لم يبدأ الفنان "منير الجباعي" محترفاً للغة الفنون من المسرح والتصوير والتوثيق، غير أنه أراد السير خلف موهبته وميوله في الدخول إلى عالم أبي الفنون ومتطلباته، ليرفد رؤيته بعدسة ترصد أجمل اللحظات وتوثق من التراث المادي واللامادي ما ينعش ذاكرة مجتمعه.
رحلة البدايات
"الإبداع والموهبة لا ترتبطان بمنهج تعليمي أو بدراسة تكون عنوة على صاحبها، بل تأتي على صفة فطرية بالشخص وتكون ضمن تكوين بنيوي للشخصية" ، هكذا يبدأ الفنان والمخرج المسرحي "منير الجباعي" حديثه لمدونة وطن eSyria، ويضيف: "بدأت علاقتي بالمسرح باكراً كان ذلك في المرحلة الابتدائية وفي مدارس مدينة "جرمانا"، وقد كانت بداية عملي في المسرح الجوال كممثل مع المخرج الراحل "عادل الزايد" عبر مسرحية للأطفال بعنوان "رحلة الحظ"، ثم مع المخرج "فيصل الراشد" بمجموعة أعمال مسرحية أهمها "الأشجار الخالدة"، وانتقلت لمسرح اتحاد شبيبة الثورة مع المخرج "ناصر الشبلي" بمجموعة أعمال أهمها "حكايات"، إلى أن عملت مع الفنان الشامل الذي كان منارة لي بالمسرح والموسيقا وهو المرحوم "أنور الجباعي" وهو شقيقي الأكبر".
المسرح والسينما
ويتابع الفنان "الجياعي" حديثه بالقول: " ارتياد المسرح الجامعي كان بمجموعة أعمال منها "صندوق الدنيا، من هو الميت، عويل في المقبرة"، وحصلت على جائزة أفضل ممثل في مهرجان لاتحاد نقابات العمال بمسرحية "حمام روماني" من إخراج "فؤاد حميرة"، ثم انتسبت لجمعية المسرح الحر عام ٢٠٠٥ بصفتي كاتب مسرحي وممثل، وشاركت بمجموعة أنشطة للجمعية كانت من تأليفي وإخراجي أهمها "منتجع سياحي"، وهي من بطولة الفنان الراحل "حسن دكاك" الذي شجعني على الكتابة أكثر فأكثر، فكتبت مجموعة من المسرحيات لاقت نجاحات مهمة منها "أين حقوقي" وهي مسرحية للأطفال حازت على جائزة أفضل عمل مسرحي عام ٢٠٠٦ في مهرجان طلائع البعث، وتناولها الإعلام المرئي كمادة مفيدة تتحدث عن حقوق الطفل، حتى وصلت الفكرة لمنظمة اليونيسيف واستثمرتها في عدة دول أخرى كمادة فنية وهادفة، ومن مؤلفاتي على الصعيد المسرحي "معاق في جسم سليم" و"حب على الهواء"، "حياة ضفدع"، "الفارس والتنين"، "مسرح تحت الحصار"، "عويل في أروقة الظلام"، ومعظمها من إخراجي".
عمل "الجباعي" في المسرح القومي مع المخرج "سامر الزرقا" في مسرحية "الكلب الأبيض"، ومع الدكتور المخرج "تامر العربيد" في "العين والمخرز"، ومسرحية "هاملت بلا هاملت" للمخرج العراقي "ناجي عبد الأمير"، كما عمل رئيساً للجنة الفنية في جمعية الوفاء للمعوقين في "السويداء"، وقام بتدريب الهواة في دورات لإعداد الممثل وعروض مسرحية خاصة بالجمعية في المراكز الثقافية وعلى ساحة المحافظة أهمها مسرحية "شموخ السنديان " للمؤلف الراحل "بسام طرابية".
ويشير "الجباعي" إلى تجربته الفنية على الصعيد السينمائي والتلفزيوني مع المخرج الراحل "هشام شربتجي" في مجموعة أعمال أهمها "٢×٢" و"بطل من هذا الزمان" للفنان "أيمن زيدان"، وأدوار ثانوية ضمن مجموعة مسلسلات لمخرجين معروفين، وتكللت تجربتي بكتابة مجموعة لوحات تلفزيونية.
ويلفت "الجباعي" إلى نشاط الحركة الفنية في "السويداء" من خلال مهرجان المسرح والأفلام القصيرة، والتي كانت تجربة جديدة نالت القبول والاستحسان، وخلال هذا العام ومن خلال الدورة مهرجان "السويداء" للأفلام القصيرة في دورته السادسة دورة "مصطفى العقاد"، والذي تقيمه المؤسسة الوطنية للإنتاج السينمائي والتلفزيوني بالتعاون مع مديرية الثقافة بالسويداء، حيث شارك بكتابة وإخراج مجموعة من الأفلام السينمائية القصيرة، كما شارك بمهرجان دولي سينمائي بفيلم "الخريف البارد" لمهرجان السويداء للأفلام القصيرة.
حديقة المسرح
بدوره يبين المخرج المسرحي "تيسر العباس" أن الفنان "منير الجباعي" يعمل بصمت ضمن دائرة العمل المسرحي في "السويداء"، وله أعمال عديدة سواء في التأليف أو في الإخراج، وله متابعات ومشاركات في الأعمال التلفزيونية والسينمائية، بحيث يؤثر في المشهد التي يقدمه ويترك انطباعاً إنسانياً ووجدانياً، وهو عاشق للمسرح، وهو مصرٌ على أن يبقى وراء الكاميرا يوثق ما أراده جده في إحياء ما ترك له من إرث بطولي ونضالي، فهو مخرج مسرحي وممثل وهو اليوم مصور ومؤلف ومخرج لأفلام قصيرة نال على أعماله جوائز عديدة.
"لارا الدبيسي" المجازة في التاريخ والموثقة للتراث واللامادي والتي حضرت مجموعة من الأعمال المسرحية التي كتبها الفنان "الجباعي" للأطفال، تشير إلى أن أعماله تميزت بالوصول إلى قلوب الأبرياء التي يصعب الوصول إلىها بسهولة، أما أبرز ما يميز عمله على صعيد التوثيق التاريخي وبشكل واضح، وقفته وراء كاميرته ليوثق اللحظات الجميلة في الحياة اليومية، واضعاً لنفسه منهجاً جديداً في إظهار مكامن جمال البيئة الاجتماعية من خلال تراثها المادي واللامادي، خاصة حينما يوثق لوقائع تاريخية من خلال متابعته لذاكرة الثورة السورية الكبرى، النابعة من الموسوعة التاريخية الهامة لمؤلفها المهندس المغترب "سميح متعب الجباعي"، والذي ضمنها أكثر من خمسمائة وثيقة تاريخية، وهذا ما دفع "منير الجباعي" على المتابعة والإخراج الفني للفعاليات التي تعمل على إحياء قامات تاريخية ووقائع نضالية.