شهر "رمضان" في "حلب" يتمتع بنكهة تميزه عن باقي الأشهر ففيه تكثر انواع معينة من الحلويات سواء أكانت من الكرابيج والمعمول أم أقراص العجوة، وفي هذا الشهر يتزايد الطلب على تلك الحلويات لما تشكله لدى الأهالي من فرصة مميزة يجتمع عليها معظم أفراد الأسرة.

eAleppo جال في منطقة "الجديدة" بـ "حلب" وزار محل "السمّور" والتقى الأستاذ "مالك سمور" ليحدثنا عن الأجواء الرمضانية قبل حلول عيد الفطر السعيد فيقول: «عادات أهل "حلب" في "رمضان" هي التي تفرض علينا عمل حلويات الكرابيج والمعمول وغيرها فهي تمثل الطلب الأكثر من بين الحلويات العربية وخصوصاً في شهر رمضان وما يليه من فرحة بقدوم عيد الفطر السعيد، قديماً كانوا يختارون الكرابيج المحشوة بـ"الجوز" البلدي "الشامي" بسبب توفر "الجوز" في الأسواق المحلية وكان هو السائد في ذلك لكن ومع مرور الوقت قل استخدام "الجوز" كعنصر رئيسي في حشو الكرابيج وحل محله "الفستق الحلبي" و"الكاجو" مؤخراً لما يتمتع "الفستق" من خصائص معينة جعلته من أولى المواد التي يتم استخدامه في حشوة الحلويات الرمضانية بأنواعها المختلفة ومن أولى الخصائص كثرة انتاجه في الأسواق المحلية وتفضيله من قبل الزبائن وبالنسبة لحشوة "الكاجو" فإنه يستخدم ضمن حدود معينة وفي طلبات مخصصة، ولكن مادة "القشطة"- قيمق- تشكل الأعم والأشمل بالنسبة لحشوة الحلويات الرمضانية ومن بينها "المعمول" و"الكرابيج" فهل تظل الأكثر طلباً من قبل الزبائن لما لها من أهمية كبيرة في نفس الصائم لكونها تساعده على متابعة صيامه طوال فترة النهار».

منه الخشن والناعم ومنه الوسط وهو المفضل لعجينة "الكرابيج والمعمول" لأنه يساعد على إعطاء قطعة الكربوجة نوعاً من القرشة في الطعام وهي التي يفضلها أهالي "حلب"

وأما عن شروط الحفظ تابع قائلاً: «يتم حفظ الحلويات ذات الحشوة بمادة "القشطة" في أسفل الثلاجة مع الحفاظ على تغليفها بمادة النايلون لكي لا تتأثر برائحة الأطعمة الأخرى الموجودة في الثلاجة وحتى لا يؤدي إلى حدوث فساداً في مكوناتها، أو يجب وضعها في جو الغرفة الجافة بعيداً عن أي مصدر من مصادر الرطوبة التي يمكن أن تتأثر بها، ولكن بهذه العملية يمكن أن تسرّع تأثر القطعة بالعوامل الجوية مما يؤدي في النهاية إلى فساد القطعة ذاتها، بسبب احتواء القشطة على مادة "الحليب" والتي لاتحتمل بقائها أكثر من أسبوعين خارج الثلاجة، وأما بعد انتهاء "رمضان" فإن الطلب على حشوة "القشطة" يتوقف نهائياً وبالتالي فإن الفستق الحلبي يرجع كحشوة أساسية في ذلك».

الأستاذ "مالك سمور"

طريقة التحضير والمقادير المخصصة

إن لـ"السميد" أنواع متعددة وأضاف "محمود كردي" مشرف الإنتاج على الحلويات العربية قائلاً: «منه الخشن والناعم ومنه الوسط وهو المفضل لعجينة "الكرابيج والمعمول" لأنه يساعد على إعطاء قطعة الكربوجة نوعاً من القرشة في الطعام وهي التي يفضلها أهالي "حلب"».

تجهيز العجين لعمل الحشوة

وأما بالنسبة للمقادير وطريقة التحضير فأضاف "كردي" قائلاً: «لكل /1/ كيلو "سميد" /400/ غرام من "السمن" على اختلاف أنواعه سواء أكان غنماً أو بقراً مع اضافة ربع كيلو من الماء و /700/ غرام من الحشوة المفضلة، ففي البداية نأتي بالسمنة والماء ونضعهما على النار ونحركهما جيدا وحينما تبلغ درجة الغليان يتم نقل الخلطة إلى آلة "العجّانة" لكي يتم مزجهم بمادة "السميد" الممزوج ببودرة الحليب وتأتي إضافة الحليب لكي تعطي قطعة "الكربوجة" شيئاً من الإحمرار على وجهها وتحافظ على هذا اللون حتى لا يتغير مع مرور الزمن، ومع دوران آلة العجّانة يتم خلط المكونات فتصبح الخلطة عبارة عن عجينة متماسكة، ثم بعد ذلك نقوم بإخراجها من آلة العجّانة ومدّها على الطاولة وندعها إلى اليوم التالي فيتغلغل الماء والسمن إلى داخل ذرّات "السميد" فتسمى هذه العملية ـ بس السميد ـ، في اليوم التالي نضع الخلطة في الثلاجة لفترة من الزمن حتى تتماسك وتساعدنا على العمل ثم بعد برهة نحضر العجين من الثلاجة ونضعها أمامنا لكي نقتطع منها اجزاء معينة ليتم حشوها بمواد محددة.

ثم بعد ذلك نضع قطعة العجينة المحشية بالقالب الذي يتخذ أشكالاً مختلفة وحين امتلاء القالب بالعجينة يتم دق القالب على الطاولة فتخرج القطعة منه وقد أخذت شكل القالب نفسه من زخرفات وخطوط معينة، وهذه العملية تنتهي بانتهاء كمية العجين الموجودة أمامنا، ثم نضع جميع قطع العجينة المستخرجة من القالب على صينية خاصة لكي يتم وضعها بالفرن بدرجة حرارة تصل إلى /300/ درجة مئوية لكي تخبز القطعة بشكل جيد ولا تتعرض إلى القساوة والتشقق من بعد ذلك، وفي ظل هذه الحرارة المرتفعة يتم خبز العجين بشكل جيد وتجفيفه واعطاءه اللون الأحمر على وجه القطعة ثم بعد ذلك نعمد إلى تسخين أرضية الفرن لكي تخبز أرضية قطع العجينة بسبب عدم تأثرها بالحرارة الصادرة من الطرف العلوي من الفرن، وعند نضوج القطع يتم إخراجها من الفرن ولبرهة من الزمن يتم تماسك قطعة العجينة مع بعضها وبذلك تصبح جاهزة للتقديم».

"محمود كردي"

تجهيز الحشوات وأنواعها

قديماً كانت عجينة "الكرابيج" و"المعمول" محشوة بـ "الجوز البلدي" وعامة الناس في "حلب" يفضلونها، لكن في الآونة الأخيرة بدا "الفستق" و"الكاجو" و"القشطة" يشكلان أغلب الحشوات المستخدمة في معظم الحلويات الرمضانية نظراً لقلة توافر "الجوز البلدي" حينها، وعندما يعتمد على الفستق كحشوة أساسية فإنه يحمّص لمدة نصف ساعة على النار لكي يتم التخلص من ذرات الماء الموجودة فيه واضفاء عليه نكهة معينة، ثم يمزج بماء القطر وترش على الحشوة كمية من السكر لكي تسهّل عملية حشي القطعة المطلوبة واعطاء الليونة المناسبة».

مواصفات فرن الحلويات

هناك نوعين من الأفران المتبعة في طهي المعجنات وأضاف قائلاً: «إما أن يكون حجريا وإما أن يكون آليا، فمواصفات الفرن الحجري يجب أن يتمتع بالحجر الناري الخاص به وأن توضع كمية من الملح في أرضية الفرن تحت الحجر لكي تحتفظ بحرارة الفرن لمدة ثلاثة أيام متتالية ولكنها تقل بخمسين درجة عند اطفائه، وتفيد هذه العملية من أجل المحافظة على تلك الحرارة التي سوف تستخدم في اليوم التالي لأغراض الطهي بدلاً من الإنتظار لإشعال الفرن مرة أخرى والتي تأخذ حوالي نصف ساعة على ذلك ما يعطينا فرصة لتدارك أي تاخير في عامل الوقت».

أذواق أهل "حلب" في حلويات "رمضان"

إن هذه المعجنات وبها ختم "كردي" قائلاً: «قد ارتبطت بحياة الناس وخصوصاً في "رمضان" ومع اقبال العيد فقديماً لايكاد بيت يخلو من "الكعك" و"الكرابيج" أو من "المعمول" إلا وكان موجوداً فيه وكل على حسب استطاعته، وقد توارث الناس في طلب الحلويات الرمضانية لكون هذه المهنة تعود لمائة عام من قبل».