بحسب الأسطورة، قام ببنائه ابن أحد الملوك، محاكياً والده في بناء "قلعة المرقب"، لكنّ البعض يصحح نفس القصة إلى أنّ التسمية قد جاءت من كون البرج بمثابة الابن من أمه "القلعة"، كما أنه الاسم الذي يذكّر بكلمة "الصليبي"، وهي الفترة التي يعود إليها بناؤه وفقاً لمصادر "دائرة الآثار".
يقع أسفل "قلعة المرقب" بجوار البحر، كما يعتبر تحصيناً خارجياً، وجزءاً من دفاعاتها، التي صممت لحماية المرفأ الصغير للقلعة، وقطع الطريق الساحلي.
بحسب الأقاويل القديمة في القرية، كان يوجد نفق يربط "قلعة المرقب" مع "برج الصبي"، لكن ثبت عدم وجوده، بعد إنشاء سكة القطار والطريق الدولي، لأنه لو كان موجوداً فعلاً، لظهر أثناء الأعمال الجارية في الموقع
حجارة بازلتية ومرام للسهام هي أهم ما يميزه، وهو مؤلف من طابقين، وعثر فيه أثناء الترميم عام 2001 م، على لوحة تمثل سمكة بنية اللون، ضمن حوض ماء أزرق اللون.
في العقد الأخير من القرن الماضي كان البرج بأمسّ الحاجة لأعمال الصيانة، بسبب ثغرتين كبيرتين في جدرانه، وقد قامت "دائرة الآثار" بالأعمال اللازمة، التي أعادت إليه شكله السابق، كما يوضح رئيس الدائرة المهندس "مروان حسن": «تمّ قبل عدة أعوام ترميم وبناء أجزاء لكلّ من الواجهتين الشمالية والشرقية للبرج، أعمال كحلة للواجهات الخارجية، ترميم الأقواس والفتحات من الداخل، ترميم وعزل السطح النهائي للبرج، وتركيب مانعة صواعق أعلى البرج».
لكنّ هذا الترميم غير كاف في حالة توافد الزوار والتعرف إليه من الداخل، كما يبين: «من الناحية الإنشائية تمّ اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لتدعيمه وحمايته، وفي حال تمّ وضعه في خطة الاستثمار والزيارة، يحتاج لبعض أعمال استكمال من ناحية وضع حواجز حماية على سطح البرج، وترميم الأدراج الواصلة إلى الطوابق».
بالإضافة إلى أسطورة تسمية البرج، يتناقل أهالي مدينة "بانياس" قصة عن وجود ممر يربط قلعة "المرقب" بالبرج أو حتى بشاطئ البحر، ومنهم "خليل نعنيع" الذي نقل لنا ما يقوله سائقون قدماء، مؤيداً كلامهم بوجود جزء من جدار إسمنتي في كلا جانبي سكة القطار في موقع قريب من البرج، باعتباره مكان عبور الممر الأرضي، إضافة إلى كتب تخصّ قلعة "المرقب" اطلع عليها فيما مضى.
أما "عبد الرحمن الجندي" مدير موقع "بانياس والساحل"، أحد المهتمين بآثار المدينة ومنها "قلعة المرقب وبرج الصبي"، فأطلعنا على إحدى الصور التي تظهر فتحة مستطيلة الشكل في أرضية البرج ومردومة حالياً، يعتبرها أحد دلائل وجود ممر أرضي، بالإضافة إلى أكوام الحجارة الموجودة في أقرب نقطة لسكة القطار من البرج، لملء التجويف الأرضي بحسب كلامه.
وفي قرية "المرقب" كان لنا لقاء مع "عبد الله أحمد عبدو"؛ مختار القرية منذ أربعين عاماً، وبسؤاله عن "برج الصبي"، والاعتقاد الذي كان سائداً حول ارتباطه مع "قلعة المرقب" بنفق أرضي، أجاب: «بحسب الأقاويل القديمة في القرية، كان يوجد نفق يربط "قلعة المرقب" مع "برج الصبي"، لكن ثبت عدم وجوده، بعد إنشاء سكة القطار والطريق الدولي، لأنه لو كان موجوداً فعلاً، لظهر أثناء الأعمال الجارية في الموقع».
فما معلومات الأهالي عن البرج، وسبب بنائه؟ يبين: «يعتقد أنه بني في فترة بناء القلعة، كمخفر مراقبة للشاطئ، كما يوجد في الشاطئ المقابل للبرج ميناء للقوارب الصغيرة، التي تموّن المناطق المحيطة بالقلعة من حبوب وحاجيات من أجزاء مختلفة مثل "فلسطين، الأردن، مصر، قبرص وغيرها"».
ويضيف: «كانت توجد العديد من المنازل القديمة حول قلعة "المرقب" بحسب ما يرويه آباؤنا وأجدادنا، لكنها تهدمت أثناء فترة حكم المستعمر، وقد ظلت تلك القوارب تعمل بنقل المواد اللازمة حتى ثلاثينيات القرن الماضي، ثم بدأت تتناقص عند ظهور البواخر الكبيرة، وحتى الآن يوجد مربط حجري للسفن في ذلك المرفأ، حيث كانت المرابط حينها من الحجر».
الحديث عن هذا الموقع الأثري، يذكّره بمعلم طبيعي مجاور، أضاف عنه: «يوجد إلى الجنوب من قرية "العديمة" وادٍ يدعى "جْرِي"، والسبب في التسمية يعود إلى إحدى الغزوات التي أراد المسلمون من خلالها تحرير "قلعة المرقب" من الصليبيين، وكانوا على الجمال ومعهم جارية تدعى "مباركة"، وكان بعضهم ينادي: "جرّي جمال يا مباركة جرّي"، ومن حينها أخذ الوادي اسم "جري"».
أما مؤلف كتاب "الموانئ والمرافئ والمراسي القديمة في ساحل القطر العربي السوري"؛ العميد البحري "حسين حجازي"، فيقول عن المربط الحجري في مرفأ "الباصية"، الذي يسميه "مربط المرقب"، وهو إلى الجنوب من "برج الصبي" على مسافة قريبة: «هو عبارة عن عمود روماني، مثبت في حفرة، ويمتدّ هذا الصخر في البحر إلى مسافة كافية، تجعل منه رصيفاً صالحاً لربط السفن إليه، وتداول مختلف الأعمال البحرية، في مرسى أو خليج "الباص" الصغير، المحمي من الرياح والأمواج الغربية والجنوبية الغربية».