ما زالت "بركة الحج" في الذاكرة الشعبية لأهالي "السويداء"، هي الجامعة لذكريات العديد ممن عاشوا حولها ونهلوا من معينها، وحملوا منها بضائع تجارية، ومواقف وطنية واجتماعية. وهي اليوم تناشد الزمن بعد أن تحولت إلى مسرح للحشائش وموقف للسيارات.
حول "بركة الحج" في "السويداء"، مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 2 كانون الثاني 2018، التقت "أكرم الغطريف" المهتم بتوثيق التراث، فقال: «تعدّ "بركة الحج" واحدة من الأوابد الأثرية والتاريخية التي عاشت مع أجيال ماضية وتعاقب عليها الكثيرون من الناس الذين ارتادوها بقصد التجارة ونقل البضائع وأعمال أخرى، فجدرانها المكونة من حجارة حاملة للقدم التاريخي تعود إلى عصور خلت من زمن الرومان، التي تنم عن مرحلة أثرية كانت سائدة في تاريخ غابر، لكن في الحاضر المعاصر وبعد مشروع التحديد والتحرير للعقارات، أصبحت تقع ضمن العقار رقم 6036-6037، ولأن التوسع العمراني والسكاني بدأ يزحف ليطول المواقع الأثرية والتاريخية؛ كانت "بركة الحج" واحدة من تلك التي طالتها تقنيات العمل المعماري، والزحف السكاني التجاري، وخرجت من كونها معلماً أثرياً ومكاناً يجمع الذكريات، وصراخها عبر الزمن ومناشدتها لتبقى حجارتها الرومانية موجودة، بعد أن تم طي تسجيلها كموقع أثري بموجب القرار رقم 120/آ تاريخ 20/10/1971 نتيجة تعرضها لتعديات التوسع العمراني، لكن لم يتم الاعتراف بها كموقع أثري بعد طي تسجيلها بالمادة /16/ من قانون الآثار الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 222 لعام 1963، التي نصت على أن المناطق الأثرية والأبنية التاريخية التي سجلت قبل انتهاء العمل بهذا القانون يبقى تسجيلها صحيحاً؛ وهذا يمنحنها الحق بأن تبقى مسجلة في سجل الآثار، ولعل شطبها كان عملاً خاطئاً، وهل يجوز أن تتخذ التعديات على الآثار المسجلة، ومحو معالمها سبباً في شطب تدوينها؟ علماً أنه تم تسجيل بقايا الجدار الأثري للبركة في سجل الأبنية التاريخية بموجب القرار 122/آ تاريخ 10/12/1973».
إذاً، للبركة حكايات ومآثر عاشت مع الناس، وخاضت تجارب عديدة حين دخلت في همومهم الاجتماعية، وللمكان مكانته في الذاكرة الشعبية، لكن المعاصرة جعلت منه مكاناً آخر يحمل صفات مختلفة، كأن يصبح مرآباً للسيارات بمواقف مأجورة، والكثيرون ممن يذكرون أن لـ"بركة الحج" فضلاً كبيراً على أهالي "السويداء" عبر التاريخ، وها هي في الوقت الحاضر تحل أزمة خانقة للسيارات، بعد الزحف العمراني وأعداد الآليات المتنقلة بالآلاف
وأضاف: «إذاً، للبركة حكايات ومآثر عاشت مع الناس، وخاضت تجارب عديدة حين دخلت في همومهم الاجتماعية، وللمكان مكانته في الذاكرة الشعبية، لكن المعاصرة جعلت منه مكاناً آخر يحمل صفات مختلفة، كأن يصبح مرآباً للسيارات بمواقف مأجورة، والكثيرون ممن يذكرون أن لـ"بركة الحج" فضلاً كبيراً على أهالي "السويداء" عبر التاريخ، وها هي في الوقت الحاضر تحل أزمة خانقة للسيارات، بعد الزحف العمراني وأعداد الآليات المتنقلة بالآلاف».
"تيسر جدعان رجب" من أهالي مدينة "السويداء"، أشار إلى أهمية الموقع التاريخي بقوله: «تكاد تكون "بركة الحج" ملاصقة لمركز المدينة، وهو ما دفع الأهالي إلى تحويلها إلى مكان تجمع للسيارات بعد أن كانت ظاهرة اجتماعية في تدوين مواقف كثيرة، والمتتبع لأحداثها، ومدون الوقائع فيها يشعر بأهميتها التاريخية، فهي خاضت تجارب في العهود السابقة، وكانت حصناً منيعاً لهم، وشهدت مآثر عديدة، منها: اجتماع الثوار أثناء حربهم ضد الاحتلال العثماني والفرنسي، وملتقى للقوافل التجارية في أربعينات القرن الماضي، وتحولت إلى مستنقع للمياه الآسنة والمالحة وما يحمله ذلك من ضرر بيئي وإنشائي على الجوار».
وبيّن المهندس "وائل جربوع" رئيس مجلس مدينة "السويداء" عن "بركة الحج" قائلاً: «بعد تعذر استثمار البركة من قبل المستثمرين، حيث تم الإعلان عن ذلك أكثر من مرة، وباعتبار أن صفتها التنظيمية حديقة عامة، لذلك اتخذ المكتب التنفيذي لمجلس المدينة قراراً بعد موافقة مديرية "آثار السويداء" بردم البركة مع الحرص على السلامة العامة للمواطنين، وجعلها حديقة عامة، حيث سيتم تجهيزها بكل ما يلزم لهذا الغرض. وشملت عمليات الردم مرحلتين: الأولى صخرية لمنع تسرب المياه من البركة على الجوار. والثانية من التربة الزراعية، حيث وصلت كمية الردميات إلى 9 آلاف متر مكعب، والحديقة تمتد على مساحة 2400 متر مربع».