أصل التسمية: وقف الباحثون بحيرة أمام كلمة "النابل"، ويقول اللغويون: النائل: كثير العطاء – نيّال نيلاً ونائلاً – صار نالاً أي جواداً، وقالوا أيضا: النائل الذي يهتز بمشيه، وينهض برأسه يحركه إلى فوق، كمن يعدو وعليه حملٌ ينهض به.

وقال القصاصون: "نايل" اسم لرجل، قيل بمدحه أول بيت نظم من هذا اللون، وقد ورد ذكر لهذا الاسم فيه كقول الشاعر:

نايل يريد يعبر.. نايل يريد يموت/ عجزت حكومة "حلب" دزّم على "بيروت"

حفل غناء شعبي

وقيل أيضا "النايل": الأسود، وهو لون الحزن ومن ذلك تقول الشاعرة:

من لون "السويحلي":

يا ثوب حزني أجرد وأزيدك نيل/ أخوي وابني مهم بغلاة الزين

إلاّ أن الآراء متباينة ومتشتتة، كما هو واضح، لكن المعروف لدينا أن "النايل" أحد أبرز ألوان الشعر الشعبي المغنى في وادي الفرات عموماً، وفي مدنية "الرقة" بشكل خاص.

وشكل "النايل"، هو بيتٌ منفردٌ من شطرين موحدي القافية. يمتاز بالرقة والسلاسة، والكلمة البسيطة، السهلة اللفظ، المتداولة المعنى بين العامة، وتحمل أغلب أبياته جملاً خبرية تميل كثيراً إلى السرد القصصي:

ما تنفع اللايمة وصفق باليدين/ حزين طول العمر عالترقبوه عيني

ويكتب "النايل" دائماً كما أسلفت بيتاً منفرداً تتكثف فيه المعاني التي تنقل الفكرة المطروحة كاملة، لكنّ ثوب الحزن الذي يرتديه يضفي عليه مسحة مأساوية، تشير إلى المعاناة التي تسكن قلب الشاعر الذي قاله:

قولم لولف القلب العلو لا يشباه/ البوم عاف الحزن لقلوبنا خلاّه

وزنه العروضي: يكتب "النايل" على البحر البسيط، ووزنه ذات وزن "الموليّا" لأنه كشطري بيت "الموليّا" الأولين.

ويغني "النايل" بطرق عدة تتشابه وتختلف وهي:

1 – "نايل الورّادات" 2- "نايل الديرة" 3- "نايل الزمارة" 4- "نايل أبو كذالي"، ومن أشهر المغنين الذين أجادوا غناءه "حسين الحسن" ، "إبراهيم الأخرس"، "خليل الهباش"، "حسان الأحمد العقلة"، "موسى العبد العزيز".

الألم والمعاناة في "النايل" الرقي: من أبرز الشعراء في تجسيد هذا الجانب الشاعر "موسى الحمد" بمسحته الحزينة، وألمه الدائم ودمعته المنحدرة، وقلبه المحترق، يقول من ذلك:

أشحذ سلامك بعيني شحاذة يتيم الأم/ مجروح رأس القلب والجرح ما يلتم

وقوله أيضاً:

بعد ماراح العمر ظل الهوى بالجوف/ وقلبي مليله بجمر ما بين آخ وأوف

ولم تغب هذه الظاهرة في شعر "محمود الذخيرة"، الذي ازدهر "النايل بين يديه في مدينة "الرقة"، مع أنه يمتلك شفافية شعرية مميزة، ويحتوي شعره على الكلمة العذبة:

يا ريح امشي بهوادة خد الزين لاتدميه/ خايف عليه يتبثر جرح القلب يحييه

ويقول أيضا:

عرسك مبارك حبيبي لوّك طرفت العين/ منهو اليسلي القلب من بعدكم يا زين

وتبدو معالم هذه الظاهرة في "نايل" الشاعر "زيد الهويدي"، الذي يحمل بين حناياه سمو نفس وجرس موسيقى حزين.

حبيبي إش هالجبار تبيع المحبة شبار/ من أجل عينك يا غالي عفنا الأهل والدار

ولم تزد هذه الميزة "النايل" إلا عذوبة، وروعة ونكهة، تنقل نفحة البيئة وجغرافية الطبيعة، وربما قساوة الحياة في جانب منها تنمّ عن حس شاعري يُنقل على شفاه المغنين بكل إحساس وشاعرية، وتظهر مع كل حرف يتلفظون به، وهذا ما لمسناه في كل ما سمعناه من "النايل" سواء على ألسنة الشعراء أو على شفاه المغنين.