المبادرة الطبية الإنسانية التي أطلقتها مجموعة من أطباء محافظة طرطوس بهدف إشعال شمعة وسط الظلام الحالك وفرت ما يحتاجه المرضى بأقل التكاليف الممكنة، فالمريض "حسام محمد" من سكان ريف مدينة "صافيتا" حصل على خدمة طبية مجانية متكاملة كان يحتاجها بشكل عاجل وضروري، تضمنت الفحص السرير التخصصي والأدوية الاستشفائية، حيث لم يكن بمقدوره الحصول عليها في ظل الظروف الاقتصادية والمادية الصعبة التي يعانيها وارتفاع أجور المعاينات السريرية، لولا مبادرة أطباء طرطوس الخيرية.

خيارات أحلاها مر

وفق ما أكدته المعلمة "أمل ديوب"، فحالها حال الكثيرين مع عدم توافر القدرة المالية في ظل الظروف الحالية، وعدم استلام الرواتب للشهر الثالث على التوالي.

عمليات التنسيق بين المرضى والأطباء عالية المستوى ومنظمة بشكل مريح للطرفين

ضعف القدرات المالية كانت السبب الأساسي لعدم النظر أسرياً في قرار مراجعة الطبيب بشكل عام وخاصة بالنسبة لابنتها الشابة التي هي في مقتبل العمر، وبشكل جدي ومستعجل وإسعافي، خاصة أنها تعاني من حبوب طفحت على الجلد منذ فترة بشكل مزعجة ومؤلمة، ولم تتمكن من مراجعة الطبيب لعلاجها نتيجة ارتفاع أجور المعاينات الطبية، ما أثر في نفسيتها وانعكس على دراستها الثانوية التي تحضر لامتحاناتها.

الدكتور علي حسن والدكتور سامر حسين

وهنا قالت: «بعد سماعي بمبادرة الأطباء المجانية في مدينة "طرطوس" سارعت على الفور للتواصل معهم وتحديد موعد لمراجعة الطبيب المختص بالأمراض الجلدية، حيث تمت المعاينة في العيادة التخصصية وسط المدينة دون تكبيدنا أي تكاليف مادية باستثناء أجور النقل من ريف "صافيتا" إلى المدينة فقط والبالغة نحو خمسين ألف ليرة ذهاباً وأياباً».

"سامر هاني حسين" الطبيب الاختصاصي بالأمراض الجلدية أكد أن هذه المبادرة هي سعي للمساعدة المجتمعية كل وفق قدراته واختصاصه في الحالات المرضية الإنسانية للمجتمع الذي هم جزء منه، في ظل الصعوبات الاقتصادية الكبيرة التي جعلت التفكير بتأمين وجبة الطعام والحاجيات الحياتية اليومية أهم بكثير من التفكير بالطبابة والاستشفاء رغم الضرورة الإنسانية الكبيرة لها.

أحد المستفيدين من المبادرة حسام محمد

الغيرة المجتمعية والتكافل الاجتماعي

وما يقومون به من خدمة طبية في هذه المبادرة هو مؤازرة ودعم وتشارك لعمل المشافي العامة المنتشرة على رقعة المحافظة، والتي تقدم خدماتها بشكل مجاني أو شبه مجاني على مدار الساعة، وهي محاولة منهم لخلق حالة من التكافل الاجتماعي الذي بات المجتمع أحوج إليه، في ظل ما يعانيه من صعوبات معيشية واقتصادية، وتعزيز حالة الغيرة المجتمعية لخلق مبادرات مجتمعية متنوعة تطال بقية جوانب الحياة.

المستودعات الصيدلانية من المشاركين في المبادرة

ويضيف الدكتور حسين: «الحالة المرضية أو الطبية اليوم وضمن ظروفنا وواقعنا الحالي باتت خارج اهتمامات الكثيرين وقدراتهم المادية، لذلك نرى أن ما نقوم به هو حالة إنسانية بالمطلق، ومن المتوقع تزايد الأعداد بشكل كبير بدليل أن التواصل والحجز حالياً على مدار الساعة من قبل المرضى.

وبالنسبة لنا ككادر طبي كل شيء محسوب ومنظم على أعلى مستوى لمنع حدوث أي تجاوزات أو فوضى محتملة نتيجة الأعداد المتزايدة دوماً، فنحن حريصون على تقديم الخدمة الطبية بأفضل حالاتها وإنسانيتها.

مؤازرة مستودعات الأدوية

انطلاقا من أهمية هذه المبادرة المجتمعية الطبية التي تسعى لتعزيز التكافل الاجتماعي ودعماً لها ولجهود الأطباء الذين يقدمون خدماتهم الطبية مجانية بادرت مستودعات الأدوية لتقديم مجموعات متكاملة من الأدوية الطبية الاستشفائية مجاناً التي يراها الدكتور "المهدي السوريتي" مندوب شركة "كاردينيا" للمواد الطبية لازمة ومكملة لعمل الأطباء، وخاصة أن أسعار الأدوية مرتفعة والبعض غير قادر على شرائها، وهنا قال: «تكامل تقديم الأدوية في ذات مكان تقديم الخدمة الطبية يخفف الكثير من المواصلات على المرضى ويشعرهم بتكامل مجانية الخدمة المقدمة».

مشاركة مستودعات الأدوية بتقديم الأدوية ليست عبثية كما يقول الدكتور "طلال سرحان" مندوب شركة "زيرا"، وإنما قائمة على الحاجة والتنسيق، يوضح ذلك بالقول: «نحن نسعى لتكامل الخدمة الدوائية مع الخدمة الطبية، ولم نسهم بأدوية غير مطلوبة أو مرغوبة لدى الأطباء لإكمال فحوصاتهم السريرية، لذلك ما قدمناه من أدوية ليست فائضا ً أو نماذج طبية، وإنما هي أدوية كاملة مجانية يحتاجها المريض للاستشفاء وفق وصفة الطبيب المختص».

صاحب فكرة المبادرة الطبية الخيرية

الدكتور "علي حسن" اختصاصي جراحة عامة، منظم مبادرة أطباء طرطوس الطبية الخيرية قال: «أطلقنا هذه المبادرة لتقديم خدماتنا الطبية المجانية أو شبه المجانية لمساعدة أهالينا، فكثير من العائلات باتت مجبرة على الاختيار بين الحصول على الخدمات الطبية رغم حاجتها لها أو الحصول على الحاجيات المعيشية اليومية، وبالغالب الخيار الثاني هو الأرجح بين كفتي الميزان".

الخدمات الطبية التي يقوم الأطباء بتقديمها، هي خدمات شاملة، كلّ حسب اختصاصه، مع إمكانية توفير بعض الأدوية اللازمة، وإن تطورت الحاجة الطبية السريرية إلى الاستشفائية وكان هناك حاجة لبعض التكاليف المادية الخارجية يسهم الطبيب بإتعابه مجاناً أو بشكل شبه مجاني حسب الحالة.

يشاركنا في المبادرة أطباء مغتربون من خلال تقديمهم الاستشارات الطبية التخصصية أون لاين، وأيضاً يشاركنا أطباء مساهمون بتقديم عياداتهم وسط المدينة مع كامل تجهيزاتها، إضافة لأجهزة الإيكو مثلاً أو التصوير الشعاعي، ما يسهل عمليات الوصول اليها ويخفض الحاجة للمواصلات والتنقل، ويشاركنا أيضاً بعض مخابر التحاليل الطبية، لنشكل مع بعض خدمة طبية متكاملة ترضي المريض».

ويختم: «عمليات التنسيق بين المرضى والأطباء عالية المستوى ومنظمة بشكل مريح للطرفين».