في الجهة الشمالية الشرقية لمدينة "طرطوس القديمة" وبجانب الساحة الرئيسية توجد تحفة معمارية وابتكار هندسي رائع تزين بمختلف الأشكال والزخارف النقشية والتذكارية والبيارق الحربية، فوصفوها بالبهو الكبير وبالرواق الضخم وأطلقوا عليها اسم "قاعة الفرسان"، فهي ابتكار رائع لفن العمارة الفرنسي في القرن الثالث عشر.
وللتعرف أكثر على "قاعة الفرسان" في مدينة "طرطوس القديمة" التقى موقع eSyria بتاريخ "5/6/2011" المهندس "علاء حمود" رئيس شعبة المباني القديمة في دائرة آثار "طرطوس"، حيث قال: «هذه القاعة الكبيرة وبحسب رأي الباحث القدير "ديشان" هي بناء يشابه تماماً بناء "البالاتيوم" الذي أقامه فرسان الهيكل في "عكا" كمقر إقامة لأسياد أخويتهم الكبار.
ل"قاعة الفرسان" من جهة الساحة /6/ نوافذ كبيرة في العقد الكامل مفتوحة بشكل غير نظامي في الجدار لإنارة القاعة، تميزت هذه النوافذ بزينة جميلة ورائعة بحسب الآثار المتبقية منها، وخاصة في النافذة الوسطى الوحيدة المتبقية على حالتها الجيدة
وقد بنيت في نفس الفترة التي بنيت فيها القاعة الكبرى في قلعة "الحصن"، فهي تحفة وابتكار معماري رائع للفن الفرنسي في القرن الثالث عشر، وتمتعت باستقلالية سيادية سلطوية مفصولة عن المدينة السقفية».
ويتابع: «في القاعة الكبرى أو "قاعة الفرسان" غرف الاستراحة المزينة برؤوس إنسانية تستند عليها الأقواس، وتشبه ما في قلعة "الأتليث" التي دعاها فرسان الهيكل ب"تشاستلبيليران" وكانت لهم وبنوها في حوالي /1217-1218/ بعد أن هدموا قلعة "ورماند" التي بناها الصليبيون عام /1103/، وحتى قرب قلعة "أتليث" نفسها أنشئت ضاحية كانت مثل نظيرتها في "طرطوس" أي بنفس الفكرة الديموغرافية لها».
لقد تمتعت هذه القاعة بأهمية كبيرة في الحياة اليومية ضمن تلك الفترة الزمنية، وهنا يقول السيد "علاء" بحسب وصف الباحث "ري" لها عام /1871/: «عند الدخول إلى الباحة الداخلية للقصر على يسار الزائر هناك مبنى شاسع على شكل رواق كبير ما زال يتواجد فيه جزء من القبة، إنها "القاعة الكبرى" التي استوحيت كبناء معماري من الفن الأوروبي، حيث بنيت في الجهة الشمالية الشرقية واحتلت مكانة مهمة في الحياة اليومية وفي عادات القرون الوسطى، وهنا يمكن القول أنه لا يتواجد إلا ما ندر من هذا النموذج العمراني في "فرنسا" بينما نجد الكثير من مثيلاتها في "انكلترا"».
وفي بعض من وصفها وأهميتها يقول: «كان يتخذ في هذه القاعة قرارات المجلس الهامة، وهي مزينة بمجموعة من النصب التذكارية وببيارق سلبت من العدو، وهي مزينة أيضاً بطنافس جميلة جلس عليها الرسل الغرباء وأفراد المجالس وضيوف المآدب الرسمية، وأعتبره هذه القاعة من أجمل القاعات الموجودة في "سورية" ومن أوسعها».
وعن تفاصيل "قاعة الفرسان" الدقيقة ومساحتها يقول المهندس "مروان حسن" مدير دائرة آثار "طرطوس": «يبلغ طول فناء القاعة حوالي /44/ مترا وعرضه /14/ مترا، وهناك خمسة أعمدة في الفناء المستطيل الشكل الذي يقسم إلى جناحين، كل واحد منهما مكون من /6/ قبب، وهذه الأعمدة لم تعد موجودة حالياً، وحسب اعتقادي واستنادا إلى البقايا المتناثرة هنا وهناك في المنازل الحديثة المتوضعة على القبة ووصف الباحث "ري" عام /1871/ فقد كان هناك أعمدة تحمل القبة الرئيسية على شكل "قوس قوطي" البناء.
وكان يحمل تلك القبة أيضاً الجدار الاستنادي الجانبي على طول مساحة القاعة، والتي تحملها بدورها "كتيفة" هندسية الشكل على شكل تيجان أعمدة مزينة بأشكال رائعة من الأوراق البيزنطية، ولتخفيف الثقل عن تلك الجهة فقد وزع الثقل على ارتفاعات مختلفة، بالإضافة إلى "الكتيفات" الثلاث التي تشكل قاعدة حرجة هندسية ضخمة متداخلة في الجدار».
ويتابع: «ل"قاعة الفرسان" من جهة الساحة /6/ نوافذ كبيرة في العقد الكامل مفتوحة بشكل غير نظامي في الجدار لإنارة القاعة، تميزت هذه النوافذ بزينة جميلة ورائعة بحسب الآثار المتبقية منها، وخاصة في النافذة الوسطى الوحيدة المتبقية على حالتها الجيدة».
ويضيف في وصفه بحسب رأي الباحث "ري": «يرتكز قوس القاعة على قاعدة تاج من الرخام مزينة بنقوش أوراق وأشكال زخرفيه عربية متداخلة فيما بينها، وهذه الزينة تعود إلى الفن "البيزنطي"، وفي مفتاح العقد هناك خروف يحمل شعلة وصليب وهو "الخروف باسكال" الذي يمكن رؤيته بوضوح، وفوق هذه النوافذ هناك فتحات مربعة صغيرة الحجم داخل القبة الكاملة العقد، وهناك أيضاً بوابتان تؤديان إلى "الكنيسة"، وفي أعلى هاتين البوابتين مجموعة غرف صغيرة خصصت ربما فيما مضى للمساجين أو استعملت كمخازن».