"فتح الله صقّال" أحد محامي وأدباء "حلب" المشهورين الذي كانت له المساهمة الكبيرة بجلب مياه الفرات إلى مدينة الشهباء "حلب"، إضافة إلى جمعه بين أعمال البر والإحسان والعمل السياسي والشجاعة الوطنية.
التقى eAleppo الخوري "يوركي أبيض" بتاريخ 26/1/2012 في مطرانية الروم الكاثوليك في "حلب" للحديث عن حياة المحامي "فتح الله صقّال"، والذي قال: «وُلِد المحامي الراحل في مدينة "حلب" في الثالث عشر من حزيران عام 1893 وتلقى تعليمه في مدرسة الأرض المقدسة في "الشيباني" ثم انتقل إلى "القاهرة" عند بداية الحرب العالمية الأولى حيث درس الحقوق فيها، كما عمل فيها كمحرر في جريدة "الأهرام" المصرية وفي جريدة "البورس اجيبسيان" الفرنسية التي تولى تحرير المقالات الحقوقية والاجتماعية فيها، ثم توجه إلى فرنسا حيث قدّم امتحان الحقوق ونال شهادة المحاماة بتفوق».
انتهز المحامي "فتح الله صقّال" فرصة وجود الرئيس "جمال عبد الناصر" في حلب لوضع حجر الأساس لدير "كرمال سيدة عذراء سورية" بأن قدم له ورقة طلب فيها عفواً عن سجناء سياسيين أوقفهم اللواء "عفيف البزري"
ويتابع الأب "يوركي" حديثه عن حياة المحامي الراحل بعد عودته إلى مدينة "حلب" بقوله: «عاد الأستاذ فتح الله صقّال إلى حلب عام 1919 ومارس مهنة المحاماة وتولى الدفاع في أشهر القضايا الجنائية والحقوقية، واستلم مرتين منصب وزارة الأشغال العامة في الحكومات السورية، وكان له الفضل في جلب مياه نهر الفرات إلى "حلب"، وأعاد إصدار مجلة "الكلمة" في العام 1929 التي كانت قد توقفت عن الصدور في العام 1926، وقد قام المحامي الراحل بالعديد من الأعمال الخيرية كافتتاح مأوى المسنّين في حي السبيل عام 1933 كما دشّن مشفى الكلمة عام 1951، وبنى عام 1960 بماله ومال أسرته دير "كرمال سيدة عذراء سورية" في حي "الشهباء"، وقد دعا الرئيس جمال عبد الناصر لوضع الحجر الأول، كما ترك المحامي الراحل ثمانية مؤلفات هي: "من ذكرياتي في حكومة حسني الزعيم، خطرات ونظرات، من ذكرياتي في المحاماة (في جزأين كبيرين)، ثلاثون سنة في خدمة الإنسان، في العالم الجديد، إنسانيّون وأوروبا أمس واليوم"».
كما كان للأستاذ "فتح الله صقّال" عدة مواقف وطنية مشهودة، يُذكر منها في مذكرات الصحفي "فيكتور كالوس" والتي جاء فيها: «انتهز المحامي "فتح الله صقّال" فرصة وجود الرئيس "جمال عبد الناصر" في حلب لوضع حجر الأساس لدير "كرمال سيدة عذراء سورية" بأن قدم له ورقة طلب فيها عفواً عن سجناء سياسيين أوقفهم اللواء "عفيف البزري"».
ويضيف أيضاً الأرشمندريت والمؤّرخ "اغناطيوس ديك" قائلاً: «كان المحامي "فتح الله أفندي صقّال" وطنياً صادقاً أذكر له موقفاً عندما رد في أحد المحافل على أحد كبار الضباط الفرنسيين الذي نعت أحد المواطنين السوريين بنعوت نابية (sale Syrien)، كما أنه قد دافع بنجاح عن المناضل "ابراهيم هنانو" في المحكمة العسكرية الفرنسية وهو لم يزل حينها شاباً عمره لا يتجاوز 29 عاماً، حيث وكّله المناضل الراحل "ابراهيم هنانو" ليدافع عنه بعد أن استحلف النائب العام الفرنسي بشرفه العسكري أن يدله على المحامي الذي كان سيوكّله لو كان متهماً مثله، وقد امتنع النائب العام الفرنسي عن الرد في البداية ثم همس في أذنه بأنه لو كان مكانه سيقوم بتوكيل المحامي الشاب "فتح الله صقّال"».
أمّا عن وفاته فقد حدثنا الأب "اغناطيوس ديك" قائلاً: «أصيب بالشلل النصفي في أواخر عام 1966 وتوفي صباح الجمعة العظيمة 27 آذار 1970، وشيّع جثمانه يوم الاثنين 30 آذار بموكب رسمي وشعبي مهيب، وكرمته الدولة السورية إذ حاز وسام الاستحقاق السوري، ولدى نبأ وفاته أرسل الدكتور "نور الدين الأتاسي" رئيس الدولة برقية تعزية رقيقة لأسرة الفقيد، وكان على رأس المشيّعين الأستاذ "شتيوي سيفو" محافظ "حلب"، وأقيمت له حفلات تكريمية وظل محترماً من قبل جميع الفئات».
ويُذكر أن بلدية "حلب" أطلقت اسمه على أحد أهم شوارع المدينة.