذا أمر عرف منذ القدم حيث يقول الجد "محمود شدود":«من المعروف لدى الجميع أن الزيتون يحمل سنة ويمحن في السنة القادمة وفي هذه السنة لم تكن الحمول كبيرة لذلك كان الموسم ضعيفاً وستضطر عائلات كثيرة لشراء الزيت لتأمين مونتها من هذه المادة التي تعتبر المكون الأساسي لكافة أنواع الأطعمة لدينا».
ويضيف:«هناك من يفضل سلق الزيتون قبل عصره حيث نقوم بوضعه في أوعية خاصة ونضعه على النار ونفرشه على السطح ونحركه يومياً حتى ينشف ثم نأخذه إلى المعصرة ويعتقد أن هذه الطريقة تساهم في استخراج كمية أكبر من الزيت كما أن للزيت المسلوق رائحة شهية ونكهة مميزة عن الزيتون الذي يعصر بدون سلقه».