اشتهرت المائدة السورية بالتنوع، وتميزت دائماً بوجود البدائل التي يمكن لربات المنازل الاستعانة بها في حال غياب أحد المكونات الرئيسية لهذه الموائد، ولعل ما بات لافتاً مؤخراً هو عودة هذه الموائد لمكونات الطبيعة، وهو وضع فرضته الظروف المعيشية الطارئة وارتفاع أسعار العديد من المواد الغذائية.
بدائل طبيعيّة
تقول السيدة "مديحة شاهين" من مدينة "صافيتا": «عادت بنا عجلة الزمن إلى الوراء، وعادت معها طقوس أجدادنا، ومن عاف أرضه عاد إليها ليزرع مختلف الأصناف كالخس والسلق والزعتر والرشاد والجرجير والخضار المتنوعة، كما اتجه كثيرون إلى تربية الدجاج للحصول على البيض الذي شهد ارتفاعات سعرية متتالية، بالإضافة إلى ما تجود به الطبيعة من أنواع "السليق" ومنها (السلبين والبلاغصون والخسّيسة والعيرون ولسان الحمل والخبّيزة)، وتعتبر جميعها ذات فائدة غذائية عالية، ومازال صحن الرز من الصحون الحاضرة على المائدة الريفية في الساحل السوري، ولكن اختلفت طرق الطهي عن السابق، فحالياً تستعمل معظم ربات البيوت بديل اللحم في الطبخ لغلاء اللحم البقري ولحم الغنم».
عادت بنا عجلة الزمن إلى الوراء، وعادت معها طقوس أجدادنا، ومن عاف أرضه عاد إليها ليزرع مختلف الأصناف كالخس والسلق والزعتر والرشاد والجرجير والخضار المتنوعة، كما اتجه كثيرون إلى تربية الدجاج للحصول على البيض الذي شهد ارتفاعات سعرية متتالية، بالإضافة إلى ما تجود به الطبيعة من أنواع "السليق" ومنها (السلبين والبلاغصون والخسّيسة والعيرون ولسان الحمل والخبّيزة)، وتعتبر جميعها ذات فائدة غذائية عالية، ومازال صحن الرز من الصحون الحاضرة على المائدة الريفية في الساحل السوري، ولكن اختلفت طرق الطهي عن السابق، فحالياً تستعمل معظم ربات البيوت بديل اللحم في الطبخ لغلاء اللحم البقري ولحم الغنم
وتشير "شاهين" أن ثمة بعض القرى المجاورة كالكفارين ومشتى الحلو التي ترتفع 350-400 م عن سطح البحر، أتاح لها مناخها زراعة بعض الأشجار المثمرة كالتفاح والمشمش واللوزيات، بالإضافة إلى شجرة الزيتون المنتشرة على مساحات واسعة، وهي تعطي صاحبها الزيت والزيتون ليكون أيضاً مادة رئيسية على المائدة الصباحية، ويستفيد البعض من بذرة الزيتون بتحويلها إلى "التمز" التي يستعملها بعض أهالي القرى في التدفئة لانخفاض سعرها مقارنة بالمازوت.
فنون التّعايش
بدورها تشير السيدة "أم طارق" إلى أنها تتحايل على المائدة بالحفاظ قدر الإمكان على بعض الأصناف الغذائية السابقة لكن بتقنين الكمية، كالبيض الذي أضافت إليه مكونات النعنع والبصل والبقدونس، وبالتالي أصبح وجبة كبيرة تكفي عائلتها المكونة من 8 أشخاص، بالإضافة إلى صحن "سوركي الشنكليش" الذي يعتبر من الوجبات المدللة حالياً والزيت والزعتر.
وتلفت السيدة إلى أن معظم العائلات استغنت عن صنع المربيات المنزلية بسبب غلاء السكر، واستعاضت عنه بالفواكه المجففة كالتين والمشمش المجفف مع الإشارة إلى أن الكثير من أهالي القرى لا يمتلكون أراضي زراعية، وبالتالي حرمان هذه العائلات منها ومن أنواع أخرى من الخضار والفواكه التي يفوق سعرها قدرتهم الشرائية، فيما يبدو حجم المعاناة في المدينة أكبر من القرى، لأن القرى تأكل مما تزرع وتجني وتخبز.
تغيّرت الأحوال
بدوره يكشف صاحب محل حلويات "درغام خير الله" لـ"مدونة وطن" أن المبيعات تراجعت 80 % تقريباً مقارنة بالسنوات السابقة، فالصعوبة تكمن في أكثر من جانب، منها ارتفاع سعر الفستق الحلبي الذي وصل إلى 80 ألف ليرة سورية، والجوز 60 ألفاً، كما وصل سعر تنكة السمن العربي إلى مليون ليرة، ناهيك عن انقطاع التيار الكهربائي الذي لا غنى عنه في التحضير والتبريد، وجميع هذه العوامل مجتمعة انعكست على القدرة الإنتاجية والشرائية.
ويشير إلى أنه تماشياً مع هذه الظروف تفننت المرأة السورية بصنع الحلويات في المنزل، خاصة بعد أن فارق معمول العيد أجواء الاحتفالات الدينية والاجتماعية، لتستعيض السيدة عنه بأنواع أخرى أقل تكلفة نذكر منها "التلاّج أو الثلاّج"، وهي حلويات شعبية متوارثة اشتهرت بها المنطقة، مؤلفة من رقائق مصنوعة من السميد وبعد نضجها يضاف إليها القطر، بالإضافة إلى كرات البسكويت المعجونة بالحليب والكاكاو والتي لا تحتاج إلى فرن كهربائي، كما ساعد توفر فاكهة التين والعنب في الحفاظ على الحلويات التراثية المتوارثة التي اشتهرت بها "مشتى الحلو" كالهبّول والحريرة والملبن، بالإضافة إلى العوّامات.
آثار سلبيّة
وفي ظل الظروف الاقتصادية الخانقة كان لا بد من الاستغناء قسرياً عن العديد من الأطباق الغنية بالفيتامينات الضرورية للجسم، ولكن لهذا التغيير آثاره الصحية السيئة، كما يقول خبير التغذية "منير سلمان"، فالتوقف التام عن تناول اللحوم يؤدي إلى نقص في اليود والحديد وفيتامين "د" وفيتامين "ب 12"، وهنا لا بد من المكملات الغذائية الطبية للتعويض، مثل الكرنب والسبانخ والخس والجرجير، وبعض أنواع الفواكه كالتفاح والخوخ، والبقوليات كالفول والعدس والألبان، التي يجب تناولها جميعها بشكل منتظم، وتعتبر تربة الريف أرضاً خصبة لهذه الزراعات، وبنفس الوقت ليس بمقدور الجميع زراعتها أو الحصول عليها، وهذا يقلل من مناعة الجسم، وبالتالي حتى البديل بات عند البعض ترفاً بعيد المنال.