كان ينقع بالسمن العربي مدة سنة كاملة حتى لا يتشقق، ولم تكن أي مضافة في الجبل تخلو منه، فهو عنوان الصباح، والشمس التي تنير الشبابيك المفتوحة والأبواب المشرعة للضيف القادم من بعيد على غير موعد.. فما عليه سوى سماع الموسيقا الصاعدة من صدر المضافة حتى يتجه نحو الصوت ليصل ويجد من يقول له يا مرحباً بالضيف.
مدونة وطن eSyria التقت الشيخ "حسن الصالح" يوم الجمعة الواقع في 27/8/2013 والمولود في قرية "الجنينة" عام 1941 الذي تحدث عن الميزات التي تمتع بها القهوة المرة في جبل "العرب" قديماً وكيفية تحضيرها، فقال: «تعتبر القهوة المرة أهم المعالم التي يفخر بها الرجال في الجبل، وهي التقليد المتوارث من جيل إلى جيل. ولعل صوت المهباج الذي كان يطرب الناس قديماً متمماً لحالة الكرم التي تأصلت في النفوس والعقول. ومع شروق الشمس يقوم صاحب المضافة بإخراج القهوة الخضراء من (المزودة) المصنوعة من الصوف الملون، والتي تكون عادة موضوعة في مكان بارز في المضافة، وبعد ذلك توضع القهوة الخضراء في (المحماس) الحديدي بعد أن تفرز حبة حبة، حيث يتم تحميصها على نار هادئة، وتحريكها بواسطة يد المحماس الحديدية، وعندما تستوي ويتحول لونها إلى اللون الأشقر، يقوم الرجل بإفراغ القهوة الشقراء في مبرد القهوة الخشبي الجميل والمزخرف، وعندما تبرد القهوة تماماً توضع في المهباج وعندها يبدأ بالتغريد عليه بألحان شجية متنوعة، تبدأ بدق خفيف وناعم من أجل تكسير القهوة المرة بشكل متساوٍ.
هنالك طريقتان لحفظ المهباج، والتي نعرفها في "السويداء" وكانت تتم بطريقة غير معروفة للكثيرين، تتلخص في وضع المهباج في السمن العربي مدة سنة كاملة حتى لا يتشقق. وبعد أن نخرجه من السمن نطمره في التراب من أجل أن يمتص السمن عنه ونقوم بتغيير التراب أكثر من مرة، وبعد ذلك نقوم بطليه بمادة (اللكر) الحافظة له. أما في "دمشق" وتحديداً في الورش الفنية فيقوم الحرفي بوضع المهباج في الأرض ويطمره لمدة معينة، ثم يطليه بنفس المادة الحافظة
وبعد أن يشعر الرجل أن القهوة المرة بدأت تنعم شيئاً فشيئاً يزيد الدق بواسطة عصا المهباج التي يزيد طولها على المتر، (وهي مزخرفة من الأعلى إلى الأسفل، ويمكن أن تكون مطعمة بالصدف) وعندما يزيد الدق تتغير النغمات الصادرة لتسمع من بعيد أصوات دقات الحرب المتصاعدة من جوفه حتى يظن أن حبات القهوة أصبحت جاهزة. والقهوة يجب أن تكون خشنة قليلاً، وليس مثل القهوة الحلوة لأن المطلوب روح القهوة وليس القهوة نفسها، فبعد الغلي الذي يستمر لأكثر من ساعتين نحصل على قهوة مرة متماسكة بشكل كامل».
السيد "فوزات حذيفة " الذي ساهم بجمع العديد من المحتويات الموجودة في قاعة التراث بالمركز الثقافي العربي في مدينة "شهبا"، ومنها المهباج، تحدث عن صناعته وحجمه وطوله فقال: «يأتي خشب المهباج من شجرة البطم المنتشرة في عدد من المواقع الحراجية الكثيرة في المحافظة، وخاصة في منطقة "اللجاة" تلك المنطقة التي تضم بين طياتها مخزوناً كبيراً من هذه الأشجار المناسبة لصناعته محلياً، حيث يفضل هذا النوع من الأشجار في صنع المهباج لقساوته، عندها يتطلب من الصناعي دق هذا الخشب بقوة، ويقوم الصناعي باختيار الجذر القريب من الأرض، ويختار ذلك من أجل قساوة الجذر ولسهولة التعامل معه أثناء الحفر والدق، وبعد فصله عن الشجرة بطول يصل إلى نصف متر يقوم بفصل القشور القاسية عن الجذع لأنه بحاجة لخشب الجذع القاسي فقط، والقشور الخارجية لا تصمد عندما تجف، وبعدها يقوم بحفره من الوسط بعمق 30 سم تقريباً، ليأخذ بعدها شكلاً دائرياً مقبباً، حيث يجب أن تكون الفتحة مناسبة لدخول عصا الطحن التي تتميز بالزخارف والأشكال الجميلة من الوسط إلى الأعلى، والجزء السفلي فيها يكون عادياً من أجل تسهيل الدخول والخروج أما على محيط فوهته فتوضع صفائح معدنية تفيد في الزينة وحماية المهباج من التفتت عند الفوهة».
وعن الطريقة التي يتم فيها المحافظة على المهباج قوياً غير قابل للتلف، تحدث الشيخ "شكيب عبدو الصحناوي" المولود في قرية "الجنينة" في العام 1934 فقال: «هنالك طريقتان لحفظ المهباج، والتي نعرفها في "السويداء" وكانت تتم بطريقة غير معروفة للكثيرين، تتلخص في وضع المهباج في السمن العربي مدة سنة كاملة حتى لا يتشقق. وبعد أن نخرجه من السمن نطمره في التراب من أجل أن يمتص السمن عنه ونقوم بتغيير التراب أكثر من مرة، وبعد ذلك نقوم بطليه بمادة (اللكر) الحافظة له. أما في "دمشق" وتحديداً في الورش الفنية فيقوم الحرفي بوضع المهباج في الأرض ويطمره لمدة معينة، ثم يطليه بنفس المادة الحافظة».