بنيت في "دمشق" تخليداً لذكرى المعجزة التي حصلت قبل قرن من الزمان في البرتغال، وأطلق عليها "كنيسة سيدة فاطمة" لتكون مكاناً يجمع المؤمنين ويدعو إلى السلام.

يقول السيد "إلياس قصار" من أبناء حي "القصور" وأحد أبناء رعية "كنيسة سيدة فاطمة": «قد يكون الاسم غريباً بالنسبة للكثيرين ولكن قصة تسمية هذه الكنيسة تشرح عظمة سبب التسمية التي تعود إلى المعجزة التي حصلت عام /1917/ في البرتغال حيث ظهرت السيدة العذراء ببلدة أسمها "فاطمة" نسبة للسيدة "فاطمة" أبنة الرسول الكريم، وبعدها بنيت كنيستين لتخليد المعجزة؛ واحدة في البرتغال والثانية بنيت عام /1965/ في دمشق لأبناء السريان الكاثوليك، وتتميز هذه الكنيسة ببساطة العمران وشعور كافة المصلين بالراحة النفسية عند الصلاة فيها».

فأمر البابا آنذاك ببناء كنيسة باسم "سيدة فاطمة"، وشيد تمثالا لها ووضع في بوابة الكنيسة، كما سميت المدينة في "البرتغال" فيما بعد باسم (مدينة فاطمة)، وبالتآخي مع كنيسة "سيدة فاطمة" في البرتغال، قامت طائفة السريان الكاثوليك بشراء أرض في منطقة "القصور" لإقامة كنيسة "سيدة فاطمة" في "دمشق"، حيث شيدت الكنيسة في أوائل الستينات أشرف عليها في حينها المطران "جرجس ستيتة"

تقع كنيسة "سيدة فاطمة" للسريان الكاثوليك في منطقة "الغساني" وتتبع لمطرانية السريان الكاثوليك في "باب شرقي"، "eSyria" زار الكنيسة بتاريخ "16/1/2012" والتقى سيادة المطران "الياس طبي" رئيس أساقفة "دمشق" للسريان الكاثوليك وراعي كنيسة "سيدة فاطمة" والذي تحدث عن قصة الكنيسة بالقول:

الكنيسة من الداخل

«بدأت القصة حول معجزة حدثت في البرتغال في 13 أيارعام /1917/، حيث ظهرت السيدة العذراء لثلاثة أطفال صغار وكانت تحمل بيدها مسبحة، والأطفال الثلاثة تربطهم صلة قرابة وهم الأخت "لوسى دوس سانتوس" التي لاتزال على قيد الحياة وتبلغ من العمر 89 عاماً، وهي راهبة في "دير الكرمل" وتعيش في الدير في كومبرا "بالبرتغال"، وهي ابنة خال الاثنين الآخريين "فرانسيسكو وجاكينتا مارتوس" اللذين ماتا بعد رؤيتهما للسيدة العذراء بفترة قليلة.

عندما ظهرت السيدة العذراء للأطفال الثلاثة بعثت معهم رسائل محبة وإيمان، وطلبت منهم أن يصلوا من أجل أن يعم الخير والسلام على الأرض وأن يحفظ الله جميع البشر بكل أديانهم ومذاهبهم البلاد من الحروب، قد نشرت "لوسي" قصة مشاهدتها للسيدة "العذراء" لعدد كبير من الناس، وكانت "لوسي" تساعد الناس في السير على طريق الصواب والخير ببركة السيدة العذراء».

الهيكل الكنيسة

يتابع سيادة المطران "طبي" حديثه بالقول: «فأمر البابا آنذاك ببناء كنيسة باسم "سيدة فاطمة"، وشيد تمثالا لها ووضع في بوابة الكنيسة، كما سميت المدينة في "البرتغال" فيما بعد باسم (مدينة فاطمة)، وبالتآخي مع كنيسة "سيدة فاطمة" في البرتغال، قامت طائفة السريان الكاثوليك بشراء أرض في منطقة "القصور" لإقامة كنيسة "سيدة فاطمة" في "دمشق"، حيث شيدت الكنيسة في أوائل الستينات أشرف عليها في حينها المطران "جرجس ستيتة"».

الأب "متري هاجي أثناسيو" مؤلف موسوعة كنائس "دمشق وريفها" تحدث عن بناء الكنيسة بالقول: «يتميز بناء هذه الكنيسة العصرية بالأناقة وبواجهة واسعة مرتفعة، تحملها أربعة أعمدة تستند إليها ثلاثة أقواس مدببة الأوسط منها الأكبر وخلفه باب الكنيسة الخشبي يعلوه قوس مدبب يحتضن فسيفساء ملونة تمثل السماء بنجومها، وفي وسطه نحت بارز أبيض للسيدة "العذراء" تحته عبارة "كنيسة سيدة فاطمة"، وعلى الواجهة قوس زخرفي مدبب واسع ضمنه ثلاث نوافذ طويلة مدببة، وتنتهي في أعلاها بسقف جملوني فوقه صليب، ونقرأ تحت الرواق المثلث الكتابة التالية: "تخليد لذكرى مثلث الرحمات سيادة المطران "مار أقليميس عبد الله رحال" رئيس أساقفة دمشق المتوفي في 30 أيار /1971/ تقديراً لجهوده التي بذلها لإنشاد هذا المعبد وعرفاناً لجميله"

لوحة الفسيفسائية للسيدة "فاطمة"

أما عن وصف الكنيسة من الداخل يضيف بالقول: «يتألف السقف والجداران الجنوبي والشمالي من ستة أقواس متناظرة، يتخللها شبابيك مزججة وملونة عليها صلبان، وإلى يمين الداخل غرفة صغيرة للعماد، وقربها تمثال جميل لسيدة "فاطمة" موضوع في إطار مزجج، وإلى اليسار طاولة وكلاء الكنيسة وكرسي الاعتراف، ثم يوجد درج وفي قربه تمثالان موضوعان ضمن إطارين مزججين: واحد لقلب "يسوع" وآخر للقديسة "ريتا"، ويتصدر الصحن فسيفساء تمثل القديس "بولس" إلى اليمين وأخرى للقديس "أفرام السرياني" إلى اليسار، وينتهي الصحن في الوسط بدرابزين حديدي».

يتابع: «ثم يأتي قسم "قدس الأقداس" الذي يتضمن (المائدة المقدسة الرخامية المستطيلة الشكل الموضوعة في وسط الهيكل المقدس، وعلى اليمين "مذبحٌ رخامي" تعلوه فسيفساء للإنجيليين الأربعة وهم الرسل (متى، مرقس، لوقا، يوحنا) ، ثم غرفة للأدوات الطقسية، وإلى اليسار "المذبح" يحوي بيت القربان وفوقه لوحة فسيفسائية تمثل الملائكة، وتليه غرفة لملابس الكهنة، وخلف المائدة المقدسة عرش الأسقف وإلى جانبه كراسي الكهنة، وفي صدر الحنية المقوسنة ترتفع لوحة فسيفسائية كبيرة جميلة تمثل ظهور "سيدة فاطمة" حيث تدور الشمس فوق رأسها في سماء يتألق لونها بالأزرق المتموج وفي الأسفل رسم رمز للأطفال الثلاثة».

المهندس "سامي السرياني" من لجنة أعضاء الكنيسة والمسؤول عن أعمال الصيانة والترميم والتجديد تحدث بالقول: «إن أهم مايميز كنيسة "سيدة فاطمة" أنها تقع في منطقة مميزة وهادئة، حيث يأتي كل الأهالي من مختلف المناطق للصلاة فيها، فطرازها مصنوع على النمط البرتغالي القديم بسيط وناعم حيث لايوجد على جدرانها من الداخل الكثير من اللوحات والصور من أجل التركيز في الصلاة، ويوجد على جانبي الكنيسة صالتين (صالة للنشاطات الشبيبية والدينية، وصالة للتعازي ومباركات الأعراس وأيضاً للندوات والأمسيات)».

أما عن نشاطات التي تقام في الكنيسة يضيف السيد "سامي" بالقول: «يتم في الكنيسة العديد من النشاطات (الدينية، الشبيبية، التربوية، الفنية، والثقافية)، ففي فصل الصيف يوجد روضة للأطفال الصغار للتعليم التراتيل والأغاني الدينية، ويوجد أيضاً كورال يقوده السيد "فادي توما" يضفي على القداديس أثناء الصلاة جواً من المحبة والشعور الديني الجميل، كما يتم في قاعة الكنيسة أمسيات فنية ومحاضرات طبية وتربوية، ومن أهم الفرق الشبيبية والدينية في الكنيسة "كرمة الراعي الصالح" هي جماعة منظمة مسيحية تعنى بالشبيبة من أعمار 8 سنوات وحتى نهاية المرحلة الجامعية».

يتابع السيد" سامي السرياني" حديثه بالقول: «هناك في الكنيسة لجنة منظمة مؤلفة من مجموعة من الأفراد مسؤولة عن جميع الأمور التي تتعلق بالكنيسة سواء أمور مالية وأعمال صيانة وتجديد، كما يوجد أيضاً لجنة من الرجال والسيدات تساعد في تزيين وترتيب الكنيسة من الداخل والخارج وخصوصاً في أوقات الأعياد، فهدفنا ليس فقط تقديم الدعم المادي بل المعنوي أيضاً لنستطيع بقدر مالدينا من جهد وتعب أن نخدم الكنيسة ونعمل على أن تبقى دائماً في أبهى صورة لها».