ما تزال الحلول المرورية في مجلس مدينة "بانياس" تسير في اتجاه واحد لا تراجع عنه؛ فبعد تغيير حركة وسائل النقل في شارع "ابن خلدون" المؤدي إلى المدينة لتقتصر على القادمين إليها فقط؛ يبدو المجلس أكثر تمسكاً وقناعة بضرورة تنفيذ هذا الإجراء، بعد عام على تدخل شرطة المرور؛ حين تم إغلاق نفس الاتجاه لمدة أسبوع.
بحسب جولتنا في هذا المقطع الذي يمثل شارعاً رئيسياً، وتقع بالقرب منه مدرسة "ابن خلدون"؛ إحدى أقرب المدارس إلى مركز المدينة؛ فالعديد من المحال التجارية تعتمد على مرور وسائل النقل، وعلى الرغم من كونه أحد أكثر الشوارع المؤدية إلى المدينة ازدحاماً، فأغلبية التجار يؤيدون عودة الأمور إلى طبيعتها وتنقل وسائل النقل في كلا الاتجاهين.
تأثير قطع حركة السير في أحد الاتجاهين بالنسبة لنا كان أقل من تأثيرها على التجار، لكن بشكل عام سنجد صعوبة أكثر في الوصول إلى عياداتنا والمرضى كذلك، ومن المحال التي تأثرت عدة صيدليات في الجهة المقابلة على طول المقطع الذي يقارب 400 متر، ونقترح أن يجدوا حلاً بديلاً، مثل اقتطاع جزء من الرصيف من كل جهة، وليس هناك من يعارض ذلك
"محمود لولو" هو صاحب أحد محلات الأحذية الذين التقيناهم في هذا المقطع الأقرب إلى مركز المدينة، والحال لديه قد تغير كثيراً بحسب قوله: «قامت البلدية بقطع حركة السير بالاتجاه المؤدي إلى خارج المدينة بإجماع أعضاء المجلس، وتم بناء هذا الحاجز منذ حوالي أسبوعين، فتحول اتجاه الخارجين من المدينة إلى الأحياء والشوارع الضيقة أو شارع "المرفأ"، وقد طلبنا من مدير المنطقة المساعدة لاختصار الرصيف بمقدار نصف متر من كل جهة، لكونه أعرض من اللازم ويصل إلى ثلاثة أمتار، وقد وعدنا بمحاولة إعادة الأمور إلى وضعها السابق».
اتجاه واحد وتخفيف للازدحام؛ لكنه جاء رفقة تقليص مباشر لعدد الزبائن والحركة التجارية بشكل واضح، كما يبين "لولو": «العديد من الزبائن يجدون صعوبة في الوصول إلى محلاتنا حالياً، حيث انخفض معدلهم إلى حوالي النصف، والعديد منهم من القرى، ولن يكرروا زياراتهم لصعوبة الوصول، كما كان لهذا التغيير الأثر الأكبر على محال الجهة المقابلة "الغربية"، وخاصة محال المواد الغذائية والخضار، وقد قدمنا وثيقة إلى مدير المنطقة والأمن احتجاجاً على إغلاق الشارع بهذا الاتجاه، وبتوقيع ما يقارب ثمانين شخصاً».
القوانين المرورية يمكن لمجلس المدينة المطالبة بها، ليبقى القرار رهن لجنة السير، والتي وافق منها سبعة أعضاء مقابل تحفظ مدير المنطقة في الحالة المذكورة، وبطبيعة الحال لا علاقة لتلك القوانين بالحركة التجارية، لكن لنتحدث مع أحد التجار المعنيين حول المصروف الشهري والمردود؛ يقول "فؤاد حلو": «المصاريف الشهرية لمثل هذا المحل من ثمن إيجار، ضريبة ونظافة؛ تصل إلى حوالي سبعة عشر ألف ليرة شهرياً، وبهذا الوضع هناك انخفاض في نسبة الزبائن يتجاوز النصف، بل إنّ عدد الزبائن أصبح محدوداً جداً، والأهم من ذلك أنّ هذا المقطع حتى الفرن الآلي هو جزء من طريق عام، وإذا استمر الوضع على هذا الحال، أعتقد أنني سأضطر إلى تسليم المحل قريباً».
وبرأيه فالحال قد تغير من شارع بتنظيم معقول، إلى متاهة لا يمكن تجنبها لأي مواطن يخرج من المدينة، أو طلاب يتنقلون بين بيوتهم ومدارسهم، يتابع: «لم يكن هذا حلاً كاملاً لمشكلة الازدحام؛ فقد كانت السيارات تقف لدقائق معدودة، وبتنظيم مباشر من شرطة المرور، أما الآن فهي تقف على كلا الجانبين دون أن يمنعها أحد ولوقت غير محدود، كما أنّ تحول خطوط النقل العامة باتجاه الكورنيش مثل خط قرية "المرقب"، أصبح عناء إضافياً للطلاب، للمواطنين والسائقين أيضاً، وقد طلبنا من مدير المنطقة التدخل، فوعدنا بأن تتم مناقشة الوضع في اجتماع لجنة السير في اليوم التالي، وأنّ هناك احتمال 90 % لعودة الوضع كما كان».
في الجهة الغربية المقابلة والتي تعد الأكثر تأثراً بالوضع الجديد، يعمل "أسامة أبو خضر" منذ عام 1998، ويقول أنه يعتمد على العمل في هذا المحل هو وإخوته، ويضيف عن نتائج الاتجاه الواحد: «نعمل حتى الساعة الثانية عشرة مساء، ويمكنك البقاء ومراقبة عدد الزبائن، هل سيتجاوز عددهم ثلاثة؟ محلنا "صخر" معروف في مدينة "بانياس"؛ لكن حالياً يقصده القليلون فقط، ومدير المنطقة وعد بأن يعود الشارع إلى وضعه السابق في اليوم التالي، لكنه علق على قرار المجلس بتحويل الحركة إلى اتجاه واحد بقوله: هؤلاء هم أعضاء المجلس الذين انتخبتموهم!».
وبحسب صاحب المحل الأكثر شهرة في هذا المقطع "صخر"؛ فاختصار أحد اتجاهات السير في هذا الشارع؛ أدى إلى إغلاق أحد محال الحلويات، وتخلي محل مجاور عن أحد عماله، لعدم قدرتهم على تحمل المصاريف، وأضاف: «لماذا لا تتم مراعاة الضرائب المفروضة مثلاً، لتتناسب مع الدخل؟ وبما أنّ هذا الشارع يمثل معبراً أساسياً بالنسبة للمنطقة، يمكن الاعتماد على حلول أفضل، فتوجد هنا مثلاً أرصفة يصل عرضها إلى ثلاثة أمتار في كل جهة، وقد اقترح د. "محمد أحمد" عضو مجلس المدينة، توسيع الشارع نصف متر من كل جهة على حساب الرصيف، وسألنا إذا كنا نعارض، وبالطبع جميعنا مع هذا الحل، وخصوصاً أهالي طلاب المدارس الذين سيعانون أيضاً».
عيادة د. "عبد الله كمون" هي على مقربة من محل "صخر" في الجهة المقابلة، ويرى أيضاً أنّ اتجاهاً واحداً لحركة السير في الشارع لم ولن يحظى باستحسان من يعمل في هذا الشارع أو كان يمر به، وكما يعبر: «تأثير قطع حركة السير في أحد الاتجاهين بالنسبة لنا كان أقل من تأثيرها على التجار، لكن بشكل عام سنجد صعوبة أكثر في الوصول إلى عياداتنا والمرضى كذلك، ومن المحال التي تأثرت عدة صيدليات في الجهة المقابلة على طول المقطع الذي يقارب 400 متر، ونقترح أن يجدوا حلاً بديلاً، مثل اقتطاع جزء من الرصيف من كل جهة، وليس هناك من يعارض ذلك».
وبحسب سائقي وسائل النقل العامة الذين يعملون على خطوط تصل المدينة بالقرى الجنوبية لم يتغير حال الازدحام عن السابق بسبب الدراجات النارية ووقوف السيارات، أما جسر المشاة الذي كان مقرراً قرب مدرسة "ابن خلدون"؛ فيمكن للطلاب إيجاده بسهولة بالقرب من مدخل المدينة الجنوبي على مسافة كيلومتر واحد، في مكان قد يكون وجود جسر إضافي فيه مطلوب أيضاً؛ لكنهم سيقطعون هذه المسافة الآن على أي حال، للوصول إلى وسائل النقل العامة والعودة إلى بيوتهم؛ وهي ميزة إضافية توفر لأهاليهم الاطمئنان وتجاوز التفكير بمواضيع الجسور.
رئيس مجلس مدينة "بانياس" المهندس "عدنان الشغري"؛ أوضح أنّ المقطع الذي أصبح باتجاه واحد لحركة السير كان يعاني من الازدحام، وقد تمّ قطعه العام الماضي، لكن بعد أسبوع تم تدخل شرطة المرور لإعادته إلى وضعه السابق، كما أنّ هناك كتاباً موجهاً من إدارة مدرسة "ابن خلدون" حول خطر الحركة في الاتجاهين على سلامة طلاب المدارس.
وأشار إلى أنّ اختصار حركة السير إلى اتجاه واحد في شارع ما، لا تحدده حركة البيع لدى التجار، مبيناً أنّ القرار جاء بإجماع مجلس المدينة المنتخب من الأهالي، وبسؤاله عن الصعوبات التي ستواجه الخارجين من المدينة سواء إلى القرى المجاورة أو غيرها، أجاب بأنّ شارع "المرفأ" ذو الاتجاه الواحد هو الحل المناسب.
واقترح رئيس المجلس مراجعة مدير المنطقة أو قائد فرع المرور كونهم من لجنة السير، لسؤالهم عن دواعي تحويل شارع ما إلى اتجاه واحد، وتساءل هل تعتبر حركة البيع لدى التجار من ضمن تلك الأسباب، مقابل تجاهل سلامة الطلاب والعامة، معتبراً أنّ الوضع الحالي من شأنه زيادة نسبة البيع لدى التجار، لإمكانية وقوف السيارات لوقت غير محدود.
أما الحلّ البديل والذي تؤيده الغالبية؛ حول إمكانية اقتطاع جزء من الرصيف البالغ ممترين ونصف حتى ثلاثة أمتار في كل جهة، فاعتبره غير ممكن، لأهمية توفير أرصفة مناسبة للمشاة، ولوجود أعمدة الكهرباء التي تعيق تنفيذ ذلك.