قبل ما يقارب 25 عاماً كانت انطلاقة الكاتب والمخرج المسرحي "عصام علام"، ليتحول بعدئذٍ إلى الكتابة والإخراج المسرحي، فساهم بستة أعمال لصالح مديرية صحة "طرطوس" ومنظمة طلائع البعث، ثم حوّل حلمه في تأسيس فرقة مسرحية إلى أمر واقع فكانت فرقة "العرّاب".
الفكرة والواقع
في حديثه لمدونة وطن يقول الكاتب والمخرج المسرحي ومؤسس فرقة "العرّاب" المسرحية "عصام علام": «جاءت فكرة تكوين فريق مسرحي مستقل عندما تواجدت النواة، حيث ضمت الفرقة في البدايات خمسة من الشباب الجامعيين جمعهم شغف المسرح، فبدأنا العمل بروح شخص واحد متفانٍ في خدمة الفريق، وبعد عام ونصف العام وثلاثة عروض مسرحية، أصبحت الفرقة تضم واحداً وعشرين ممثلاً وممثلة».
شاركت مع فرقة "العرّاب" في عرض مسرحي حمل اسم "أجيال" لعبت فيه أدواراً لشخصيتين في آن واحد، وهي شخصية الشهيد وشخصية الضمير الحي"، وأحضر حالياً للمشاركة في عمل مسرحي جديد يحمل عنوان "سعادة المواطن" من خلال شخصية مميزة
واجهت انطلاقة الفرقة حسب قول "علام" بعض المعوقات تمثلت بأمرين أساسيين، أولهما تأمين منصة تساهم في تقديم العروض إلى الجمهور، أما الثاني فهو التكلفة المادية من ناحية تأمين الملابس الخاصة بالعروض وتنفيذ الديكور الخاص بالعمل المسرحي.
ويضيف: «استطعنا تخطي الصعوبات من خلال رعاية اتحاد شبيبة الثورة، ثم المسرح القومي والمركز الثقافي في محافظة "طرطوس"، حيث جرى تقديم كل ما يتعلق بالأزياء اللازمة للعروض المسرحية إضافة إلى التعاون فيما بيننا وتأمين بعض احتياجاتنا».
استعادة الألق
ما يميز فرقة "العرّاب" المسرحية بحسب المخرج "علام" هو شغف المسرح، والعمل بروح الفريق والمحبة التي تجمع أعضاء الفرقة، إلى جانب تعدد المواهب الموجودة لدى كل فرد من أفرادها سواء بالتمثيل أو العزف أو الغناء أو الرقص أو الرسم أو الرياضة، وتميزت الأعمال المسرحية التي قدمتها الفرقة بقدرتها على ملامسة هموم الناس وتصوير الواقع.
يقول المخرج "علام": « نسعى من خلال فرقتنا المسرحية إلى جعلها تجمعاً لأصحاب المواهب الحقيقية ممن لم تسمح لهم ظروفهم بالدراسة الأكاديمية في "دمشق"، أما أدواتنا لجذب الجمهور فهي متنوعة منها طبيعة النصوص التي نقدمها من خلال عروضنا، فهي تحترم الإنسان وتحاكي ذاته بطريقة راقية بعيدة عن الإسفاف والتهريج، ولأن "سورية" كانت ولا تزال رائدةً في المسرح منذ بدايات القرن الماضي، فإنه مهما حدث من تطور تكنولوجي لا بدّ أن يبقى المسرح لدى كل سوري هو مكان ثقافي رائد، وهذا ما نسعى إلى تعزيزه من خلال الفرقة، فمهمتنا اليوم كفرق مسرحية تتركز على إعادة الألق لهذا الفن من خلال التركيز على مستوى الأعمال ومناسبتها للمتلقي واحترامها لفكره، مع الاجتهاد في العمل وهذا هو الأهم كي يتحقق الأثر المطلوب».
بيت المواهب
تمكنت الفنانة التشكيلية ومساعدة المخرج في فرقة "العرّاب" المسرحية "ليزا غازي" من تطويع ما تمتلكه من أدوات فنية لخدمة العمل المسرحي، فكان لها مساهمات في ما تقدمه الفرقة من عروض من خلال رسم كاريكاتير الشخصيات، أيضاً مساهمتها في توزيع العناصر مع المخرج "علام" بتناسق وتوازن حركي متماهي مع المجموعة على خشبة المسرح.
ترى "غازي" أن التنوع الذي تحتويه الفرقة يخدم العمل المسرحي ويمنحه طابعاً خاصاً، وهذا عامل يميزها عن غيرها من الفرق المسرحية، فمثلاً وجود عازف فيها يضيف للعمل رونقاً جميلاً ومتعة الطرب المباشر بينه وبين الجمهور، ما يساهم بزيادة التفاعل بين الخشبة ومن عليها وبين الحضور، كذلك الرقص الإيمائي يمثل صورة بصرية تعبر عن النص والعمل المسرحي ككل، وهذا التنوع في مواهب الأعضاء لعب دوراً هاماً في نجاح الفرقة على كافة الأصعدة.
أما الممثل "حسن نصر" يبين أن أبرز ما يميز الفرقة إلى جانب تعدد المواهب هو القدرة على صياغة نصوص تبتعد كل البعد عن التقليد. ويضيف: «شاركت مع فرقة "العرّاب" في عرض مسرحي حمل اسم "أجيال" لعبت فيه أدواراً لشخصيتين في آن واحد، وهي شخصية الشهيد وشخصية الضمير الحي"، وأحضر حالياً للمشاركة في عمل مسرحي جديد يحمل عنوان "سعادة المواطن" من خلال شخصية مميزة».
بدوره يرى الممثل "علي عمران" الذي شارك مع الفرقة في معظم عروضها منذ التأسيس، أن ابتعاد نصوص المسرحيات عن تقليد ما يقدمه الآخرون، وقربها من الواقع بشكل عميق ودقيق ومدروس ساهم في نجاحها، وعلى صعيد شخصي يشير "عمران" إلى أن انتسابه للفرقة ساهم باكتسابه خبرات جديدة ومعلومات مهنية ذات قيمة عالية ومهارات احترافية.
من جانبها تشير "نور أبو تلجة" إلى أن انضمامها إلى الفرقة جاء بسبب شغفها بالعمل المسرحي، ولأن الفرقة تعمل باستمرار على استقطاب المواهب الشبابية وتوظيفها في المكان الصحيح، لذلك انتسبت إليها كراقصة إيمائية، ثم تحولت إلى الرقص التعبيري، إلى جانب مشاركتها في تأدية عدد من الأدوار.
دعم المواهب
تقدم معظم الجهات العامة منها والخاصة في محافظة "طرطوس" دعماً ملحوظاً لإطلاق فرق مسرحية تضم مواهب شابة، منها اتحاد شبيبة الثورة والذي يقدم كل الدعم لاستقطاب جيل الشباب وصقل مواهبه بحسب "حسين أبو غبرا" أمين فرع اتحاد شبيبة الثورة في "طرطوس"، مضيفاً أن الهدف من هذا الدعم زيادة الانتماء الوطني لدى الجيل الشاب من خلال منحهم الفرصة للمشاركة بأنشطة وفعاليات متنوعة منها الثقافية والفنية والمبادرات التطوعية وغيرها، مع الحرص أن تضم هذه الأنشطة مختلف الشرائح العمرية والمجتمعية.
ويضيف "أبو غبرا": «من هنا كان تعاوننا ودعمنا لفرقة "العراب" المسرحية ومسيرتها الثقافية والفنية.
مدير المركز الثقافي في "بانياس"، "خالد فهد حيدر" يبيّن أن المسرح هو أبو الفنون كونه الأقدم، لذلك كان من أبرز مهام المؤسسات الثقافية عامة والمراكز الثقافية على وجه الخصوص احتضان الفرق المسرحية والمواهب الشبابية، ومنها فرقة العرّاب المسرحية والتي تتميز باحتضانها للمواهب الشابة المتميزة، مشيراً إلى أن المركز الثقافي في "بانياس" على الرغم من قلة الإمكانيات قام بإطلاق عدة مشاريع مسرحية ذات طابع شبابي، وجميعها حققت حضوراً جماهيرياً لافتاً.
أجريت اللقاءات بتاريخ 13 حزيران 2023.
.