"حلبية وزلبية" حصنان على نهر الفرات ازدهرا مع ازدهار الحضارة التدمرية فكانت "الزباء" في "حلبية" وأختها "زنوبية" في "زلبية" كل واحدة منهما تتربع على عرش.
«تعود آثار "حلبية وزلبية" إلى الألف التاسع قبل الميلاد زمن الملك الآشوري "آشور نصر بال"- حسبما قاله الباحث "حسين العبد الله" لمدونة وطن "eSyria"- الذي بنى الحصنين على نهر الفرات وازدهرا مع ازدهار الحضارة التدمرية، وتقع منطقة "حلبية وزلبية" شمال غربي "دير الزور" على بعد /58/ كم في أراضي قرية التبني شرقي طريق دير الزور- حلب، ويعتبر الموقع عبارة عن مرتفع بارز يحيط به واديان ولكن المرتفع الذي يصل "بزلبية" منخفض، وعلى قمة المرتفع قلعة يتفرع منها سوران من الجص ينحدران باتجاهين متعاكسين إلى الفرات أما الضلع الثالث للمثلث المواجه للنهر فقد ذهبت به مياه الفرات وأعيد بناؤه خلف البناء القديم».
فحجارتها تنبض بعبق الحضارات التي مرت واستقرت فيها، وعلى الرغم مما شهدته هذه المدينة من عوامل طبيعية من فعل النهر المجاور لها إضافة للتدمير الناتج عن الغزوات التي تعرضت لها إلا أنها صامدة بحصنيها وهذا هو تاريخنا الذي نفتخر به على مر العصور
وتابع "العبد الله": «حلبية مدينة صغيرة مثلثة الشكل سورها قرب حافة النهر والقلعة في رأس المثلث باتجاه الغرب تقريبا وعلى الجهتين الأخريين أبراج ضخمة بارزة، وكانت تسمى في العهود الآرامية "لوقي" وقد بنتها "الزباء" التي ورثت الحكم من أبيها "عمرو بن الظرب بن حسان بن أذينه العميلقي" الذي كان يحكم العرب بأرض الجزيرة ومشارف الشام وقد بنتها حصناً تدمرياً لحماية الطريق الفراتي الذي يربط تدمر بالنهر، ويبدو أن المدينة حملت أكثر من اسم عبر التاريخ فيقال إنها "لوقي" أو "دور كارباتي" ثم عرفت باسم "زنوبية" و"الزباء"، وكانت العبادة فيها بالعهد التدمري وثنية، وفي العهد البيزنطي بنيت فيها كنيستان صغيرتان للجنود، واعتبرت مركزاً لتواجد الجنود وخلودهم للراحة عند عبورهم المنطقة، وداخل المدينة طرق تحيط بها أبنية عامة فيها حمامات مياه معدنية وبيوت للسكن غنية بالزخارف والنقوش».
وعن "زلبية" يقول "العبد الله": «هي كانت إمارة آشورية تسمى "زوحي" وتقع المدينة ضمن هذه الأمارة وتعتبر ميناء لها وهي تقابل "حلبية" حيث إنها تقع على ضفة الفرات الشرقية إلا أنها تنحرف عنها نحو الجنوب الشرقي قليلاً وكانت أيام الحكم الآشوري ذات قيمة عسكرية هامة ومعالمها قليلة جداً بالنسبة "لحلبية"، ويربط "حلبية وزلبية" أبنية سقفت نهر الفرات وفتحت نفقا يربط بين عرش الزباء وعرش زنوبيا ولا تزال آثار الجسر في نهر الفرات إلى الآن، وكانت "حلبية وزلبية" محط أنظار الغزاة من فرس وروم فقد دمرها كسرى "خسرو الأول" حوالي /540/ م بعد استيلائه عليها فلما استرجعها "جستنيا نوس" البيزنطي حوالي /565/ م أعاد بناء ما تهدم منها».
وعن المكتشفات في هذه المدينة يشرح "العبد الله": «قد كشفت البعثة السورية- الفرنسية التي أنهت أعمال التنقيب في موقع "حلبية وزلبية" بدير الزور للموسم الرابع على التوالي عن وجود رسوم وزخارف تزين جدران المدافن البرجية الواقعة شمال حصن "حلبية وزلبية" ويعود تاريخها إلى القرن الثامن قبل الميلاد وهذه الرسوم والزخارف التي تزين جدران المدافن هي ذات أشكال هندسية مختلفة وملونة بألوان الأحمر والبني والبرتقالي، ويبلغ عدد المدافن التي تم اكتشافها بحدود /64/ مدفناً مختلفة الأحجام تصل المساحة الوسطية للمدفن الواحد إلى /3،5/م طولاً و/3،5/م عرضاً، ويذكر أن هذه البعثة السورية- الفرنسية بدأت أعمال التنقيب عام /2006/ في موقع "حلبية وزلبية"».
المدرسة "الهام شحادة" دهشت عند زيارتها لمدينة "حلبية وزلبية" لما تحمله هذه المدينة من عراقة تاريخية، «فحجارتها تنبض بعبق الحضارات التي مرت واستقرت فيها، وعلى الرغم مما شهدته هذه المدينة من عوامل طبيعية من فعل النهر المجاور لها إضافة للتدمير الناتج عن الغزوات التي تعرضت لها إلا أنها صامدة بحصنيها وهذا هو تاريخنا الذي نفتخر به على مر العصور».