ريشة تبني صرحاً حضارياً بألوان التاريخ ليشع منها عبق الماضي، وحجارة تمثل أقدم الحضارات تجسدها لوحة فنية حرص الفنان "سمير قريطبي" على جعلها مادة فنية غنية لمدرسة واقعية يعمل على صياغتها، فلكل مكان لوحة وتذكار، والخطوة التي بدأها منذ عقد ونصف من الزمن يعمل على أن تشمل /800/ موقع أثري تنتشر في أرجاء محافظة "إدلب".
يتحدث الفنان "سمير قريطبي" لموقع eIdleb بتاريخ 19/10/2010 عن بدايته مع المعالم الأثرية في محافظة "إدلب" وسر تعلقه بتجسيدها كلوحات فنية قائلاً: «بدايتي مع اللوحات التي تمثل المواقع الأثرية كانت مع انطلاقة مهرجان "المدن المنسية" قبل خمسة عشر عاماً، وهذه التسمية التي أطلقت على تلك المدن التي كانت مراكز إشعاع حضاري حتى أطلق على بعضها المدن الميتة، فعملت على البدء بمشروع "المدن الحاضرة في الذاكرة" لتحل مكان المدن المنسية والميتة، وتنقلت بين هذه المعالم الأثرية لدراستها من الناحية التاريخية والشكلية ومعرفة خصائصها العمرانية قبل أن أمسك بالريشة، واكتشفت أن القيمة الجمالية لكل موقع أثري في المحافظة من ناحية الشكل والتصميم تتساوى مع البعد الحضاري الذي مثله في غابر الأيام».
يمتاز "سمير" ببصمته الخاصة في كل عمل فني وينتهج المدرسة الواقعية بعيداً عن الرمزية لذلك تتسم أعماله بنظرة خاصة لا يراها إلا هو، ومما ميزه منذ الصغر وحدة الموضوع ففي دراسته أنجز عدة معارض مدرسية جميعها ذات موضوع واحد وهو حروف اللغة الإنكليزية على أشكال الزنابق، وعندما يحاول إيصال فكرة فإنه يعتمد الموضوع ذاته لكن بطريقة تعبير مغايرة يفهمها الناظر للوحاته، وحين انتهج الطابع التوثيقي لمدن محافظة "إدلب" والآثار السورية عرف أنه في بحرٍ لا نهاية له في ظل التاريخ المشرق والأعداد الهائلة لسورية مهد الحضارات
** رؤية الموقع ومعرفة التفاصيل العمرانية الدقيقة والتاريخ الذي يميزه عن مواقع أخرى هي المنهجية التي اتبعتها، أذهب إلى الموقع وأقضي فيه ساعات عديدة أتأمله من الداخل والخارج وأرجع إلى الكتب الأثرية والمراجع التاريخية لمعرفة زمن البناء والتفاصيل، ما ساهم في تكوين معلومات أثرية هامة لدي أستطيع أن أقدمها في محاضرات عن كل موقع من كنيسة "قلب لوزة" في الشمال وحتى قلعة "خان شيخون" في الجنوب مروراً بمواقع "البارة" و"سرجيلا" و"إيبلا" و"رويحة" و"بعودا" وغيرها.
** يمتاز اللون الزيتي بالدقة والواقعية وإعطاء الصورة الحية للموقع ما يجعله قريباً من لوحات التصوير الضوئي، ومن خلال الألوان الزيتية أستطيع الاقتراب لصفة اللوحات المائية بإضافة اللمسة الجمالية للوحة.
* أين تكمن هذه اللمسة؟
** تكمن في طبيعة اللون الترابي الذي يحتاج إلى مزج ألوان عديدة ببعضها وتخميرها قرابة شهرين لتكون مشابهة وطبيعة الموقع المراد رسمه وتجسيده بلوحة، فمواقع الكتلة الكلسية تختلف بألوانها عن مواقع الشمال والشرق، ولكل منها لونه الخاص، كما أن الأساس العلمي في طريقة الرسم له دوره فأنا خريج مركز الفنون التشكيلية في "اللاذقية" ومن خلاله صقلت موهبتي في الرسم.
** رسالتي كفنان يغار على الإرث الحضاري الذي تملكه محافظتي وتوجيه الأنظار للاهتمام بها، فرسم حجر يسقط من موقع أثري يلفت أنظار القائمين على قطاع الآثار للاهتمام به ورعايته قبل أن يُسقط الموقع بأكمله، أما الرسالة التي وجهتها منذ انطلاقة مهرجان "المدن المنسية" فقد وصل من خلال مشاركاتي في معارض دولية.
** لا يقتصر عملي كفنان على المواقع الأثرية في "إدلب" فبدايتي مع الفن كانت مع المدرسة الواقعية و"البورتريه" ومع اتجاهي التوثيقي لمواقع المحافظة أصبحت المواقع السورية الهامة هاجساً آخر فرسمت لوحات متعددة لمدينة "تدمر" و"قنوات" و"باب توما" و"باب شرقي" و"قلعة دمشق"، وفيما يخص الأحياء الشعبية فهي جزء مني لأني ترعرت بينها فرسمت "السيباط" والبيت القديم، فالريشة ترسم ما يلتصق بالذاكرة من موجودات.
* ما أبرز مشاركاتك؟
** شاركت في معارض مركز الفنون التشكيلية في "اللاذقية" و"إدلب" منذ عام /1974/ وحتى /1982/، ومعارض متفرقة في المحافظات السورية، ومعرض ضمن فعاليات عاصمة الثقافة الإسلامية، ومعرض في "دمشق" عاصمة الثقافة العربية، ومشاركة في مهرجان "المعري"، ومعرض في جلسة "اليونيسكو" لتسجيل مواقع أثرية ضمن لائحة التراث العالمي، ومعرض فردي في جامعة "القلمون"، وقريباً لدي معرض في مدينة "أنطاكية".
ويتحدث الفنان التشكيلي "منير رحال" عن التجربة التوثيقية عند "سمير قريطبي" قائلاً: «يمتاز "سمير" ببصمته الخاصة في كل عمل فني وينتهج المدرسة الواقعية بعيداً عن الرمزية لذلك تتسم أعماله بنظرة خاصة لا يراها إلا هو، ومما ميزه منذ الصغر وحدة الموضوع ففي دراسته أنجز عدة معارض مدرسية جميعها ذات موضوع واحد وهو حروف اللغة الإنكليزية على أشكال الزنابق، وعندما يحاول إيصال فكرة فإنه يعتمد الموضوع ذاته لكن بطريقة تعبير مغايرة يفهمها الناظر للوحاته، وحين انتهج الطابع التوثيقي لمدن محافظة "إدلب" والآثار السورية عرف أنه في بحرٍ لا نهاية له في ظل التاريخ المشرق والأعداد الهائلة لسورية مهد الحضارات».
يشار إلى أن الفنان "سمير قريطبي" من مواليد مدينة "إدلب" عام /1954/، متفرغ للعمل الفني، وهو عضو اتحاد الفنانين التشكيليين.