ولد "أبو علي دعبل محمد بن علي بن رزين بن ربيعة الخزاعي" سنة 148هـ في بلدة "قرقيسيا" 40 كم عن "دير الزور"، في عائلة فقيرة وفي قبيلة عظيمة هي "خزاعة".

مدونة وطن التقت بتاريخ 2/3/2013 مدرس اللغة العربية "محمد الحمود" الذي تحدث عن "دعبل الخزاعي" بالقول: «شبّ في بيت اختص بالشعر، فجده "رزين" شاعر كما ذكره ابن قتيبة في (الشعر والشعراء)، وأبوه "علي" كان من شعراء عصره، وعمه "عبد الله بن رزين" أحد الشعراء، وابن عمه "محمد بن عبد الله" شاعر له ديوان ويلقب بـ "أبي الشيص" أيضاً، وأخواه "علي أبو الحسن ورزين" من الشعراء المشهورين، وعن هؤلاء جميعاً أخذ "دعبل" ومنهم استقى وتعلم؛ فتلقف أبجدية الشعر وأصوله، وفهم معانيه وغاص في بحوره، وحفظ الكثير من الأبيات والقصائد، إلا أنه لم يشرع في النظم، وعاهد نفسه ألا يفعل ذلك إلا بعد أن ينهل المزيد من منابع الشعر الأصيلة».

ولد "دعبل" في بلدة "قرقيسيا" بلدة "البصيرة" اليوم، ورافق "دعبل" الشاعر "مسلم بن الوليد" حيث كان شاعراً متصرفاً في فنون القول حسن الأسلوب أستاذ الفن ويقال إنه أول من قال الشعر المعروف بالبديع، رافقه ليأخذ الأدب عنه ويستقي من فنونه، وعبر "دعبل" عن تلك الفترة بقوله: ما زلت أقول الشعر وأعرضه على "مسلم" فيقول لي: أكتم هذا حتى قلت قصيدة

وأشار الباحث المرحوم "عبد القادر عياش" في مجلة "صوت الفرات" الصادرة بتاريخ 1961م والذي تحدث فيها عن "دعبل" بالقول: «ولد "دعبل" في بلدة "قرقيسيا" بلدة "البصيرة" اليوم، ورافق "دعبل" الشاعر "مسلم بن الوليد" حيث كان شاعراً متصرفاً في فنون القول حسن الأسلوب أستاذ الفن ويقال إنه أول من قال الشعر المعروف بالبديع، رافقه ليأخذ الأدب عنه ويستقي من فنونه، وعبر "دعبل" عن تلك الفترة بقوله: ما زلت أقول الشعر وأعرضه على "مسلم" فيقول لي: أكتم هذا حتى قلت قصيدة». أقول فيها:

الباحث المرحوم عد القادر عياش

لا تعجبي يا سلم من رجل / ضحك المشيب برأسه فبكى

يا سلم ما بالشيب منقصة / لا سوقة يبقى ولا ملكا

قصر الغواية عن هوى قمر / أجد السبيل إليه مشتركا.

فلما أنشدته هذه القصيدة قال: اذهب الآن فاظهر شعرك كيف شئت ولمن شئت!

سرّ دعبل لهذه النتيجة وانطلق مارده الشعري من عقاله وراح ينشد أحلى القصائد وأعذبها، ولأنه تربى على محبة أهل البيت والولاء لهم، فقد كرس شعره من أجل الدفاع عن البيت النبوي الطاهر، وله من قصيدة طويلة في رثاء الإمام الحسين قوله:

يا آل أحمد ما لقيتم بعده / من عصبة هم في القياس مجوس

كم عبرة فاضت لكم وتقطعت / يوم الطفوف على الحسين نـفوس

صبراً موالينا فسوف نديلكم / يوماً على آل اللعين عبـوس

ما زلت متّبعاً لكم ولأمركم / وعليه نفسي ما حيـيـت أسوس».

وأضاف "عياش" حول جرأة "دعبل" بالقول: «بسبب الجرأة والهجاء كثر أعداء الشاعر ومناوئوه، فتربصوا للوقيعة به وقتله، لكنه لم يبال ورد عليهم بقصائد أشد وأقوى، واشتهر بقوله: (أنا أحمل خشبتي على كتفي منذ خمسين سنة لست أجد أحداً يصلبني عليها)!! ، ولم يتردد في هجاء الخليفة المأمون قائلاً:

أخذ المشيب من الشباب الأغيد / والنائبات من الأنام بمرصد

أيسومني المأمون خطّة عاجز / أوَما رأى بالأمس رأس محمد؟!

إني من القوم الذين سيوفهم / قتلت أخاك وشرفتك بمقعد

شادوا بذكرك بعد طول خمولة / واستنقذوك من الحضيض الأوهد.

عرف عن دعبل الخزاعي شدة ولائه لآل البيت والجهر بحبهم لذا أنشد بحقهم أجمل القصائد العربية وأحسنها على الإطلاق ولم تزل الألسن ترددها على مر السنين:

سقياً ورعياً لأيام الصبابات / أيام أرفل في أثواب لذّاتي

أيام غصني رطيب من ليانته / أصبو إلى خير جارات وكنّات

دع عنك ذكر زمان فات مطلبه / وأقذف برجلك عن متـن الجهالات

واقصد بكل مديح أنت قائله / نحو الهداة بني بيت الكرامات.

كان دعبل عالماً صنف عدة كتب متفنناً في فنون الشعر، ولدعبل روائع شعرية في النواحي الوجدانية والعاطفية تعد من عيون الشعر العربي في الوصف والفخر والرثاء والمدح والغزل».

ويشير الباحث "عواد الجاسم" بالقول: «اعتبرت قصيدة "دعبل الخزاعي" (مدارس آيات) إحدى قمم البلاغة العربية، وامتازت بقوة التعبير وروعة الأداء، عدد أبياتها (121) بيتاً يقول فيها:

مدارس آيات خلت من تلاوة / ومهبط وحي مقفر العرصات

لآل رسول الله بالخيف من منى / وبالبيت والتعريف والجمرات

ديار علي والحسين وجعفر / وحمزة والسجاد ذي الثفنـات

ديار عفاها جور كل منابذ / ولم تعف بالأيام والسنوات

ديار لعبد الله والفضل صنوه / سليل رسول الله ذي الدعوات

منازل كانت للصلاة وللتقى / وللصوم والتطهير والحسنات

منازل جبريل الأمـين يحلها / من الله بالتسليم والزكوات».

وعن وفاته قال "الجاسم": «أسرف دعبل الخزاعي في هجاء الناس فكان حتفه على يد أحد مهجويه، ومن اللافت للنظر أنه قد تعرض في شعره لخلفاء كثيرين، كما سبق إلا ان نهايته كانت على يد من كان اقل منهم مكانة وسلطاناً. فقد قصد "دعبل" يوماً ما "مالك بن طوق" ومدحه, فلم يرض ثوابه, فخرج عنه وقال فيه:

ان ابن طوق وبني تغلب / لو قتلوا أو اجرحوا قصره

لم يأخذوا من دية درهماً / يوماً ولا من أرشهم بعره

دماؤهم ليس لها طالب / مطلولة مثل دم العذره

وجوههم بيض وأحسابهم / سود وفي آذانهم صفره.

وهجاه في أبيات أخرى غيرها بقبح لسانه، وبلغت الابيات مالكاً, فطلبه فهرب، فبعث مالك بن طوق رجلاً حصيفاً مقداماً أعطاه سماً وأمره أن يغتاله كيف شاء, وأعطاه على ذلك عشرة آلاف درهم, فلم يزل الرجل يطلبه حتى وجده في قرية من نواحي السوس, فاغتاله في وقت من الأوقات بعد صلاة العتمة, إذ ضرب ظهر قدمه بعكاز مسموم فمات من الغد, ودفن بتلك القرية في سنة 246 هـ».