منذ تأسيس مشروعها الخاص في صناعة الخرزيات قبل عدة سنوات، لا تزال السيدة الحمصية "سوزان نكدلي" تواصل الإبداع في عمل مجسمات وهدايا وصمديات متنوعة الأشكال والأحجام.
حالة متميزة
شكلت "نكدلي" حالة متميزة للمرأة الراغبة بالنهوض والعمل، حيث استطاعت بأناملها تطويع أقسى المواد كالحجر وأسلاك النحاس وتحويلها إلى مجسمات فنية غاية في الجمال والإتقان.
أبرزها صعوبة تأمين بعض القطع وارتفاع أسعارها إضافة لأجور النقل هو أبرزها، حيث اضطر للسفر إلى دمشق أو طرطوس لشراء بعض الأنواع من الأحجار
وتلخص "سوزان" في حديثها لمدونة «وطن» سرّ إبداعها في إنجاز تلك المجسمات بعبارة "أصنع هذه القطع من روحي"، فلكل منها أهميتها الخاصة لدي، وشاركتُ خلالها بالعديد من المعارض، ونلت بفضلها الثناء والتقدير".
وتتابع "سوزان" حديثها عن انتقالها من عالم الرياضة إلى عالم التحف والمشغولات اليدوية، وهي الحاصلة على عدد من الجوائز في رياضتي كرة السلة والسباحة بـ"حمص"، إلا أنها طوعت موهبتها في تصميم المجسمات الخرزية وتحويلها إلى عمل يدر دخلاً مادياً لمساعدة عائلتها اقتصادياً.
وعن سبب اختيارها للعمل، تقول: «رغم أنني أم لثلاثة أولاد، وأستطيع الجلوس في المنزل والتفرغ لهم، لكنني بدأت مشروعي الخاص رفضاً لروتين الحياة الذي يشكل العائق الأول والأصعب أمام تمكين المرأة في المجتمع».
هواية ومهارة
وفي رحلة بذاكرتها، تشير "سوزان" إلى أن حكايتها مع الخرز كهواية بدأت منذ 7 سنوات، وتضيف: «قررت ألا أبقيها مجرد هواية، وصممت على تطويرها إلى عمل ومشروع خاص بي، يعرفني الناس من خلاله، وأنشر هذه الأعمال من خلال اسمي في الوقت نفسه».
وتكمل في حديثها للمدونة: «المدة الزمنية اللازمة لإنجاز هذه المجسمات تختلف وليست ثابتة، فمنها يتطلب أسبوعاً ومنها 20 يوماً، لأن العمل يعتمد أساساً على التنوع والدقة وإبراز الشكل بأبهى صوره من خلال الألوان والأحجام».
وتضيف: «قررت استغلال أوقات الفراغ لتصميم المشغولات التراثية، وبدأت بعمل الصوف والسنارة ومن ثم انتقلت إلى الخشب وفن تدوير النفايات، كما اتبعت عدة دورات لصقل مهاراتي وتحسين خبراتي، حتى بدأت بتحويل الأفكار إلى مشروع عملي، وأحببت هذا العمل لدرجة كبيرة، إضافة لاتباع نحو 20 دورة تعليمية في مختلف المجالات، كالخياطة والرسم والإسعافات الأولية والتجميل، وحصلت على تكريم على مستوى المحافظة لتميزي في تلك الدورات».
وعن أسلوب عملها، تبين سوزان أنه يعتمد على عدة عناصر، مضيفة: «أستخدم الخرز وأسلاك النحاس والخشب والأكسسوارات والدهان والصوف والورود، وأصنع تحفاً منوعة كأشجار الأرز والصمديات، وأقوم بتسويق أعمالي عبر مواقع التواصل الاجتماعي بشكل أساسي، كما أشارك في كل المعارض والأسواق والبازارات التي تقام في حمص، كان آخرها سوق المنتجات الريفية».
أما عن صعوبات هذا المجال تشير إلى أن «أبرزها صعوبة تأمين بعض القطع وارتفاع أسعارها إضافة لأجور النقل هو أبرزها، حيث اضطر للسفر إلى دمشق أو طرطوس لشراء بعض الأنواع من الأحجار».
بلا حدود
وعن أبرز أعمالها، تعدد "سوزان" بعضها قائلة: «مجسمات الأسلاك النحاسية أكثر ما أحب، حيث أشكل القواعد وأزينها بالخرز والأوراق وأصقل الأحجار وألونها، كما أشارك بمنتجات مصنوعة من الصدف والعقيق والكريستال والنحاس والخشب المعتق والرمل، إلا أنني لم أصل لطموحي بعد، وأتمنى أن استثمر طاقتي بشكل كامل في الأعمال اليدوية المتميزة، وأوجه الرسالة ذاتها لكل النساء على وجه الخصوص حيث إن الإبداع وحب العمل لا حدود لهما».
فيما تحدثت "سوزان" عن مشاركاتها المتعددة في مختلف المعارض والبازارات في المحافظة، مضيفة: «لا يكاد اسمي يغيب عن أي معرض في شتى المناسبات، كان منها مهرجان "أهلاً رمضان" بحي الوعر، ومعرض "أكاسيا" إضافة لمهرجانات المرأة الريفية وغيرها الكثير».
تقول "رانيا الرفاعي" وهي إحدى سيدات العمل المنزلي، لاسيما في الصوفيات: «مهارة ودقة عمل "سوزان" تثير الإعجاب والدهشة في الوقت نفسه، لما تتطلبه المجسمات من وقت طويل وإتقان كبير لتحول أسلاك النحاس والخرز إلى شجرات ورسومات وهدايا، ولك أن تتخيل مقدار التعب المبذول خلال تلك الرحلة».
بدورها، تقول "زينة زخور"، وهي فنانة تشكيلية لمدونة «وطن»: «الجزء المتعلق بإعادة تدوير المخلفات وتحويلها إلى أعمال فنية أمر يستحق التقدير، فهي شخص قادر على امتلاك الموهبة والمهارة وإتقان العمل والفكرة الخلاقة حتى تحول العلب المعدنية والمخلفات الأخرى إلى عمل فني جميل، ويجب الإشارة هنا إلى ضرورة دعم هذه المواهب وتقديم كل الدعم لها كي تستمر في العمل المبدع».