"العريض" هو اسم لأحد شوارع "طرطوس" يتميز بطابعه الشعبي المتمدن فهو يجمع بين السوق التجاري والحي السكني بالإضافة إلى شهرته الواسعة برخص موجوداته.
للتعرف أكثر إلى شارع "العريض" زرناه بتاريخ 9/3/2012 وتحدثنا مع السيدة "بثينة عثمان" إحدى النساء التي التقيناها في الشارع وقد كانت تحمل الكثير من المشتريات تحدثت بقولها: «أسكن في حي "المشروع السادس" وآتي بشكل دوري للتبضع من "العريض" فبضائعه رخيصة الثمين قياسا بسوق "هنانو" وكذلك معظم الحاجيات متوافرة بما في ذلك الخضراوات والفواكه في سوق الخضار الخاص به».
أنا من "الدريكيش" أنزل إلى "طرطوس" لشراء حاجيات الأسرة واختار سوق "العريض" لرخص الثمن وكذلك لشراء الحاجيات بالدين وأسدد الحساب في آخر الشهر فهكذا اعتدت
السيد "بهجت قدور" تحدث بقوله: «أنا من "الدريكيش" أنزل إلى "طرطوس" لشراء حاجيات الأسرة واختار سوق "العريض" لرخص الثمن وكذلك لشراء الحاجيات بالدين وأسدد الحساب في آخر الشهر فهكذا اعتدت».
وتابع حديثه فقال: «طبعا أنا أستدين من عند شخص من قريتنا يملك محلا هنا وهو عرفني على باقي المحلات، حيث آخذ من عندهم ما أحتاجه بالدين على كفالته وأغلب الناس هنا يفعلون ذلك فمعظم سكان هذا الشارع هم من القرى قدموا إليه وأسسوه منذ زمن طويل».
التقينا أيضاً أحد أصحاب المحلات في الشارع وهو السيد "علي سلامة حسن" حيث حدثنا عن الشارع بقوله: «أتى أبي ليسكن هذا الشارع منذ عام /1961/ فعمر بيتا متواضعا وهذا المحل للسمانة وفي ذاك الوقت كان هذا الشارع عبارة عن أراض حراجية تحوي "الصبار" و"القصب" وقد بني محلنا هذا على "شريك" ومعناه الطريق الترابية كما أخبرني والدي».
وتابع: «السوق التجاري في "شارع العريض" بدأ رسميا منذ أوائل الثمانينيات حيث أصبح مأهولا بالناس وكان من الضروري وجود شتى أنواع المحال التجارية بعد أن كانت محلاته تقتصر على بعض محال السمانة، وطبعا اسم شارع "العريض" هو الاسم الشعبي للشارع وسمي كذلك لأنه من أعرض شوارع "طرطوس" وأما اسمه الرسمي فهو شارع "طارق بن زياد"».
السيد "علي إبراهيم" وهو صاحب أقدم المحال التجارية في السوق تحدث بقوله: «أتيت مع زوجتي إلى هذه المنطقة منذ عام 1975/ وأذكر وقتها كيف أن أهلي خافوا من الفكرة بسبب أن الشارع في ذاك الوقت لم يكن مأهولا ولم يكن أحد يتوقع له أن يتحول بهذه الطريقة ويتطور فأخبرتهم أني أريد أن أجرب حظي وطبعا الشارع وقتها لم يكن يحوي أكثر من /20/ بيتا وبالفعل سكناه وبنينا محلا صغيرا عام /1975/ وبدأنا البيع بالدين حتى إن دفتر الدين لدينا كان يحوي أكثر من ألف اسم كانت تأتي إلينا عائلات كاملة لتستدين الثياب أيام العيد، وكنت أتخوف أحيانا من ذلك لكن التوفيق حالفنا واستمر محلنا لسنوات على هذه الطريقة، وبالتالي نحن من أسس لحركة تجارية في هذا السوق فقد كان كل من يأخذ من محلنا بالدين يخبر صديقه أو قريبه فيأتي بدوره إلى محلنا ليأخذ مشترياته بنفس الطريقة، وهكذا كنا كنقطة علام في هذا السوق وشجعنا الباعة الآخرين للاستثمار نظرا لإقبال الناس، وهكذا بدأ السوق التجاري في شارع "العريض"».
السيدة "سعاد يعقوب" زوجته تحدثت بقولها: «ظل محلنا في الشارع لوقت طويل الأساس به حتى إن رسائل البريد كانت تصل لمحلنا بوصفه العنوان الوحيد المتاح والمعروف في المنطقة وكل شخص في الشارع لديه أقرباء في المغترب كان بريده يصل إلينا بعد أن يستأذننا لوضع المحل كعنوان له وقد وصلنا آخر مكتوب منذ حوالي /10/ سنوات ، إلا أن الإنترنت وخطوط الهاتف أوقفت هذه الحالة التي كانت جسر تواصل بيننا وبين الناس».
وتابعت: «الآن الشارع مزدحم دائما والعلاقات التجارية فيه كالعلاقات الاجتماعية، فهو يجمع بين السوق التجاري والحي السكني، ولا خوف من أحد في هذا الشارع بعدم رد الدين لأن أغلب الناس يعرف بعضها بعضاً هنا».
الأستاذ "محمود عجي" وهو مدرس لغة فرنسية تحدث بقوله: «انتقلنا للسكن في الشارع عندما كنت في الصف الثالث الابتدائي وكانت حينها نهاية الشارع عند بيتنا تماما. أما حديقة "الطلائع" فكانت قديما عبارة عن بستان فيه بركة ماء وناعورة صغيرة، وكنا نلعب فيها زمن الطفولة، والقسم الجنوبي من الشارع كان عبارة عن مدرجات حجرية ونبات "الصبار"، أما اليوم فالشارع يحوي خمسة مدارس ومستوصفا، ومخبزا آليا، وسوقا للخضراوات».