يعتبر الجامع الكبير في مدينة "معرة النعمان"، تحفة أثريّة ومعماريّة رائعة، فقد ظلّ موقع الجامع مكاناً للعبادة منذ آلاف السنين، حيث كان معبداً وثنياً، وفي القرن /الرابع/ الميلادي أصدر القائد الروماني "قسطنطين" قراراً بتحويل كل المعابد إلى كنائس، فأصبح "الجامع الكبير" بذلك واحداً من أهم الكنائس الكبيرة التي انتشرت في ربوع سورية.
وعندما فتح المسلمون "معرة النعمان" سنة /637/ للميلاد بقيادة "أبو عبيدة بن الجراح"، تحولت كنيسة "معرة النعمان" العظمى إلى جامع سمي بـ"الجامع الكبير"، وأبرز ما يميّز الجامع مئذنته المربعة الباسقة في السماء، والتي ترتفع في زاوية الجامع الغربية الشمالية، وتعتبر من أجمل المآذن الإسلامية.
تتكون المئذنة من ستة وصلات، ولكل وصلة زخرفة خاصة، وفي كل وصلة 4 نوافذ من الجهات الأربع، متساوية في الشكل والحجم، ونوافذ كل وصلة مخالفة لنوافذ الوصلات الأخرى من حيث الزخرفة والحجم، وفي أعلى المئذنة (درابزون) من حجارة كبيرة، يحيط بأطرافها الأربعة
موقع eIdleb زار "الجامع الكبير"، والتقى رئيس دائرة آثار"المعرة" الأستاذ "غازي علولو" ليحدّثنا عن تاريخ هذه المئذنة، وطرازها المعماري.
يقول "علولو": «ليس ثمّة اتفاق على تاريخ بناء هذه المئذنة، فقد رأى أحد الفرقاء أنها تعود إلى سنة /1036/ م، ورأى "هرزفلد" أنها من بناء "نور الدين محمود زنكي"، أما "كرزويل" فيرى أن بناءها كان بعد نصف قرن تقريباً من عهد "زنكي"، ولكن المرجح أن باني المئذنة هو الذي بنى المدرسة "الشافعية" سنة /1079/ م، وهناك كتابة على بلاطة الحافة العليا للمئذنة، تشير إلى تاريخ بناءها عام /575/ هجري- /1079/ م على يد "قاهر بن علي بن قانت"، بالإضافة إلى كتابتين تشيران إلى الترميم الذي جرى للمئذنة سنة /909/ هجري».
وعن الطراز المعماري للمئذنة يقول رئيس دائرة آثار "المعرة": «تتكون المئذنة من ستة وصلات، ولكل وصلة زخرفة خاصة، وفي كل وصلة 4 نوافذ من الجهات الأربع، متساوية في الشكل والحجم، ونوافذ كل وصلة مخالفة لنوافذ الوصلات الأخرى من حيث الزخرفة والحجم، وفي أعلى المئذنة (درابزون) من حجارة كبيرة، يحيط بأطرافها الأربعة».
ويختم "علولو" حديثه بالقول: «وفي أطراف المئذنة من جهاتها الأربعة حجارة بارزة على قدر متساو، كالخطوط العريضة من أدناها إلى أعلاها، وتفصل كل وصلة عن الأخرى بمثل هذه الحجارة، ارتفاع كل وصلة من وصلات المئذنة /3.8/ متر، وقد دخلت إحدى الوصلات الأرض، فيكون ارتفاع المئذنة الحالي حوالي تسعة عشر مترا، تحتوي إحدى الوصلات على بلاطات، وفي وسط إحدى البلاطات رمز الصليب ضمن دائرة، كما هو شائع في الكثير من أوابد المنطقة».