يلعب التباين في العوامل المناخية والبيئية في محافظ "اللاذقية" بشكل عام دورا كبيرا بالتنوع في زراعة أنواع مختلفة من الأشجار المثمرة بحسب كل منطقة سواء أكانت سهلاً أم جبلاً أم هضبة، وفي قرية "بيت عانا" التي تبعد حوالي "73" كم إلى الجنوب الشرقي من مدينة "جبلة" والتي تعتبر من المواقع الجميلة حيث الماء والهواء العليل والمناظر الطبيعية.
تحتل زراعة التفاح في هذه القرية المرتبة الأولى بين زراعة العديد من الأشجار المثمرة لأسباب عديدة من أهمها طبيعة المنطقة الجبلية وارتفاعها عن سطح البحر وانخفاض درجات الحرارة لتصل إلى حد ما تحت الصفر في الحدود العلمية المطلوبة لزراعته.
شاركت في مباريات إنتاجية كثيرة في مدارس المزارعين الحقلية من قبل مديرية الزراعة في "اللاذقية" وحصلت على الريادة ثلاث مرات متتالية على مدار ثلاثة أعوام على مستوى مدينة "جبلة" في مجال زراعة التفاح من حيث الجودة وكمية الإنتاج
وحول زراعة التفاح في هذه القرية موقع eLatakia زار قرية "بيت عانا" والتقى المزارع "أحمد الشيني" الذي يعتبر من الرواد الأوائل في مجال زراعة التفاح، بحسب ما أخبرنا بالقول: «شاركت في مباريات إنتاجية كثيرة في مدارس المزارعين الحقلية من قبل مديرية الزراعة في "اللاذقية" وحصلت على الريادة ثلاث مرات متتالية على مدار ثلاثة أعوام على مستوى مدينة "جبلة" في مجال زراعة التفاح من حيث الجودة وكمية الإنتاج».
حدثنا "الشيني" عن تاريخ زراعة التفاح في "بيت عانا" فقال: «زراعة التفاح في هذه القرية تعود لأكثر من خمسين عام، وأكثر من "70-80" بالمئة من أهالي القرية يزرعون التفاح، وباعتبارها الزراعة الأكثر شيوعاً في القرية فهناك منافسة قوية بينهم في كل موسم، فالمساحة المزروعة بالتفاح في "بيت عانا" تقدر بحوالي "393.9" دونما وهناك حوالي "147" مزارعا في القرية ينتج التفاح، وبالطبع هي من الزراعات الحديثة في المنطقة وقد بدأت من خمسينيات القرن الماضي وخلال هذه الفترة اتسعت وتطورت وأصبحت تنافس باقي الزراعات الأخرى كما أنها زراعة بعلية تعتمد على أمطار السماء».
أما عن بستانه وحول تجربته في مجال زراعة أشجار التفاح يقول "الشيني": «أملك بستانا بمساحة أربعين دونما، أسّسته منذ خمسة عشر عاماً وهو مزروع بأصناف جيدة منها قديمة وأخرى جديدة، بالإضافة إلى تنوع هذه الأصناف منها الصنف الأحمر العادي "ستاركينغ" والصنف "double red" هو الأحمر القاتم ومنه الأصفر"golden" بالإضافة لوجود أصناف أخرى كالصيفي والأبيض والسفرجل، مع العلم أنها متدرجة في النضج ما يحقق لنا شمولية زمنية تسويقية وسعرية، كما أن قابلية الثمرة للتخزين تحقق أسعارا جيدة وعائدا اقتصاديا مرتفعا، ويعتبر الصنف الأحمر الأغلى نوعاً يليه الأصفر، ولكن بشكل عام يرتفع سعر الكيلو الواحد من التفاح ابتداءً من رأس السنة لكونه يكون مخزّنا في البرادات الخاصة بالتخزين، وبشكل عام يقوم جميع الأهالي في القرية بتخزين محصولهم من التفاح في البراد الذي أملكه».
أفادنا "الشيني" عن أسباب نجاح زراعة التفاح وحول أهم متطلبات هذه الزراعة، وقال: «يجب أن تكون الأرض غنية بالعناصر الغذائية التي تلزم لنجاح زراعة التفاح، ولذلك قمنا بتحليل التربة لعدة مرات لتفادي مشكلة نقص العناصر الغذائية، وكذلك يجب أن تكون الأرض مخدومة "حراثة وتسميداً وتقليماً" بشكل جيد، تليها الفلاحة بشكل جيد وبمعدل ست مرات في السنة، إضافة لتوافر أهم عنصر لنجاح زراعته وهو توافر العدد الكافي من ساعات البرودة نظرا لارتفاع القرية عن سطح البحر والتي تتراوح ما بين "1000-1500" ساعة برودة طوال الموسم واللازمة لتفتح البراعم الزهرية، وهناك عامل آخر ضروري لنجاح زراعته وهو مكافحة الآفات المختلفة سواء الحشرية أو الأمراض الفطرية باستخدام المبيدات المناسبة وفي المواعيد المناسبة للرش علماً أن إهمال ذلك يتسبب بخسائر اقتصادية عديدة للمزارع».
أكد "الشيني" أنه بعد نضج محصول التفاح وجنيه، هناك عقبات كثيرة تعترض المزارع بالنسبة للتسويق، وأضاف قائلا: «ظروف التسويق فوضوية تؤدي في حالات كثيرة لخسارة الفلاح، فبعد الجني والقطاف يوَضّب في صناديق من الفلين وينقل إلى سوق "الهال" في مدينة "جبلة" ولكننا نتعرض في السوق لخسارة كبيرة، فقد يصدُف أن يتوجه عدد كبير من المزارعين للبيع في يوم واحد، وهنا يزداد العرض فينخفض السعر وبالتالي نبيع بخسارة حيث يحسب لنا أول "500" كغ بسعر جيد، وما يلي هذا الوزن يحسب بأسعار زهيدة جداً وبالتالي يجب أن يكون هناك سياسة تسعيرية وتسويقية مناسبة تخدم المزارع وتشجعه على هذه الزراعة».
وحول الصعوبات التي تواجه "الشيني" خلال إنتاجه السنوي لمحصول التفاح ومدى تعرضه للخسارة في بعض المواسم، حدثنا قائلاَ: «يقدر إنتاجي السنوي بحوالي "8-9" أطنان، قسم منه يخزن في البرادات ليباع في الشتاء بأسعار أعلى، وقسم آخر يباع في سوق "الهال" بعد القطاف مباشرةَ، وحوالي الربع منه للاستهلاك المنزلي والذي يصنع منه بعض أنواع المربيات بالإضافة للخل والشراب، وبالنسبة للخسارة في بعض مواسم الإنتاج أحيانا تكون تكاليف الإنتاج أكبر من المردود نتيجة عدم تأمين مستلزمات الإنتاج من أسمدة ومبيدات وارتفاع كلفتها وظروف التسويق العشوائية، فمثلاَ هذا الموسم اشترينا مبيدات بحدود "100" ألف ليرة سورية كما أن أغلب الأسمدة الحرة يتم شراؤها على حسابي الخاص لأن الجمعية التعاونية الفلاحية لا ترفد المزارعين بالكمية الكافية من السماد، إضافة لارتفاع تكاليف التسويق وأجور النقل وسوء الطرقات الزراعية وتحكم التجار وفرض أسعارهم علينا».
وبحسب البرنامج الإرشادي الذي أعدته المهندسة الزراعية "ربى حسن" حول إنتاج التفاح السنوي في قرية "بيت عانا"، حدثتنا بالقول: «التفاح السوري وخاصة "الجبلي" من ألذ أنواع التفاح المعروفة، يمتاز التفاح البعلي في "اللاذقية" بشكل خاص بمواصفات فريدة وجودة عالية من حيث الطعم والنكهة واللون الجذاب وقابلية النقل والتخزين بالإضافة إلى خلو ثماره من الأثر المتبقي للمبيدات والأسمدة الكيميائية، ويعود تاريخ زراعة التفاح إلى حوالي "4000" سنة وبصورة برية متعددة الأشكال، والتفاح المزروع حاليا عبارة عن مجموعة من السلالات الناتجة عن التهجين والانتخاب "انتقاء الصنف الأفضل"، أما الموطن الأصلي لشجرة التفاح فهو السفوح الشمالية الغربية لجبال "الهمالايا" ومناطق "القوقاز" وبلاد الصين ومنها انتقلت زراعته إلى بقية دول العالم ومنها سورية».