«يعد بناء المخفر العثماني الدائم في "الرقة"، "القره قول" (المخفر الأسود) بحدود عام /1860/م، بداية نشوء "الرقة" الحديثة، ومن كلمتي "القره قول"، أخذت كلمة "القول" تسمية لأهل قرية "الرقة" الأولى الحديثة، والتي أصبحت ركام مدينة يلزمها الكثير من الإدارة والحزم، والتمتع بالحس العام، لتصبح بمقاييس المدينة الحديثة.
حتى عام /1961/م كانت المدينة تتموضع داخل السور وجنوبه، وتشغل نسبة /70%/ من المساحة داخل السور، لأن الأجزاء الشمالية من المدينة داخل السور خالية من المباني، وهي أملاك بلدية (خربة)، والأجزاء الجنوبية من المدينة والمكونة من مبانٍ بطابق واحد، محدودة بشارع "القوتلي" شمالاً، وشارع "هشام بن عبد الملك" جنوباً.
في عام /1984/م تم ربط منطقتي مقر "حوض الفرات" و"التعمير" بالمخطط التنظيمي، وُنفذت مجموعة طرق محورية، ومحيطية في المدينة، وهي شارع "الباسل"، "الكورنيش" الجنوبي المحاذي للنهر، المحلق الذي يحد "المشلب" من الشرق باتجاه معمل السكر، الشارعان الموازيان للسكة جنوباً، والممتدان من محطة القطار، وحتى حوض "الفرات". كما تم تكملة الشارع وفق محور جسر "المنصور"، وشارع "المتحف" باتجاه النهر، والشارع الممتد من باب "بغداد" باتجاه النهر أيضاً، كذلك المحلقان الداخلي والخارجي للسور، وأُنجزت في ذات الفترة عدد من الحدائق، منها "الرشيد"، "السابع من نيسان"، "الجلاء"، "البجعة"، "الأطفال"، وأُنجز أيضاً دوار ساحة "السيد الرئيس" و"البتاني"، وساحة الشهيد "حسين جاهد"، وأُنيرت معظم الشوارع الرئيسية في المدينة، ومدخلي المدينة الشمالي والجنوبي، وشارع "قصر الطلائع"، وتم تنفيذ إنارة تزيينية لـ"باب بغداد" والجامع القديم"
وغرب السور يقع ما كان يُعرف بحي "الشراكسة"، وإلى الغرب منه ثكنة عسكرية، بناها المحتل الفرنسي، وإلى الشمال منها مطار عسكري بسيط في حينه، وشرق السور تقع مقبرة "أويس القرني"، وهي مقبرة المدينة الرئيسية، والتي نقلت لاحقاً إلى المقبرة الواقعة في موقع "تل البيعة"، وإلى الشمال منها أراضٍ زراعية خالية (نكيب)، لاحقاً أصبحت المنطقة الصناعية القديمة، و"المختلطة" والجزء الشرقي من "الرميلة"، وإلى الشرق من مقبرة "أويس"، قرية "المشلب"، وضمت لاحقاً إلى المدينة، ونفذ طريق محلق يحدها من الشرق والشمال، سمي طريق "توتول"، نسبة إلى كبير الآلهة في موقع "تل البيعة"، في الحضارات الطينية القديمة».
بهذا الوصف يستهل المهندس "علي المصطفى الحسن"، رئيس مجلس مدينة "الرقة" الأسبق حديثه لموقع eRaqqa بتاريخ (11/11/2009)، وهو يتحدث عن مدينة "الرقة"، منذ إنشاء المخفر العثماني، وصولاً إلى أول حالة تنظيمية للمدينة.
وعن المخطط التنظيمي الأول، الذي وُضع لمدينة "الرقة"، يقول "الحسن": «في أواخر عام /1961/م كُلف مكتب هندسي إيطالي بوضع مخطط تنظيمي للمدينة، وأُنجز في بداية عام /1962/، وعُرف بمخطط "كواس"، وكان رائعاً في محافظته على مناطق الآثار، والإبقاء على الوضع الراهن داخل السور، ونظم المنطقة الشمالية الغربية لشوارع رئيسية محورية، والسكن يطل على ساحات داخلية بعيدة عن ضجيج الشوارع الرئيسية، مع حدائق ومسطحات خضراء بنسب جيدة، تعوض النقص في الحدائق داخل السور.
وكانت سكة الحديد في مخطط "كواس" تدخل إلى المدينة، قادمة من "حلب" باتجاه دوار الشهيد "حسين جاهد"، ثم تخرج باتجاه الشمال والشرق إلى "دير الزور"، واهتم المخطط بالقسم الغربي من محور شارع "تل أبيض"، حيث وضع المراكز الإدارية (المجمع الحكومي، البلدية، المستشفى الوطني، الفندق السياحي).
والمخطط لم يفرض نمط مساكن معين، بل أخذ بالاعتبار وضع السكان المادي المتدني في حينه، كما أنه عانى من وجود السور، والحفاظ عليه، فلم يستطع وضع شوارع تمتد من الشرق إلى الغرب مخترقة السور إلاّ في المواقع التي تهدم السور فيها، وهذه المشكلة استمرت كمعضلة أساسية في المخطط التنظيمي للمدينة، ولم تُحل حتى الآن، رغم إمكانية وجود الحل، كما أن الجزء الغربي من السور و"الكلّة" في الزاوية الجنوبية الغربية من السور هدما بمعاول الفساد والجهل والمحسوبية في البلدية بوقت مبكر.
وبعد إنجاز مخطط "كواس"، وُضع على الرف، ولم يُؤخذ به، وانتشرت المخالفات والتجاوزات، أي أنه هُدم بنفس المعاول التي أشرنا إليها سابقاً، إلاّ أن المجلس البلدي العتيد غلّفها بعبارة مخملية يبقى المخطط توجيهياً».
وعن المراحل التنظيمية التي أعقبت مخطط "كواس" التنظيمي، يتابع "الحسن" حديثه، قائلاً: «في عام /1973/ فرزت مهندسة من حوض "الفرات" إلى الدائرة الفنية في البلدية، وهي المهندسة "سلوى محبك"، مختصة بالمباني الريفية، وتخطيط المدن، وتم تنظيم منطقة "التوسعية" من قبلها، حتى مقر حوض "الفرات"، و"التعمير"، وألغي موقع قناة الري، جنوب خط السكة الحديدية.
في بداية عام /1983/ أنجزت الوحدة الهندسية بجامعة "دمشق"، بتكليف من محافظ "الرقة"، مخططاً تنظيمياً للمدينة لثلاث مناطق سميت (أ . ب .ج)، وكان المخطط كتلياً بالنسبة للمنطقتين (ب . ج)، وتفصيلياً في (أ)، ولكنه أيضاً أولي، وغير تنفيذي، حيث أنه لم يتناول المناسيب، والمقاطع الطولية والعرضية للشوارع.
بعد تطبيق الإدارة المحلية على بلديات الدرجة الثانية في مراكز المحافظات، ومنها بلدية "الرقة"، أنجزت البلدية مخططاً تنظيمياً لمناطق الوضع الراهن، والتي كانت تشكل جيوب مخالفات ضمن المخطط التنظيمي، وهي منطقة جنوب شارع "هشام بن عبد الملك"، والمثلث الواقع بين (أ) و(ب)، و"دار المحافظة"، وكذلك المثلث الواقع بين شارعي "تل أبيض" ومحطة القطار.
وفي نفس العام أنجزت البلدية بمساعدة فريق عمل من وزارة الإسكان، المخطط التنظيمي لمناطق "الرميلة" و"المشلب"، و"المختلطة"، مع مسح وضع راهن للمناطق الثلاث».
ويختتم "الحسن" حديثه حول وضع مخططات مدينة "الرقة"، قائلاً: «في عام /1984/م تم ربط منطقتي مقر "حوض الفرات" و"التعمير" بالمخطط التنظيمي، وُنفذت مجموعة طرق محورية، ومحيطية في المدينة، وهي شارع "الباسل"، "الكورنيش" الجنوبي المحاذي للنهر، المحلق الذي يحد "المشلب" من الشرق باتجاه معمل السكر، الشارعان الموازيان للسكة جنوباً، والممتدان من محطة القطار، وحتى حوض "الفرات".
كما تم تكملة الشارع وفق محور جسر "المنصور"، وشارع "المتحف" باتجاه النهر، والشارع الممتد من باب "بغداد" باتجاه النهر أيضاً، كذلك المحلقان الداخلي والخارجي للسور، وأُنجزت في ذات الفترة عدد من الحدائق، منها "الرشيد"، "السابع من نيسان"، "الجلاء"، "البجعة"، "الأطفال"، وأُنجز أيضاً دوار ساحة "السيد الرئيس" و"البتاني"، وساحة الشهيد "حسين جاهد"، وأُنيرت معظم الشوارع الرئيسية في المدينة، ومدخلي المدينة الشمالي والجنوبي، وشارع "قصر الطلائع"، وتم تنفيذ إنارة تزيينية لـ"باب بغداد" والجامع القديم"».