لم تقتصر المبادرة الإنسانية التي انطلقت في محافظة طرطوس قبل عامين تحت اسم "حبة دوا من هون وحبة من ‏هون فيها أجر وعافية" على أبناء المحافظة، بل شملت مؤخراً الأشقاء اللبنانيين بعد العدوان الإسرائيلي ونزوحهم إلى الساحل ‏السوري.‏

مؤسس المبادرة الدكتور "عيسى حسن حسين" تحدث في حوار خاص مع مدونة وطن: إنَّ الهدف منها تأمين الأدوية للمرضى ذوي الدخل المحدود والضعيف، حيث انطلقت فكرتها ‏نتيجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة في سورية، ناهيك عن قلّة الأدوية ‏وارتفاع أسعارها، لتخلق فكرة ترشيد استخدام الدواء، أي الفائض أو المتبقي ‏منه عند المرضى، ثم يتمّ تجميعه ليصبحَ وصفة كاملة لمريض آخر.

ويقول الدكتور حسين: "المبادرة بدأت بجهود شخصية مني ومن فريق المبادرة، كان شركاؤنا للاستمرارية فيها هم الأطباء والصيادلة وشركات الأدوية ‏والمجتمع الأهلي بما يقدمونه من أدوية وعينات مجانية تتوافر لديهم، ليتمّ ‏التنسيق والتواصل فيما بيننا حول وسيلة توصيلها لنا، وبالمقابل يقوم ‏فريق المبادرة بأخذها لمن هم بحاجتها من المرضى والفقراء والمسنين ‏وذوي الاحتياجات الخاصة".

توزيع الدواء على الوافدات

والدافع الرئيسي على حد قول الدكتور حسين هو حس المسؤولية أمام أبناء وطننا في ظلّ ‏الظروف الراهنة، وخاصّة بعد أن أوقف عدد كبير من المسنين وأصحاب ‏الأمراض المزمنة علاجهم نتيجة وزر النفقات، كما أشار إلى ما قدمته ‏المبادرة للأخوة النازحين من المحافظات السورية إلى طرطوس أثناء زلزال ‏السادس من شباط 2023.

ويشير "حسين" إلى عدد الأفراد الذين استفادوا من المبادرة حتى اليوم، حيث بلغ 20368 شخصاً، بينما بلغ عدد الأدوية المصروفة لهم 48288 علبة دوائية، كما ‏تم صرف 25 جرعة سرطانية لعدد من مرضى الأورام.

الدكتور عيسى حسين مؤسس المبادرة

دعماً للأشقاء

اثناء توزيع المساعدات

بعد أن شن العدو الإسرائيلي عدوانه الغادر على لبنان تجدّدت الدعوة في المبادرة لخدمة الأخوة اللبنانيين، وتلبية مستلزماتهم الصحية تجسيداً لمبدأ "‏عشق الوطن ملحمة يترجمها العطاء والشعور بمعاناة الآخرين".

وقد تم التواصل مع ‏الوافدين اللبنانيين القاطنين في بلدة الشيخ سعد ودوير الشيخ سعد والقرى ‏القريبة المحيطة بالشيخ سعد منذ 15 يوماً، لتصل المبادرة إلى /18/ وافداً حتى ‏اليوم، وبلغ عدد الأدوية المصروفة لهم /80/ علبة دوائية، كما تسعى المبادرة إلى ‏التأهب والاستعداد لاستقبال أعداد أكبر، وتوفير الدعم اللازم لهم لحين العودة ‏الآمنة إلى ديارهم.

وتحدث الدكتور حسين عن أن بعض المرضى من الوافدين اللبنانيين يستخدمون أدوية أجنبية غير ‏متاحة في صيدلية المبادرة، على الرغم من أنها تضم /150/ صنفاً دوائياً جاهزاً، ‏لكن العمل جار بشكل مكثّف على تأمين النقص.‏

صعوبات ومعوقات

تكمن الصعوبات كما يخبرنا عنها الدكتور حسين في تأمين بعض الأدوية النوعية، إضافة إلى الحاجة لتوفير أدوية الالتهاب ‏والمسكنات والأسبرين بكميات كافية، كما تجد المبادرة صعوبة في مسألة النقل عند استلام الأدوية من المواطنين ‏ونقلها من الأطباء والصيادلة وغيرهم، وفي جولات الفريق الميدانية والتي تصل إلى /13/ قرية، يتم خلالها فحص المرضى ‏وصرف الأدوية لهم مجاناً.‏

دعم ومساندة

العلاقة بين المبادرة والقطاع الصحي الحكومي نشيطة ومتفاعلة، وحول هذا الشأن قال "حسين" :"لأننا بالأصل نعمل ضمن المنظومة ‏الصحية في مديرية الصحة، فنحن معنيون بمراعاة وضع المديرية، ‏ومساندتها بإرسال الأدوية لعدد من المرضى في بعض المدن والمحافظات، حيث لم تقتصر المبادرة على توزيع الأدوية فقط، بل شملت عدداً من المستلزمات ‏الطبية على سبيل الإعارة، كأجهزة الضغط وتحليل السكر مع الشرائح وجهاز الإرذاذ والأكسجة والعكازات والوكر والكرسي المتحرك، كما تم ‏توزيع أكياس وقواعد الكولستومي الخاصة لتصريف الفضلات من الأمعاء لعدد من المرضى، إضافة إلى أربطة ‏ضاغطة للكسور.‏

خطط مستقبلية

بعد حصولهم على الموافقة، وعلى قرار الإشهار من وزارة الشؤون ‏الاجتماعية والعمل، يستكمل "حسين" الإجراءات لتحويل المبادرة إلى جمعية ‏خيرية تهدف إلى تقديم الرعاية الطبية والعلاجية لرفع المستوى الصحي ‏للمجتمع السوري في الريف والمدن، وتقديم خدمات صحية ودوائية للأطفال ‏والمسنين وذوي الاحتياجات الخاصة، بمؤازرة الأطباء والصيادلة وشركات ‏الأدوية والمجتمع الأهلي.

‏ مع الوافدين ‏اللبنانيين

حاورت مدونة وطن بعض النازحين اللبنانيين الذين استفادوا من المبادرة ‏الصحية التي كانت لهم ملاذاً في محنتهم لحين عودتهم سالمين إلى وطنهم. ‏المواطن اللبناني السيد "علي زين العابدين فقيه" القادم من جنوب لبنان، مدينة ‏صور، الذي نزح مع عائلته إلى مدينة طرطوس، عبّر عن مدى امتنانه ‏لأصحاب المبادرة الذين اتصلوا به، بإشراف الدكتور "عيسى حسن حسين"، ‏وقد حظوا بمتابعة شبه يومية للاطمئنان على صحتهم وتأمين بعض الأدوية لهم، ‏وهي عبارة عن أدوية عادية وأدوية الأعصاب، كما نوه باهتمام المبادرة ‏بأدق التفاصيل ومنها متابعة الحالات النفسية جراء الخوف من القصف ومشاهد ‏الدمار ورائحة الموت، التي تركت أثراً نفسياً قاسياً، خاصّة لدى الأطفال ‏واليافعين، وأشار إلى سرعة تأمين الأدوية المفقودة في مدة أقصاها يومان، ‏يتم استلامها في المركز الصحي مع "أروع معاملة" من قبل فريق المبادرة ‏على حدّ وصفه.‏

أما السيدة "هناء علاء الدين" القادمة من الضاحية الجنوبية، فاستدلت على المبادرة الصحية عن طريق بعض الأشخاص، حيث تستلم حاجتها من ‏دواء الضغط والشحوم والسكري من المستوصف، كما تتم معاينتها وقياس ‏الضغط والسكري لها، وتشكر أصحاب المبادرة على المعاملة الجيدة وسرعة ‏تأمين الأدوية المطلوبة.