ودّعت خشبة دار الأسد للثقافة والفنون بحماة مهرجان "حماة" المسرحي الواحد والعشرين بعد ستة عروض مسرحية حمل بعضها طابع التجديد، وحاول الآخر الاقتراب من طرق أبواب جديدة من الفرجة المسرحية، بينما غاص البعض الآخر في غياهب المباشرة والتقريرية.

مدونة وطن eSyria تواجدت طوال أيام المهرجان ورصدت ديكور بعض العروض من خلال لقاءات أجرتها مع عدد من المخرجين والفنانين والمختصين:

توظف الديكور بطريقة جيدة في العرض المسرحي، وكان هناك استخدام كامل لقطع الديكور على الخشبة المسرحية، بالرغم من تناقض هذا الديكور مع الطرح الفكري للنص

المخرج "يوسف شموط" تحدث عن قطعة الديكور الوحيدة التي استخدمها في عرض الافتتاح "أنغام ورقص.. حمّام ساخن"، فقال: «هذه القطعة التي استخدمتها كديكور كانت تعبّر عن عدّة أشياء، فهي كانت تعبر عن مظلة رأس المال، وكانت تمثل سلطة التشويه، وبنفس الوقت كانت قدم فيل، قطعة الديكور هذه كانت الحاكمة لمسرحيتنا وهي أساس العمل».

"محمد شعراني"

وحول النظرة السوداوية التي شكلها استخدام "التواليت" أضاف "شموط": «قد تكون النظرة سوداوية، فعندما يتحكم المال بمصائر البشر فيشوههم، ويصل إلى قتل كل ما هو إنساني، وكل ما هو جميل، هل تريد أن أضع في وسط هذه الانكسارات باقة من الورد مثلاً؟؟ هذا غير وارد».

الناقد "زيد الظريف" تحدث عن ديكور عرض "أخطاء حمراء" فقال: «لعب المخرج على موضوع التناظر على المستوى التشكيلي والمستوى الفراغي فنجح فيه، على المستوى التشكيلي من خلال استخدام الألوان التي تتراوح بين الأبيض والأحمر، والصراع الدائم بين هذه الدلالات، كذلك لعب على التناظر من خلال ممثل "سمين" وآخر "نحيف"، ذكر وأنثى، ولكنه ضرب هذا التناظر من خلال زجاجة "الويسكي" الوحيدة».

"عفواً بيكيت" بلا ديكور

السيد "سنان الشيخ" تحدث عن استخدام الديكور في عرض "نرجع كالريح" لمخرجه "رفعت الهادي"، فقال: «توظف الديكور بطريقة جيدة في العرض المسرحي، وكان هناك استخدام كامل لقطع الديكور على الخشبة المسرحية، بالرغم من تناقض هذا الديكور مع الطرح الفكري للنص».

وقال "زيد الظريف" عن الديكور في عمل "عفواً بيكيت": «تغير شكل العمل لدى "الحلاّق" وكنّا نتمنى أن يشمل التغيير الديكور لكي يتمتع المشاهد أكثر من ناحية الفرجة، ما قدمته شاشة الإسقاط كان لطيفاً، ولكن العرض كان بحاجة إلى المزيد من التكامل على عدد من الأصعدة وأحدها هو ديكور الخشبة».

الفنان "زيد الظريف"

وعن ديكور عرض "مشاجرة" لمخرجه "نضال صوّاف" قال المسرحي "محمد شعراني": «لباس الممثلين كانا بحد ذاته الديكور، تشابه الممثلين من الخارج هو ديكور، الأفكار والبراهين التي كانت توزع من خلال كرات تملأ الخشبة هو ديكور، الحركة التي عملوا بها، هذا الديكور المختزل البسيط من الكرسي و"اللمبة"، والتلفزيون الذي استخدم ككرسي، والذي كان له استخدام آخر، إلا أن التقنية لم تمكنه من العمل في ختام العرض، لم يشعرنا بعدم وجود ديكور "أثاث"، الحيوية التي تنبض على الخشبة وحتى الإضاءة كانت على نسق واحد، "اللمبة" التي كانت فوق الخشبة كان لها كل الإستخدامات، هذا كله كان ديكور متميز».

كلمة الختام كانت للفنان "زيد الظريف" خريج المعهد العالي للفنون المسرحية الذي قال: «هناك تباين عموماً في ديكور العروض المسرحية التي شاهدناها، لكن مازال يغلب إلى اليوم على مسرح الهواة طابع المسرح الفقير، "جرتوفسكي" عندما صنع المسرح الفقير صنعه ضمن معايير، أن ما هو فقير على الخشبة يغنى به جسد الممثل، أي أني لا أشتري طاولة بعشرة آلاف ليرة سورية، لكني استعمل جسد ممثل يعبر لي عن طاولة، وهذا هو أيضاً بعد آخر في الديكور، وأيضاً يتبع السينوغرافيا ويجعل لها رائحة وهوية معينة، قطع الديكور مازالت فقيرة بسبب نقص المادة وليس نقص الغنى الفكري».

وأضاف "الظريف": «هناك من يتبع "الأسلبة"، و"الشرطية"، أي أسلوبية الأداء، وشرطية الحضور، بمعنى انه قد يومئ بشي ما ليعبر عن قطعة إكسسوار معينة، وقد درج عليها المسرح الآسيوي قديماً، وهي حالة فنية واختزال بصري مهم يعبر عن ذكاء الحالة الإخراجية وذكاء التوجه الدرامي لدى الفرقة».

وختم "زيد الظريف": «أتمنى لو أراد مخرجينا أن يتبعوا أسلوب "المسرح الفقير" أن يفهموا ماهية المسرح الفقير، وأن يعوضوا فقر مسرحهم بالغنى الفكري، وغنى الخيال الذي يبعدهم عن أسلوب الزحام على الخشبة، أما أن يكون هذا الفقر نتيجة فقر مؤسسات راعية للعروض المسرحية، عندها نقول "وا أسفاه"».