منطقة "بشبطة" هي منطقة جبلية واسعة تظهر فيها بقايا أثرية تعود إلى حقب تاريخية متعددة، وهي جزء من الحضارات التي قامت في منطقة "الساحل السوري".

أما اسم "بشبطة" فهو اسم الأرض التي تحتوي على البقايا الأثرية، في حين أنها تختلف عن قرية "بشبطة بيت بلال" التي تبعد عنها عدة كيلومترات، ويقول الأستاذ "عارف حسامو" من قرية "بيلة" في ذلك، وهو من أحفاد آخر من سكنوا منطقة "بشبطة": «تعرف المنطقة باسم "بشبطة" نسبة إلى الأرض الزراعية الموجودة فيها، وهو اسم قديم وصلنا بهذا الشكل، ويوجد في هذه المنطقة عدة دلائل على أنها منطقة حضارات تاريخية، فمن جهة هناك بقايا منازل حجرية يعود تاريخها إلى مئة عام أو أكثر سكنتها عدة عائلات ومنهم جدي، وبقيت مأهولة لغاية 40 سنة ماضية حيث هجرها أهلي وسكنوا في قرية "بيلة" الملاصقة لها تماما، ومن جهة أخرى هناك لقى أثرية تعود إلى حقب تاريخية متعددة "جرون حجرية، أحجار طواحين، نقوش قديمة.." وكذلك عدد من البقايا الفخارية التي تظهر مع الفلاحين الذين يحرثون الأرض».

هناك غطاء أثري لحضارات كثيرة تتابعت على منطقة "جبال الساحل" و"سورية" عموما، ما يعني أن أية منطقة مطلة على ساحل البحر قد نجد فيها بقايا أثرية، ومن ضمنها "بشبطة"، فنحن نزور هذه المناطق تباعا سواء أكانت مكتشفة أم تم اكتشافها حديثا، ثم نضعها تحت المراقبة ونضع خطة لاستكشافها متى حان دورها

يتابع الأستاذ "عارف حسامو" شرحه عن المنطقة: «هناك أيضا نبع ماء تظهر فيه حجارة تعود- كما لاحظت- إلى مراحل تاريخية مختلفة، ويدلل على ذلك أشكال الحجارة التي بنيت منها منطقة النبع فهي تختلف في أحجامها وأشكالها وطبيعة صخورها، كما أنه توجد مقابر كثيرة في سفح قريب من المنطقة بعض قبورها "مسيحية" والبعض الآخر أقدم من المسيحية، أما المقابر الحديثة المجاورة لها فهي إسلامية وأهمها "وقف إسلامي" قديم جدا باسم الشيخ "محمد" من دون معرفة نسبه بالتحديد، وبقي التذكير بأن القناطر التي استخدمها أجدادي في بناء منازلهم مأخوذة من البقايا الأثرية التاريخية الموجودة في المنطقة حيث إن البيوت الحديثة مبنية من حجارة البقايا الأثرية».

السيد "عارف حسامو"

وعن سبب هجر هذه المنطقة وعدم معرفة أحد بها يقول السيد "عارف": «توجد منطقة "بشبطة" في مكان ناءٍ رغم قربها الشديد من قريتي "بيلة وبّملكة"، وهي تتوضع على تلة مشرفة على نهر "عورو أو الحصين" في مكان يصعب الوصول إليه، ومنذ سنتين فقط تم شق طريق للمنطقة لكنه بدل اختصار المسافة جعلها طويلة جدا ومتعبة لمن يريد القدوم إليها، مع العلم أن المنطقة قابلة للاستثمار السياحي والأثري نتيجة وجود بقايا أبنية تتعلق بتراث أهل المنطقة».

تغلب الحجارة البركانية السوداء على الجبل الذي توجد عليه قرية "بيلة" ومعها منطقة "بشبطة" الأثرية، ومن هذه الحجارة بنيت جميع البقايا الأثرية الموجودة، إضافة لوجود "جحر أبيض أو رملي" كما يسمى وهو غريب عن المنطقة.

نبع ماء له طابع تاريخي بقرب منطقة الآثار

من جهة أخرى فإن التوثيق للمناطق الأثرية في منطقة "الساحل السوري" يظهر بأن بعض البقايا الأثرية في منطقة "بشبطة" تتشابه إلى درجة التطابق مع بقايا أثرية أخرى موجودة في مناطق أخرى مثل "مملكة صدين" في أقصى الشمال الشرقي من منطقة "القدموس"، مع غيرها من مواقع أثرية غير مكتشفة بالكامل، ومن أهم هذه البقايا "مدافن" تعود إلى الفينيقيين ومن قبلهم، و"مدافن مسيحية بيزنطية"، وكذلك "الجرون الحجرية"، ومعاصر الزيتون الحجرية أيضا، كما أننا وجدنا صلباناً وإشارات منقوشة على الأحجار، والكلام السابق الذكر لا يتعدى الوصف الخارجي للقطعة الأثرية في حين يبقى لأهل الاختصاص تحديد النسب الحقيقي للموقع الأثري.

في لقاء مختار قرية "بيلة" السيد "أحمد البايع" بتاريخ "11/5/2012" يقول: «سكنت منطقة "بشبطة"منذ ما يزيد على 150 عاماً من قبل مجموعات لكنها هجرتها لظروف غامضة، ثم أتت بعدهم مجموعة صغيرة شكلت قرية صغيرة ما لبثت أن هجرتها أيضا منذ خمسين عاماً لظروف غير معروفة، وللعلم فإن هناك عدة مناطق محيطة وملاصقة لقرية "بيلة" كانت مركز قرى "مرج غازية، النمرية، الجمّة" وقد هجرت معظمها في أواخر حكم "الأتراك" لسورية نتيجة الظلم والإبادة التي لحقت بها، هناك أيضا منطقة ملاصقة "لمرج غازية" غرب قرية "بيلة" ب1كم وضعت مديرية الآثار يدها عليها وتحوي على بقايا أثرية غير مكتشفة».

لقى فخارية عليها رموز تاريخية

في "مديرية آثار طرطوس" تحدثنا مع السيد المدير الأستاذ "مروان حسن" عن تشابه البقايا الأثرية في منطقة "بشبطة" مع باقي المناطق الأثرية في "الساحل السوري"، فتحدث الأستاذ مروان حسن" بالقول: «هناك غطاء أثري لحضارات كثيرة تتابعت على منطقة "جبال الساحل" و"سورية" عموما، ما يعني أن أية منطقة مطلة على ساحل البحر قد نجد فيها بقايا أثرية، ومن ضمنها "بشبطة"، فنحن نزور هذه المناطق تباعا سواء أكانت مكتشفة أم تم اكتشافها حديثا، ثم نضعها تحت المراقبة ونضع خطة لاستكشافها متى حان دورها».