يعدّ المخرج الراحل "مروان حداد" من أبرز الفنانين الذين عملوا في بدايات السينما السورية، وقدم حالات مختلفة قريبة من الناس البسطاء وهمومهم، إضافة إلى الحالات الوطنية والقومية.
مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 15 نيسان 2019، "عبد عيسى" الباحث والمتابع للسينما السورية بمنزله في "دمّر"، حيث بدأ حديثه قائلاً: «لم يكن "مروان حداد" مخرجاً سينمائياً فحسب، بل كاتباً ومترجماً أيضاً، بدأ مسيرته الفنية في استديو الإدارة السياسية لـ"الجيش العربي السوري"، ليوفد إلى "ألمانيا" ويدرس علوم السينما وينال شهادة الدبلوم. فور عودته في بداية السبعينات التحق بالعمل في "المؤسسة العامة للسينما"، وصور فيلمه التسجيلي الأول بعنوان: "في حي شعبي"، الذي يتحدث عن أزقة "دمشق" وحاراتها وناسها البسطاء، ونال الفيلم جائزة لجنة التحكيم الخاصة بمهرجان "موسكو" الدولي عام 1973، ثم قام بتصوير العديد من الأفلام التسجيلية، فضلاً عن فيلمين روائيين».
كان "مروان حداد" مخلصاً لقناعاته، ونبيلاً مع أصدقائه وأحبابه، تميز بمشاعره الرقيقة تجاه كل من حوله، فكان شهماً لكل من احتاج إليه سواء في العمل أو الأمور الحياتية الأخرى، ورحل حزيناً على ما جرى في بلده "سورية" التي أحبها حباً يفوق الوصف
وأضاف: «كلّف "حداد" بالعديد من المهمات الإدارية، منها مدير "المؤسسة العامة للسينما" من عام 1989 لمدة عشر سنوات متتالية، ورئيس تحرير مجلة "الحياة السينمائية"، كما درّس مادة السينما في "المعهد العالي للفنون المسرحية"، وأيضاً أدار مهرجان "دمشق السينمائي" طوال وجوده كمدير في المؤسسة، وبقي لسنوات رئيساً للنادي السينمائي، وغير ذلك كتب الكثير من المقالات النقدية السينمائية في الوسائل الإعلامية المختلفة».
وقال "عيسى" أيضاً: «شارك في العديد من المسلسلات كممثل، منها: "ذئب السيسبان، خطوات الشيطان، الدمعة الحمراء، دمعة على الرمال..."، وأخرج وكتب السيناريو لفيلمين طويلين، هما: "اتجاه المعاكس" عام 1975، "حبيبتي يا حب التوت" عام 1979، حيث يتحدث الفيلم الأول عن المجتمع بعد نكسة عام 1967، ويجسد سلبياتها على حياة الناس، والخيبة التي عاشوها نتيجة النكبة، وفي الوقت ذاته يبين في الفيلم أن ثمة أناس لا تقلل من عزيمتهم مثل هذه المسائل ليجسد بهم الأمل. أما الفيلم الثاني، فيتحدث عن صراع العيش في الريف والمدينة عبر قصة شاب يترك قريته بحكم العمل لينتقل إلى المدينة، ويجد ذلك الفارق من خلال علاقات اجتماعية يعرضها الفيلم، وينجر الشاب وراء المزيف في تلك الشوارع العريضة والحارات الضيقة الطويلة جداً».
"عادل نبي"، إعلامي ومدير تحرير مجلة "عشتروت"، قال: «"مروان حداد" قامة فنية مبدعة في مجال الإخراج السينمائي من خلال أفلامه السينمائية التي عالجت القضايا المعاصرة بأسلوب مبدع، عبر تحريك الصورة والمشهد الذي يدعو مخيلة المشاهد إلى أكثر التساؤلات عمقاً حول ماهية الأجوبة ما بعد الحالة. وأستطيع القول إنه آمن بأن السينما أداة معرفة وثقافة، حيث عمل بشغف وعشق حول رؤيته "سينما من أجل التقدم والتحرر"، مقتنعاً بأن العمل السينمائي مثل باقي الفنون، أداة نحو تحرر الإنسانية وتطورها وإغنائها جمالياً وفكرياً ومعرفياً، حيث وضع لنفسه بصمة واضحة في الحياة السينمائية، ليكون له دور بارز ومميز في سياق الارتقاء بالفن السينمائي السوري».
"أدهم الموصلي" العامل في التصوير السينمائي والمقرّب من "حداد"، قال: «كان "مروان حداد" مخلصاً لقناعاته، ونبيلاً مع أصدقائه وأحبابه، تميز بمشاعره الرقيقة تجاه كل من حوله، فكان شهماً لكل من احتاج إليه سواء في العمل أو الأمور الحياتية الأخرى، ورحل حزيناً على ما جرى في بلده "سورية" التي أحبها حباً يفوق الوصف».
يشار إلى أن "مروان حداد" مخرج سينمائي، ومترجم من مواليد "اللاذقية" عام 1935، حاصل على دبلوم في الإخراج السينمائي من "برلين"، عضو اتحاد الكتاب العرب، له مؤلف بعنوان: "هموم سينمائية"، إصدار النادي السينمائي في "عمّان"، كما ترجم العديد من الكتب المهمة، منها: "مذكرات المخرج السينمائي الإسباني لويس بونويل"، "سينما القسوة" للناقد والباحث السينمائي الفرنسي "آندريه بازان"، "أفلام لن نشاهدها" للباحث السينمائي الإسباني "كالوس كناب"، "مختارات شعرية لفيديريكو غارثيّا لوركا"، "الرماح المدمّاة"، وهي رواية للكاتب الفنزويلي "آرتو أوسلار بييتري"، "أعراس الدم" مسرحية لـ"لوركا"، "عشرون قصيدة حب وأغنية يائسة"؛ وهي مجموعة شعرية لـ"بابلو نيرودا"، وجميعها من إصدارات وزارة الثقافة.
توفى عام 2015 بعد أن ترك للمكتبة والسينما العربية إرثاً ثقافياً مهماً.