ثمانية وعشرون عاماً هي سنوات عمرها فقط لكنها استطاعت أن تحقق حضوراً مميزاً على الساحة النسائية السورية والعربية أيضاً،عشقها الكبير للطيران دفعها لاختيار هذه المهنة التي اقتصرت لفترة طويلة على الرجال.
زرناها يوم(الاثنين 30- 6-2008) في منزلها وتعرفنا عليها أكثر،إنها السيدة (وداد شجاع) بنت الكابتن الطيار(عدنان شجاع)وشقيقة الكابتن الطيار(أنور شجاع) ولدت في العام (1979) متزوجة من طبيب الأسنان الدكتور (عبد الهادي زين) لديها طفلان (أيمن) سبع سنوات و(أشرف) خمس سنوات.
امرأة تحقق التوازن بين المنزل والعمل رغم أن العمل يكون في الجو أكثر وأطول على الأرض.
حديث بدا وكأننا في الفضاء حيناً وعلى الارض أحياناً،تحدثت عن تفاصيل المهنة
لأكثر من ساعة وفي أكثر من محور عن الطيران،مؤكدة أن الأمر يحتاج الى الجرأة ولكن هناك من يمتلك زمام القيادة في الجو لتكون المرأة السورية رائدة في الأرض والجو أيضاً.
من أين كانت البداية وكيف؟
تقول السيدة (وداد) " فخر كبير لي وصولي لمرحلة دراسة الطيران وضرورة إثبات نفسي كأول فتاة سورية تدرس هذا المجال،وعندما بدأت المرحلة العملية والتحليق ازداد ثقتي بنفسي للمضي قدماً في هذا الدرب خاصة أنني لمست ارتياحاً كبيراً في الشارع السوري بوجود فتاة تدخل حقل الطيران ما شكل دافعاً إضافيا للاستمرار وكسب المزيد من الخبرة واثبات الذات بين النجوم والغيوم وخوض المغامرة".
القيادة للمرة الأولى
عمل في هذا المجال يتطلب مهارات عالية وتتحدث السيدة وداد عن المرحلة الأولى "حظة كانت صعبة في البداية لكن حماستي وثقتي بنفسي كسرت الحواجز والهواجس ولن أنسى تلك اللحظة التي نزل فيها المدرب من الطائرة وقال لي (إنها امتحان الشجاعة،الآن أصبح بإمكانك أن تطيري لوحدك مع إقلاع وهبوط وسأراقبك في المطار، بدأت المهمة بحماسة كبيرة وخبرة طويلة والأكثر من ذلك أنني كنت ارتدي أثناء التدريب (كنزة)عليها العلم السوري الذي كان الدافع الأكبر ليكون هذا العلم في العلياء)لحظات قليلة مضت،استطعت تطبيق الخبرة في الميدان والتحكم بحركة الطائرة صعودا ً وهبوطاً، وبعد أول تجربة بدأت مرحلة العمل وهنا زاد شعوري بالمسؤولية خاصة وأن على متن الطائرة المزيد من الركاب وهناك طاقم الطائرة في غرفة القيادة،وأؤكد أن التجربة تزيد الثقة بالنفس فكلما قمت برحلة يزداد تعلقي بالطائرة وحبي للعمل والتعمق أكثر في التفاصيل".
المهنة بين الرغبة ودور الأسرة فيها
يتدخل الأهل في اختيار بعض المهن لأولادهم من منطلق الحرص عليهم في حين يختار بعض الأولاد الطريق لأنفسهم ويعرفون كيف يسيرون ويحققون النجاح المطلوب، أما اختيارالسيدة وداد لمهنتها فهو حصيلة ظروف اجتماعية عاشتها منذ الطفولة، توضح السيدة وداد المسالة فتقول" لا بد أن يتأثر أحد الأولاد بمهنة الوالد في المنزل ونحن ثلاثة أخوة،تأثرت أنا وأخي (أنور)بالوالد ومنذ كان عمري عشر سنوات كنت انتظر أي عطلة لأخرج في رحلة مع والدي لا محبة في السفر بقدر انبهاري بغرفة القيادة حيث كنت أجلس إلى جانبه فتغريني الأزرار والعدادات وتسحرني شخصية الطيار الإنسان القادر على فك الرموز وقراءة العداد والتحليق والطيران فأصبح دخول هذا المجال بالنسبة لي بمثابة الحلم،وبعد حصولي على الشهادة الثانوية انتسبت إلى الجامعة فرع اللغة الإنكليزية وشاء القدر أن أسافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية لزيارة أخي (أنور)الذي كان يدرس الطيران هناك فقررت خوض هذا المجال وفي البداية عارض والدي نتيجة صعوبة الظروف التي يمكن أن تمر بها الفتاة حيث الابتعاد عن العائلة والمنزل، أما والدتي فمعارضتها كانت نابعة من البيئة الاجتماعية التي لا تقبل عمل المرأة في هذا المجال لكنني استطعت إقناعهما وسجلت الطيران في الولايات المتحدة".
الدراسة ثم النجاح في العمل
تؤكد وداد ان مرحلة الدراسة كانت ممتعة لأنها الطريق لتحقيق هدف كبير"بدأت الدراسة وهي أربع سنوات فيها دورات مكثفة لكنني اجتزتها بأقصر وقت ممكن وأكبر جهد وضغط نفسي ثم عدت إلى دمشق وتقدمت لمسابقة الطيران ونجحت بامتياز ومنذ ذلك الوقت أعمل بمرتبة طيار مساعد في شركة الطيران العربية السورية ورصيدي حتى الآن 3500 ساعة طيران وأحتاج إلى 5000 ساعة طيران للحصول على مرتبة الكابتن وهذا سيتحقق قريبا وأنا مصممة على تحقيق ذلك ، وحتى الآن تركزت تجربتي في القيادة على طائرتي بوينغ (727) وإيرباص (320)" .
وتؤكد (شجاع) أن "أهم صفة تتطلبها هذه المهنة هي التحلي بالصبر والهدوء وهي مهنة جميلة،وهناك فتيات عربيات دخلن هذا العالم وحققن التفوق خاصة من الأردن وتونس ومصر ولبنان والإمارات والمغرب ولم يقتصر ذلك على الطيران المدني بل شمل طيارات حربيات خاصة في ليبيا".
حلم مشروع
وتختم (شجاع) الحديث عن المستقبل وما تريد تحقيقه"حلمي الآن أن أصبح كابتن لكن حلمي الأكبر في يوم من الأيام أن أكون رائدة فضاء وأتمنى تحقيق ذلك ليكون اسم سورية عالياً بين باقي الدول خاصة أن لسورية تجربة مميزة تتمثل برائد الفضاء السوري (محمد فارس) الذي سجل اسم سورية عالياً في عالم الفضاء".