في زمن كانت فيه الحياة قديمة؛ حمل الفطنة واستفاد من أفكار قرأ عنها وذاكرها، ليكون أول مصور وثق لبلدته "الكفر"، يظهر الصور ويبتكر تصاميم للحصول على الطاقة الكهربائية، ويقدم ابتكاراته لمزارعي القرية.
هو "حسين علم الدين صادق" أحد الأسماء التي أثرت في تاريخ الحياة الاجتماعية والعلمية في قرية "الكفر"، حيث جمعت مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 17 نيسان 2015، من أشخاص عاصروه وثائق من تجاربه التي بقيت في ذاكرة أهالي القرية ومنهم "نور الدين الشعار" الذي وثق آلاف الأحداث والمعلومات عن القرية وشخصياتها؛ ليحدثنا عن تجربة غنية في مجال التصوير والابتكار لخدمة المجتمع ورقيه، وقال: «من يتابع شخصية "حسين علم الدين صادق" الذي ولد في قرية "الكفر" عام 1918 يتلمس تفاصيل عن حياة شخص امتلك البصيرة وسعة الأفق، وتمرد على حالة الجهل القائمة في تلك الفترة بحرصه على المطالعة وتعرف كل ما هو جديد وفق ظروف ذاك العصر، حيث عمل لمدة 70 عاماً في صيانة الساعات إلى جانب صيانة وتصليح ماكينات الخياطة.
بعد أن قرأ في مجلة زراعية صنع ما يسمى بـ"العفارة"، وهي إحدى المعدات التي استخدمت لرش المبيدات رسمها في خياله واستفاد من توصيف المجلة ليركبها ويصنع منها عدة قطع لفلاحي القرية، وبيعت أيضاً خارجها وكانت من المعدات التي تستخدم لمكافحة الحشرات وحماية إنتاج العنب، والغريب أنها تفوقت على العفارة المصنعة في فرنسا عندما تم استيرادها من حيث المتانة والنتيجة وفق أهالي القرية في ذلك الزمن، بالتالي فهي إحدى الآلات التي صممها لراحة الفلاح مثل معدات مكافحة الخلد وتسهيل العمليات الزراعية، إلى جانب تصميم "المرشات وخرطوش" الصيد من النحاس بطريقة يدوية خالصة
أنجز "حسين" الكثير من الاختراعات العلمية.
كنت من بين كثر اطلعوا على أرشيف "حسين" بداية من كتيبات زراعية سخرها لتعليم الأهالي طرائق الزراعة الحديثة وآلية رش المبيدات، وقد صمم معدات زراعية استخدمها أهالي القرية إلى جانب بصماته الواضحة في مجال التصوير وتظهير الصور، وما صممه من معدات لهذه الغاية بقيت شاهدة على عمله العلمي المقترن بحضور اجتماعي كان نتاجه دخول الكهرباء إلى قرية "الكفر" ليصمم لوحة التحكم الخاصة بمولدة الكهرباء للقرية».
جعل من الفكرة اختراعاً فقد كان استماعه إلى إحدى المحطات الإذاعية التي أوعزت له بأفكار غنية إلى جانب قراءاته المتقدمة في ذلك العصر، ليتكفل بعد ذلك بإعادة إنتاجها اختراعاً ينفع الناس، وكثيرة هي الأشياء التي صنعها ومن أهمها كما حدثنا الدكتور "أسامة صادق" ابن أخيه الذي وثق آلاف الصور للقرية ولأرشيف عمه وقال: «استطاع العم "حسين" تصميم آلة تصوير وتحميض أفلام عام 1949 بناء على متابعته للمحطات الإذاعية والمجلات التي كانت تقع بين يديه ليقتبس الفكرة ويصممها على أرض الواقع. ومما نتذكره التقط بهذه الكاميرا الكثير من الصور التي أصبحت اليوم جزءاً من ذاكرة قرية "الكفر"، ومن بعدها قام بتصنيع ضوء للبيت يعمل أوتوماتيكياً عند فتح وإغلاق الباب عام 1944، وصنع مصباحاً في نفس العام كان عبارة عن علبة فيها بطاريات ووضع شريطاً ضمن بالون حيث أضاء البالون من خلال العلبة، وقد أذهل هذا الاختراع أهالي المنطقة الذين لم لم يكونوا قد تعرفوا الكهرباء بعد.
وكان له اليد الأولى في إيصال الكهرباء للقرية بعد أن افتتح مع مجموعة من الأهالي شركة مساهمة لتوليد الكهرباء؛ حيث أضاء البلدة قبل أن تصل الكهرباء إلى باقي القرى بسنوات طويلة، وتمكن بفكره وتجربته الواسعة من تصميم لوحة التحكم الخاصة بها وعملت لسنوات خدمة لمجتمعه».
لكن تعاطيه مع المجتمع اتضح بفهمه المدروس للعمل الزراعي الذي اعتبر في تلك الفترة مصدر الرزق الوحيد، وكيف سخر ابتكاراته لمساعدة الفلاحين في تطوير الزراعة، كما أضاف الدكتور "أسامة صادق" وقال: «بعد أن قرأ في مجلة زراعية صنع ما يسمى بـ"العفارة"، وهي إحدى المعدات التي استخدمت لرش المبيدات رسمها في خياله واستفاد من توصيف المجلة ليركبها ويصنع منها عدة قطع لفلاحي القرية، وبيعت أيضاً خارجها وكانت من المعدات التي تستخدم لمكافحة الحشرات وحماية إنتاج العنب، والغريب أنها تفوقت على العفارة المصنعة في فرنسا عندما تم استيرادها من حيث المتانة والنتيجة وفق أهالي القرية في ذلك الزمن، بالتالي فهي إحدى الآلات التي صممها لراحة الفلاح مثل معدات مكافحة الخلد وتسهيل العمليات الزراعية، إلى جانب تصميم "المرشات وخرطوش" الصيد من النحاس بطريقة يدوية خالصة».
شغل أحاديث القرية في ذلك الزمن وكانت تنتقل أخباره بين الأهالي لكونه صمم ما يحتاج إليه المجتمع؛ كما بيّن "أجود مرشد" من أهالي القرية وقال: «لأنه اعتنى بالعمل الزراعي وخدمة أهله فقد صنع أيضاً آلة رش المبيدات السائلة التي تحمل على الظهر في خمسينيات القرن الماضي، لتكون من بين المعدات التي استخدمها أبناء القرية في مشاريعهم الزراعية، ومصيدة لـ"الدبور"، وصنبور ماء يقلل من هدر المياه، كما صنع مصيدة لقتل الخلد الذي كان يؤذي المزروعات وكان المستمع إلى تساؤلات أبناء القرية لينهل من همومهم ما يدفعه للتفكير بابتكارات جديدة حملت عن كاهل أبناء القرية الكثير وهي متداولة لغاية هذا التاريخ، متجاوزة الزمن رغم كل ما حصل من تطورات، وقد لا ينسى الأهالي حالة الدهشة التي ترافقت مع كل قطعة يصنعها وكانت خطواته متقدمة عن مجتمعه بعقود كان فيها ومضة العطاء لمجتمع كان في غاية الاحتياج إلى هذا العطاء».
الجدير بالذكر، أن "حسين صادق" الملقب بالشيخ، توفي عام 2011.