في رحلة العروس من دار والدها إلى منزل الزوجية، كان يرافقها صندوق خشبي، يتم فيه وضع ملابسها وأغراضها الشخصيّة، كان ذلك قديماً، إذ لم يبقَ من الصندوق إلا ذكريات وقصص من عاصرها، وضمن المعارض التراثيّة، فقد باتت من عبق الماضي البعيد.
حديث الذكريات
قلّة من نساء اليوم تتذكر وتعرف شيئاً عن ذلك الصندوق، الذي وُلد وخدم الزمن البعيد فقط، ومن عاصر فترة الصندوق وغيره من التفاصيل التي عاشتها العروس، تجدها الفترة الأجمل والعصر الأحلى حسب ما تقوله الحاجة "خالدة محمّد العلي".
عندما سألت صاحب المعرض عن الصندوق، عرفت أنه كان إحدى أهم مقتنيات العروس في زمن ما، ذهبت إلى جدتي، أخذتُ معلومات عنه، سرد المعلومات كانت ضمن جلسة مصغرة لشباب وفتيات العائلة، لنتعرف على ذكرى جميلة من ذكريات الماضي البعيد، من الضروري أن نتعرف على هذه المعلومات والعناوين المهمّة في حياة جدّاتنا وكبيرات السن
الثمانينية "خالدة العلي" تحن إلى ماضيها وتسرد عن قصّة صندوقها الخشبي، فتقول: «ذكرتني بأجمل أيام العمر، عند زفافي أتذكر بأن الصندوق الخشبي والذي كان لوالدتي، وأعطتني إياه كهدية أحمل فيه أغراضي ولباسي، ووالدتي حصلت عليه من جدتي.. كل مافي الماضي كان يعد تراثاً والحفاظ عليه أمانة، لذلك كنّا نرث هذه القطع، ونمنحها لغيرنا، كان الصندوق يحمل كل ما يخصني من أمتعتي الشخصية سواء الملابس أو عدة التجميل والتي كانت عبارة عن كحل ومكحل، وعطور بسيطة جداً، بالإضافة إلى قطع قليلة من المجوهرات بعضها كانت من الفضة أو الذهب القديم، لم يبق منه أيضاً في هذا الوقت، حتّى الهدايا التي كانت تصلني قبل يوم الزفاف، كان موضعها في ذلك الصندوق الخشبي، كان أهم وأغلى قطعة ترافق العروس، تصل غرفة العروس قبل وصولها، وتوضع في مكان مناسب وملائم، قيمتها كانت كبيرة جداً، ومع مرور الزمن والسنين اندثر ذلك الصندوق، ولم يبق منه إلا أحاديثنا وقصصنا عنه».
على الرفوف
خلال جولة الشاب "محمود علي الناصر" إلى معرض تراثي في مدينة "القامشلي" لفت نظره ذلك الصندوق الخشبي، حينها فقط تعرف عليه وجمع عنه معلوماته حسب كلامه.
يضيف الشاب في حديثه: «عندما سألت صاحب المعرض عن الصندوق، عرفت أنه كان إحدى أهم مقتنيات العروس في زمن ما، ذهبت إلى جدتي، أخذتُ معلومات عنه، سرد المعلومات كانت ضمن جلسة مصغرة لشباب وفتيات العائلة، لنتعرف على ذكرى جميلة من ذكريات الماضي البعيد، من الضروري أن نتعرف على هذه المعلومات والعناوين المهمّة في حياة جدّاتنا وكبيرات السن».
ذلك الصندوق الخشبي لا يتوفر منه إلا قطع معدودة على أصابع اليد الواحدة، تمكن "اندراوس شابو" بجهود استثنائيّة من الحصول على واحد منه، ووضعه في المكان المناسب، حتّى لا يندثر بشكل نهائي، وحتّى لا ينسى كما يقول.
"اندراوس شابو" مع تأسيس معرضه التراثي في مدينة "القامشلي" قبل عدّة سنوات، استطاع أن يحصل على قطعة واحدة من الصندوق الخشبي، ليكون ضمن مئات القطع التراثيّة، يقول عن ذلك: «المعرض متابعة لعمل قام به والدي، كانت رسالته لي أن أحافظ عليه بكل ما فيه، وأن أعززه بمواد تراثية للمنطقة، منها الصندوق الخشبي، ربما بساطته وسهولة تصنيعه عن طريق الخشب، المادة الأكثر توفراً في الماضي، لكنه كان مهماً للغاية، فقد كان بمثابة خزانة كاملة وكبيرة للعروس، لذلك أثناء صناعته كان يصنع بشكل مقبول وواسع من الداخل، بحيث يستوعب عدداً جيداً من مستلزمات العروس، لديّ قطعة وحيدة في المعرض، كثير من الزوّار يسأل عن تفاصيلها، بما في ذلك الفتيات والنساء اللواتي لم يعاصرن تلك الفترة الزمنية لوجود الصندوق الخشبي، هناك من قدر عمر هذا الصندوق بمئتي عام».
مدوّنة وطن "eSyria" بتاريخ 23 كانون الأول 2023 زارت معرض "اندراوس" وأجرت اللقاءات السابقة.