الفضول وحده هو ما دفع "مديحة نعمة" إلى تقليد قطعة من المنسوجات المصنوعة على آلة النول وذلك في بدايات حياتها المهنية، فأعجبت بذلك العمل ما شجعها على تعلم الحرفة وإتقانها واجراء تعديل على الآلة بهدف إنتاج قطع فنية مبتكرة الألوان والرسومات بكافة الأحجام بالإضافة إلى صنع قطع من الإكسسوارات للزينة.
شغف الإبداع
تكشف الحرفية "نعمة" في حديثها لـ"المدونة" عن بدايات شغفها وحبها للحرفة وتقول: «عندما كنت صغيرة كان لدينا في المنزل قطعة قماشية مشغولة على آلة النول، وكنت أتفحصها وألمسها وأرغب بتقليدها، وهكذا بدأت تساؤلاتي عن هذه الحرفة، ورسمت آلة النول على الورق المقوى ولصقت عليه الخيوط، وبدأت أسأل عن هذه الآلة وعن آلية عملها وكيفية تركيب الخيوط وكل شيء عنها بالتفصيل، شاهدت النول التراثي والذي يتميز بحدود وأشكال وبدأت بتقليده فكانت النتيجة آلة نول بسيطة، ولكنها صنع يدي، ومن آلة نول واحدة أنتجت العديد من القطع التي تحتاج كل منها إلى نول خاص لإنتاجها، فأنا أقوم بإجراء تعديل بسيط على النول لكي يصبح قادراً على إنتاج قطع جديدة، بتعديل بسيط أنتج قطعاً مختلفة من آلة النول نفسها».
بدأت العمل مع اتحاد الحرفيين منذ خمس سنوات، وشاركت في المعارض بالعمل على آلة النول التي هي على وشك الانقراض، فالناس لا يعرفون عنها شيئاً وقد كنت كذلك قبل بدء تجربتي الخاصة، فآلة النول ضرورية للمشاركة في المعارض ولعمل منتجات تراثية مميزة تترك أثراً عن صناعتنا التقليدية وتراثنا الغني، ويمكن توريثها للجيل القادم للحفاظ على هذه الأعمال ومتابعة تطويرها
التّجديد
يتألف النول من أربع قطع من الخشب مثبتة بواسطة المسامير عادة، ولكن النول الخاص بها لا يوجد فيه مسامير لسهولة الحركة والحمل وليكون آمناً للأطفال ولذوي الاحتياجات الخاصة على حد قولها، حيث تثبت عليه الخيوط الطولية وتسمى السدى والخيوط العرضية وتسمى اللحمة المتداخلة فيما بينها، واستعاضت فيه عن الدواسات بتحريكه بواسطة اليد.
وتضيف "نعمة": «أبدأ بالرسم لتحديد النقش الذي أريد تطبيقه، وأحياناً يكون النقش ارتجالياً من دون تحديد للنقش قبل البدء بالعمل، واستخدم خيوط القطن والصوف وأنتج لوحات فنية مختلفة الحجم حسب توفر الإكسسوارات من خيوط القصب.. أما المشكلة الأصعب فهي غلاء أسعار الخيوط والألوان المستعملة للصباغ، فهي مرتفعة الثمن ما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف العمل بشكل كبير وهذا ينعكس على سعر المنتجات».
مسيرة التّحدي
وعن مشاركاتها تقول الحرفية: «بدأت العمل مع اتحاد الحرفيين منذ خمس سنوات، وشاركت في المعارض بالعمل على آلة النول التي هي على وشك الانقراض، فالناس لا يعرفون عنها شيئاً وقد كنت كذلك قبل بدء تجربتي الخاصة، فآلة النول ضرورية للمشاركة في المعارض ولعمل منتجات تراثية مميزة تترك أثراً عن صناعتنا التقليدية وتراثنا الغني، ويمكن توريثها للجيل القادم للحفاظ على هذه الأعمال ومتابعة تطويرها».
وتتابع بالقول: «يحتاج النول لغرفة مستقلة له لوحده، وبسبب الظروف الحالية وبعد النزوح فلا يمكن حجز غرفة له، وكان السؤال كيف استفيد منه ضمن الوضع الحالي واستمر بالعمل عليه، وأسعى لأن يعود لآلة النول مكانتها في المجتمع فقد كانت موجودة في كل بيت ولها غرفة خاصة بها وكان معظم الناس يعرفون العمل عليها، أما الآن فهي توجد في المعارض التي تضم حرفاً تراثية فقط، ولا يوجد إقبال من الجيل الجديد على تعلمها وهنا يبرز التحدي الكبير بإعادة الألق لهذه الآلة وإقامة دورات تدريبية للشباب عليها».
تعميم التّجربة
الباحث في التراث الشعبي "خالد الفياض" يقول: «"مديحة نعمة" تجربة شبابية ناجحة جداً، تتلمذت على يد الحرفي "أبو فراس الأيوبي" فقد بدأت من الصفر وتعمقت خبرتها وترسخت مسيرتها عبر تعلمها وإتقانها أساسيات العمل على آلة النول، ثم طورت نفسها بشكل متسارع خلال العامين الماضيين، فأضافت خيوطاً ورسومات جديدة، ويمكن من خلال هذه الآلة صنع أي شيء من الملابس التي تستعمل في الحياة اليومية وغيرها، فهي نجحت بالتعامل مع آلة النول، وتعتبر تجربتها مثالاً للتحدي والإرادة والتصميم ويجب الاقتداء بها والعمل على تشجيع جيل الشباب لتعلم الحرف التراثية والتقليدية التي اشتهرت بها بلدنا، ما يسهم في الحفاظ عليها من الاندثار، إضافة إلى توفير فرص عمل ومصدر دخل من خلال منتجات هذه الحرف والتي تشكل قيمة مضافة للقطاع الحرفي والسياحي».
تمت اللقاءات بتاريخ 13 كانون الأول 2022.