يعدُّ مشروع موقع "ضهر القصير" الحراجي في محافظة "حمص"، من المشروعات ذات الأثر البيئي المهم وله دورٌ كبيرٌ في زيادة مستوى الحركة السياحية التي تنعكس إيجابياً على الواقع الاقتصادي والخدمي للمنطقة التي يقع ضمنها.
حدود الموقع
بوشر العمل بعملية التشجير الاصطناعي عام 1972، وامتدت لثمانية أعوامٍ لاحقة، يقع الموقع في منطقة تمثِّل نقطة التقاءٍ بين محافظات "حمص" و"طرطوس" وحماة"، هذا ما ذكره المهندس "سليمان علي" مدير الموقع متحدَّثاً لموقع مدوّنة وطن "eSyria" ليتابع قائلاً: «تبلغ مساحة الموقع نحو 1300 هكتار ويرتفع عن سطح البحر 700 م في أدنى نقطةٍ منه، بينما يبلغ ارتفاع النقطة الأعلى 1055 م تقريباً، يمتدُّ على جانبي الطريق الواصل بين ناحية "شين" في الجهة الجنوبية الشرقية منه وحتى منطقة "مشتى الحلو" الواقعة في الشمال الغربي».
تبلغ مساحة الموقع نحو 1300 هكتار ويرتفع عن سطح البحر 700 م في أدنى نقطةٍ منه، بينما يبلغ ارتفاع النقطة الأعلى 1055 م تقريباً، يمتدُّ على جانبي الطريق الواصل بين ناحية "شين" في الجهة الجنوبية الشرقية منه وحتى منطقة "مشتى الحلو" الواقعة في الشمال الغربي
تنوُّعٌ زراعي
ويضيف المهندس "علي": " تنتشر في الموقع أنواع عديدة من أصناف الأشجار الحراجية المعمِّرة المثمرة وغير المثمرة، ومنها الصنوبر بأنواعه المختلفة مثل: "البيروتي" والحلبي" والثمري"، وكذلك أشجار "السرو" والشوح" و"البلوط"، أضف عليها "الزعرور" و"الصفصاف"، إلاَّ أنَّ المساحة العظمى منه تحتلها أشجار "الكستناء" التي تستحوذ على نحو 700-800 هكتار، وفي السنوات الأخيرة أُضيفت أنواع جديدة هي "الروبينيا" و"الخرنوب" كتجربة أولية كي نعرف مدى ملاءمتها لطبيعة الظروف الجوية التي تشهدها المنطقة على مدار العام، كذلك تنمو فيه أصناف عديدة من الشجيرات البرية ذات الأحجام الصغيرة ومنها "الزعرور البري».
نقطة جذب سياحية
تمثل الغابة التي يشكِّلها الموقع، حسب قول المهندس "علي" نقطة جذبٍ مهمةٍ حيث يقصدها السيَّاح المحليون على مدار العام كمقصد اصطيافٍ مؤقَّتٍ لهم، ولعل هذا ما شجَّع المستثمرين -معظمهم من أبناء المنطقة- على إقامة المنشآت السياحية التي تؤمن بدورها الكثير من فرص العمل الدائمة والموسمية، وتساهم في تنشيط الحركة الاقتصادية للمنطقة عموماً، أمَّا من الناحية الخدمية فقد أسهم الموقع الذي تحيط به العديد من البلدات والقرى بتنمية البنى التحتية لها، والهدف المنشود من المشروع هو بيئيٌ بامتياز وقد شكَّلت المساحة الشاسعة التي يشغلها، عاملاً بيئياً مهماً من جوانب عديدةٍ، كدوره المساعد في تلطيف الأجواء وخصوصاً في فصل الصيف، وكمصَّدٍ ريحيٍ يحمي المحصولات الزراعية المنتشرة في أراضي المنطقة في فصل الشتاء، ويحدُّ من الأضرار التي قد تحدثها بتلك المحاصيل، إضافةً لأنّه عامل مهم لحماية التربة من الانجرافات التي قد تسببها السيول المتشكلة نتيجة كمية الأمطار الغزيرة التي تشهدها المنطقة وكميات الثلوج المتراكمة».
استعداد دائم
الخطر الأكبر الذي يهدد الأراضي الزراعية عموماً، والغابات خصوصاً هي الحرائق التي تحدث فيها، وعن هذا الموضوع يقول المهندس "علي": «عموماً، فإنَّ الحرائق التي أصابت غابة الموقع على مدى سنواتٍ سابقة، لا يمكن مقارنتها بالكوارث التي أصابت الغابات في مناطق أخرى من "سورية". هذا يعود للتخطيط المنظَّم والعلمي الموضوع للموقع قبل بدء تنفيذه، وللإجراءات الوقائية التي تنفَّذ فيه على الدوام، أهمها هي: الشبكة الواسعة من طرق النار التي يتضمنها، والتي تمَّ شقُّها بأسلوبٍ عالي الاحترافية والمهنية والصيانة الدائمة لها، وعمليات الترميم التي تبدأ منذ الشهر الخامس وحتى انتهاء موسم الحرائق مع دخول فصل الشتاء، إضافةً للطرق الجديدة التي نعمل على شقِّها عندما تدعو الحاجة لذلك، وكمثالٍ على هذا الأمر فقد بلغت المساحة التي تضررت من الحرائق للموسم الماضي نحو 500 م2 ومساحة أخرى قدرها 300 م2 وهذه أرقامٌ ضئيلةٌ جداً مقارنةً بمساحة الموقع الواسعة».
مراقبة ومتابعة
يتابع المهندس "سليمان علي" حديثه ويقول: «المحافظة على هذه الغابة الجميلة يتمُّ من خلال الفرق العاملة فيها وعددها ثلاثة هي: "مخفر مركز حماية الغابات"، والذي تقع على عاتقه مسؤولية المراقبة والمتابعة الدائمة للموقع على امتداد مساحته الشاسعة، وملاحقة التعدِّيات التي تحصل عليه ومن خلال نقطة المراقبة الكاشفة والواقعة في أعلى نقطة منه. أمَّا "فرقة التربية والتنمية" فهي مكلَّفةٌ بعمليات التقليم وجمع البقايا وترحيلها، إضافةً لعمليات تنظيم الغابة وترميم طرق النار فيها وشقُّ الجديدة منها، وتعمل إلى جانب هاتين الفرقتين أيضاً "فرقة الإطفاء" المزودة بسيارتي إطفاءٍ، واحدة مخصَّصة لعمليات التدخل السريع والأخرى ذات حجمٍ أكبر على متنها خزان سعته 75 برميلاً، وجاهزية هذه الفرقة دائمةٌ على مدار العام تقريباً، ولدى عناصرها الخبرة الجيدة في التعامل مع حوادث الحرائق حتى أنَّها شاركت في عمليات الإخماد بعدَّة محافظات سورية، ولا يفوتنا ذكر حجم الوعي الموجود لدى أهالي المنطقة عموماً، ومن يتوافدون لزيارة الغابة خصوصاً».
مخاطر أخرى..
تبقى الآفات المرضية التي تظهر مع تغير عوامل البيئة، حسب قول المهندس "سليمان" هي الخطر الذي يهدد أيَّة منطقة زراعية، وهذا ما ترك أثره خلال الأعوام القليلة الماضية في جزءٍ كبيرٍ من أشجار "الكستناء" من خلال آفة "لفحة الكستناء"، وهذا ما انعكس سلباً على عملية نمو الأشجار وعلى محصولها الثمري، حيث يشكِّل مردودها الماديُّ جانباً من الأهمية الاقتصادية للموقع؛ لذا أجرينا عمليات تقليمٍ واسعةٍ، إضافةً لعمليات المكافحة وذلك باستخدام المضَّادات الحيوية.. خطرٌ آخر لا يقلُّ أهميَّةً هو التحطيب الجائر الذي يقوم به بعض المتعدِّين على الغابة، عند بعض أطراف حدودها، والذين نعمل على منع تعدِّياتهم وملاحقتهم قضائياً من خلال الضبوط المنظَّمة من قِبل الحراس الحراجيين لدينا، والتي بلغ عددها 150 ضبطاً خلال موسم شتاء 2021-2022 الفائت».
مشاهدات من الواقع..
يروي "سليمان طنوس" أحد أهالي قرية "كفر رام" التي يمتَّد الموقع بأطرافه الشمالية والشمالية الشرقية على حدودٍ طويلةٍ مع أراضيها، لموقع مدونة وطن "eSyria" أثناء الحديث معه علاقته مع هذه الغابة الجميلة فيقول: «الداخل إلى عمق الغابة يُبهر بجمال طبيعتها، إن كان بتنوع الأشجار فيها، وبالينابيع التي تقع ضمنها وأهمها "عين النسور" و"الضبعة"، وينابيع وادي "بليِّط" الواقعة بين قريتي "كفر رام" و"برشين"، إضافةً لأنواع الحيوانات التي تعيش فيها، كأصناف الطيور المتنوعة دائمة الوجود مثل، طيور"البوم" و"الغراب" وهي كثيرة العدد ضمنها، وطير "جاج الحرش"، ومن الطيور المستقرَّة هناك "الدوري" و"سنية أبو منجل"، أضف لهما طير "اليمام"، وهناك بعض الأنواع الأخرى الموسمية مثل طيور "الدلُّم" و"الحمام البريِّ" و"السُمُّن" و"حزلاك الهوا" وهو من أنواع الباشق، هذه الأنواع وغيرها تستوطن في الغابة مع حلول فصل الخريف وحتى فصل الربيع، ومن الحيوانات الأخرى المشاهدة ضمن الغابة وبكثرةٍ "الجقل" وقنفذ "النمًيص" وهناك أنواعٌ لا ترى لكن آثارها تُشاهد أحياناً مثل "الضباع" و"الثعالب"».
نذكر نهايةً بأنَّ اللقاءات مع الضيوف قد تمَّت عبر الاتصال بهم هاتفياً بتاريخ 12 نيسان 2022.