استطاع المهندس والأديب "أنور تركي الحسنية" أن يدمج العلاقة العلمية بين العلم التجريبي الهندسي القائم على لغة الأرقام وبين الأدب القائم على الإبداع والموهبة والنقد، إضافة لموهبته الخفية في قرض الشعر، ليستمر كل ذلك نجاحاً في العمل الإداري.
النشأة والدراسة
يتحدث المهندس "الحسنية" عن البيئة الاجتماعية التي كوّنت موهبته، ونشاته في بلدة "المشنف" (إلى الشرق من جبل العرب) المعروفة بتقاليدها وأعرافها الاجتماعية، والتي تحمل بين صخورها تاريخياً عريقاً، ويضيف: "درست الابتدائية والإعدادية في بلدة "المشنف"، والثانوية في ثانوية "شكيب أرسلان" بمدينة "السويداء"، ثم التحقت بكلية الهندسة المدنية وحصلت على إجازة في الهندسة المدنية عام 1992 من جامعة دمشق، حيث مارست المهنة بشكلها العلمي التطبيقي حتى حصلت على مرتبة استشاري في الهندسة المدنية عام 2022، ولكن الأدب كان يجري في عروقي الأمر الذي دفع بي لتقديم الثانوية مرة ثانية، ثم نيل إجازة في الآداب قسم اللغة العربية عام 2000 من جامعة دمشق".
عمل المهندس "الحسنية" في مديرية الخدمات الفنية منذ عام 1993 حتى 1997، وخاض تجربة الإدارة المحلية كرئيس لبلدية "بوسان" منذ 1997 حتى 2000، ثم عضواً لقيادة فرع حزب البعث العربي الاشتراكي في السويداء لأكثر من عشر سنوات، وقبيل عام 2012 تسلم مديراً للشركة العامة للمشاريع المائية في السويداء حتى عام 2020، حيث أعيد انتخابه من جديد عضواً في قيادة فرع الحزب، وخاض غمار العمل الفكري والسياسي والثقافي.
بين الهندسة والأدب
ويضيف "الحسنية": "يبدو للبعض أن الاهتمام بمجال الأدب يتناقض مع الاهتمام بالجانب العلمي، وهو اعتقاد غير دقيق، فمثلما يمنحنا العلم قدرة على التفكير المنطقي والعلمي والموضوعي، يمنحنا الأدب خيالاً وإحساساً وذوقاً فنياً، والذي يتكامل بدوره مع الخيال العلمي ورغبة في الإبداع والتجديد، لتكتمل النظرة للحياة التي تحكمها قوانين العلم مثلما تضبطها قيم ومعاني الأدب.. فمثلاً لم أجد تناقضاً بين قواعد اللغة العربية وبين معادلات الرياضيات، فالقاعدة الإعرابية في اللغة تشبه قانون الرياضيات أو الفيزياء، حتى أن نظرتنا للأشكال الهندسية كالهرم والموشور والمخروط والأسطوانة الدورانية وغيرها، تصبح أكثر دقة وأكثر جمالية عندما نربطها بنظرتنا للحياة".
ويرى أن طول الحياة ليس بعدد السنوات فقط بل بمقدار المواقف والآثار التي يتركها الإنسان، فعرضها (الحياة) ينتج عن فهمه ووعيه لها، وبالتالي سعادته، أما ارتفاعها فيرتبط بمستوى القيم التي آمن بها الإنسان خلال حياته".
وعن علاقته بالعمل السياسي يقول :" قلةٌ من يرى السياسة علماً وأدباً، حيث اعتدنا أن نراها عملاً يرتبط بحب السلطة والمناصب وطرح الشعارات، في حين أن السياسة علمٌ وأدب وأخلاق وقدرةٌ على قراءة الماضي والحاضر والمستقبل، ولذلك بمقدار ما يكون السياسي ذا عمق فكري وعلمي وثقافي، بمقدار ما يكون ناجحاً ومؤثراً".
شهادة حق
عمل الحسنية في هيئة تحرير جريدة الجبل لأكثر من 12 عاما كما يقوم باعداد ثلاثة برامج لاذاعة الكرمة و ينشر بشكل مستمر مقالات ادبية وفكرية في عدد من وسائل الاعلام الإعلامي "حسن كشور" يعتبر أن المهندس والأديب "الحسنية" هو واحد من رجالات الأدب والهندسة، فهو شاعر وأديب، ويضيف: "حينما يتكلم تستمع إلى أفكار منسجمة ومترابطة في المبنى والمعنى من حيث اللغة والأداء، يعمل على استخدام المنهج التطبيقي في التحليل والتركيب الفكري أي أنه يستخدم الهندسة والأدب معاً بخيط يجمع بينهما، وذلك من خلال إدارته الناجحة والمهام التي تسلمها خلال مسيرته الوظيفية، ولعل ما يخفي من إبداع أكثر مما يظهر، حيث تقرأ في أوراقه المبعثرة هنا وهناك أشعاراً متنوعة وآراءً أدبية تحمل قيمة فنية ورأياً في تشكيل الرأي العام، كونه ذا تجربة كبيرة في العمل الإداري والسياسي، وهذا يدفعنا الى احترام شخصيته بما يتمتع به من هدوء وسكينة وابتسامة تحمل الخير والأمل".
بدوره يشير المهندس "يحيى الصحناوي" إلى أن المهندس "الحسنية"حينما كان مديراً للشركة العامة للمشاريع المائية، تميز بخبرته وإدارته الناجحة وعمله في متابعه تنفيذ الخطط وفق المعايير العلمية، وهو اليوم يعمل استشارياً هندسياً لخبرته وتميزه بعمله ويضيف له بصمات واضحة في تحسين النسيج العمراني عندما كان رئيسا لبلدية " المشنف " .