ككل المهن اليدوية، قد تكون مهنة صناعة "المكارم" ذات خصوصية العقد اليدوي في طريقها إلى الانقراض. إلا أن للحرفي الوحيد في محافظة حماة "هيثم قمر الدين" والذي مازال يعمل في صناعة "المكارم" رأي آخر، فهو يرى أن «هناك رجعة، وتذوق جديد للحرف اليدوية، لأنها تعتبر الصناعة الحقيقية وهي الأساس الذي لا يبطل مع مرور الزمن».
وعن تاريخ نشوء هذه المهنة يقول "قمر الدين" الذي زاره موقع مدونة وطن eSyria في ورشته في "سوق المهن اليدوية": «بدأت المهنة منذ أن خلق الإنسان، إذ مع اختلاف وسائلها كانت الفكرة ذاتها تستخدم قديماً في رفع الطعام عن الأرض وذلك من خلال حبال مشبوكة مع بعضها معقودة بطريقة ما احترفها الإنسان يوماً بعد يوم، وبات يهتم بشكلها، حتى صارت حرفة، واستفاد منها في الصيد وفي بعض الأمور منزلية».
كنت أدرب في معسكرات "اتحاد شبيبة الثورة" لمدة ثمانية عشر عاماً، في سورية لا يوجد صناعة للمكارم، جلّ ما تجده هو هواية لدى بعض الأشخاص
وعن تعلمه لهذه الحرفة يضيف الحرفي "هيثم قمر الدين": «صناعة المكارم هي اقتباس عقدي، استمد صناعتي فيها من خلال الأشكال، وقد تعلمت العقد من الكشفية في مطلع عام 1970 ميلادي، وكانت عبارة عن عقد بسيطة، أضفت إليها بعض العقد المستمدة من مناطق أخرى، مثل "عقدة السمّاك"، وهي على شكل حبلين متماسكين، ينسحب الحبل الضخم مع حبل رفيع لكي يرمى على حافة البحر، وهو سهل الفك وسهل السحب، وعملت على تطوير هذه المهنة من خلال تطوير استخدامها، فصنعت منها حمالات لعلب أزهار ونباتات الزينة، من ثم مكارم أجهزة الهاتف، حقائب نسائية، فساتين سهرة، والآن نصنع أحذية من المكارم».
وعن أنواع العقد المستخدمة يقول: «لدينا حوالي عشرين نوعاً من العقد بالإضافة إلى شبكات الصيد والديكور، والألبسة، كما أن هذه "العقد" تتطور باستمرار ومن خلال العمل قد نتوصل إلى عقدة جميلة جديدة».
وقال "قمر الدين": «كنت أدرب في معسكرات "اتحاد شبيبة الثورة" لمدة ثمانية عشر عاماً، في سورية لا يوجد صناعة للمكارم، جلّ ما تجده هو هواية لدى بعض الأشخاص».
وعن المواد الأولية التي تدخل في صناعة المكارم قال: «نحن نستخدم "القطن السوري" ونخلطه بخيط "البربولين" الذي يعطي جمالية لهذه القطع من خلال لمعانه، ولدي بعض المكنات اليدوية التي استخدمها في حَبْكِ الخيط وشَبْكِهِ، وقد طوّرتُ هذه المكنة من يدوية إلى نصف آلية، كذلك نقوم بتحلية الزجاج، والخشب، بالمكارم، حيث نجلب الزجاج من المتحف الحربي، لنحوله على شكل مسبحة كبيرة الحجم».
وعن مشواره التعليمي قال: «درّبت في معسكرات اتحاد شبيبة الثورة المقامة في ريف "حماة" وفي "حمص"، و"طرطوس"، حيث علمّت فيها الحرفة لكثير من الآنسات، لكونها تعد من الحرف النسائية».
وأضاف "قمر الدين": «فحصتني لجنة وزارة السياحة قبل أن يسلموني محلاً في "خان رستم باشا" في سوق المهن اليدوية، حينها تم منحي محلاً من أجل المحافظة على صناعة المكارم من الانقراض، واشترطت أنه يجب عليّ أن أعلّم هذه المهنة لشخصين سنوياً، وسوف يخضع المتدربون إلى امتحان ويمنحون شهادات خبرة صادرة عن وزارة السياحة».
وكانت وزارة السياحة قد خصصت خان "رستم باشا" كسوق للمهن اليدوية بالترافق مع "مهرجان طريق الحرير" الذي تم اختيار مدينة "حماة" لتكون جزءاً من فعالياته.
وعن حلمه يضيف "قمر الدين": «أنوي الدخول في موسوعة "غنيس" للأرقام القياسية، حيث أنوي أن أصنع مكرمة بارتفاع خمسة وثلاثين متراً، ولكني أحتاج إلى مهندس لتفصيل قياس الأعمدة، وقد أصنع شيئاً له خصوصية حموية، وسأبدأ بها ان شاء الله في بداية العام القادم».
بدورها "نسرين جابر" إحدى المتعلمات لدى الحرفي "هيثم قمر الدين" قالت: «تعلمت صناعة المكارم منذ كنت في معسكر الصف الأول الثانوي، الآن احترفت كثيراً من العقد، وأمامي مشوار طويل، العمل في المكارم يصفي الذهن ويقوي التركيز، عمل المكارم يأخذ قطعة زمنية من العمر، أما القطعة الجميلة المميزة فأحتفظ بها، أو بالأحرى القطعة الأولى فقط».