شكّلت "التوك توك" الكهربائية كوسيلة للنقل، نواة لمشروع أطلقته خمس فتيات جامعيات في مدينة "سلمية" لتخديمهن أولاً ثم لتخديم الآخرين من خلال نقل وشحن الاحتياجات اليومية للمنازل البعيدة اضافة لتخديم المحال التجارية والمطاعم وغيرها.
المشروع الذي سمته الفتيات "واصل لعندك" جاء بدعم من مؤسسة آغا خان التي أقامت ورشات متخصصة لهذه الغاية ثم قامت بتمويل المشروع مجاناً للمساهمة في التخفيف من تكاليف النقل ولمساندة الجامعيات ودعمهن وأسرهن في المعيشة.
"واصل لعندك"
لتأسيس المشروع كان لا بد من اتباع ورشات عمل ودورات تدريبية وفرتها مؤسسة الآغا خان، وعن ذلك تقول "يمار حمودي" 1995، مهندسة زراعية، ومهمتها عقود وصيانة الآليات: "منذ 11 شهر اتبعت وزميلاتي دورة لمدة أسبوع في التصميم المرتكز على الإنسان مع مؤسسة الآغا خان، فساهم المشروع في تأمين فرصة عمل لي في ظل الظروف المعيشية الصعبة، وساعدني في دعم أسرتي، فإخوتي في الجامعة أيضاً ووالداي متقاعدين، ومكنني من قيادة المبادرات الشخصية وصقل طريقة معاملتي مع الآخرين".
وتضيف: " كان علي تخطي الصعوبات التي تواجه المشروع، بسبب أعطال بطاريات الآليات شهرياً فهي مكلفة وتحتاج صيانة دورية، كما أن المشروع سهّل علي عملي الثاني في صناعة نوع من أنواع جيل الأظافر للسيدات، وذلك بفضل وجود الطاقة الكهربائية دائماً في مكتب العمل".
بدورها "ريام عجوب" 1998، وهي خريجة معهد صحي ومسؤولة الإعلام في الفريق تقول: "لدي تجربة طويلة بالعمل التطوعي مع مؤسسة الآغا خان ضمن اختصاصي الصحي، وجاء المشروع لدعم تجربتي الأولى في الاعتماد على نفسي وتحمل المسؤولية في مهمتي ضمن الفريق، حيث أقوم بنشر الخدمات التي يقدمها مشروعنا على التواصل الاجتماعي في نقل البضائع بعدة أوزان من (1وحتى600) كيلوغرام منزلية، تجارية، صناعية، مطاعم)، وساهم المشروع في حل أزمة النقل الموسمية مثل نقل المازوت والسجاد للمغاسل، وطلبات الثلج صيفاً، لاسيما وأن أسعار نقل "واصل لعندك" أقل كلفة من الآليات التي تعمل على المحروقات، كما أضاف لي المشروع معرفةً بالميكانيك مثل قطع غيار الآلية، وأحياء "سلميه" التي كنت أجهلها".
سير العمل
بدأ المشروع بثلاث آليات "تيك توك" بمنحة مقدمة من مؤسسة أغا خان بقيمة 30 مليوناً في عام 2022، وحسب ما تبين مسؤولة التنسيق بين مكتب واصل، ومؤسسة آغا خان، "نور أسعد" فإن قيمة المنحة غطّت قيمة استئجار المكتب الواقع في شارع شعبة الهلال الأحمر غرب المستوصف الإشرافي، وثلاث آليات ولوحي طاقة شمسية لشحن البطاريات، والآن بعد مضي 11 شهراً ومعاناة مع مولدة تعمل على البنزين لدعم الطاقة الشمسية عند الحاجة، وحرصاً منا على عدم توقف العمل، تقدمنا بطلب منحة تشاركية من مؤسسة آغا خان تتضمن 30% على نفقة المكتب و70% من المؤسسة".
وتضيف: "كان المشروع حلماً بالنسبة لي لما له دور في دعمي مادياً وتأمين مصروف الجامعة، وإعانة أسرتي لاسيما وأن والديّ متقاعدان، كما ساهم المشروع في تأمين فرصة عمل لأخي كسائق في المكتب".
وفي ذات السياق تتحدث المهندسة الزراعية "ريام محفوض" 1993 المسؤولة المالية في المشروع بالقول: "عملي يقتصر على تنظيم المشتريات والمصاريف وتوزيع الرواتب، ومهمتي إيجاد توازن بين الدخل والنفقات".
أما "هديل الحاج" 2002 طالبة حقوق سنة ثالثة تشير إلى أن مهمتها تنسيق الورديات بين عمل السائقين الشباب والفتيات، "نعاني من ترك السائقين الشباب للعمل بسبب التزامهم بالدراسة في الجامعة، أو أن البعض ليس لديهم صبراً على العمل، شخصياً أستمتع بعملي فقد اقتنيت دراجة هوائية من دخلي، والآن أجمع مدخراتي لشراء لابتوب.. لقد منحني العمل ثقة كبيرة بنفسي".
خدمات متميزة
من جهته يصف "محمد خضور" 2001، طالب جامعة بكلية العلوم قسم الكيمياء الحيوية، تجربته بالمشروع بالمتعة ويقول: "بدأت العمل ضمن المشروع في شهر نيسان من العام الحالي، وانتهى في تشرين الأول بسبب دراستي الجامعية في "حلب"، وأسعدني العمل في مشروع "واصل" لأنه يمتاز بالتنظيم الإداري وتنسيق المهام وتنظيم عمليات استقبال الطلبات وآلية إيصالها للزبائن بالوقت المناسب، وهذا المشروع أعطاني فكرة جديدة في عمل المشاريع وزادت علاقتي الاجتماعية وتجربة عمل مميزة مع كادر متعاون".
بدوره يقول "علي قنوع" عضو مجلس مدينة سابق في بلدية "سلمية": "شكّل مشروع "التك تك حالة حضارية وخدمية، فالفتيات الجامعيات أعطين صورة راقية بسلوكهن المميز، كما وتعد نظافة البيئة أهم مظاهر المشروع باعتمادها على الكهرباء بدلاً من النفط ومشتقاته الملوثة للبيئة، وفي الجانب الخدمي يمكن تخفيض أسعار النقل إلى جانب حفظ المواد المنقولة دون أن تتعرض للخلل أو الفقدان، كما ويشكل مظهر الآليات الخارجي وحركتها المميزة بعيداً عن الإزعاج أو إصدار الأصوات القوية حالة جمالية تجعل الناس يقبلون على التعامل معها في تأمين الخدمات الضرورية، وكل ما يتعلق بالنقل والتوصيل بهدوء وأمان، نأمل أن يلقى هذا المشروع الحضاري كل الدعم والتشجيع من الجهات المسؤولة".
وعن استفادتها من خدمات "واصل" تقول "هلا عجوب" ربة منزل: "أسكن في المساكن الغربية، وزوجي موظف ودوامه طويل، لذلك أجد صعوبة في تأمين طلبات البيت وترك أطفالي الصغار، لاسيما أني بعيدة عن السوق، لذلك جربت التعامل مع المشروع وكانت النتيجة جيدة فهي مريحة، وهناك سرعة في التلبية، والأسعار مقبولة والأهم ثمة أمانة في العمل".