البروفسور الدكتور "نديم سراج الدين" نال درجة الماجستير في الفلسفة وحاز شهادة الطب من جامعتي "ماينز" و"ديسلدورف" في ألمانيا، ولم يقف عند هذا الحد بل توصل إلى معالجة "اللطخة الصفراء" بالطريقة "الفيزيائية"، والذي اعتبر تقدماً بارعاً في طب العيون.

مراسل eSyria التقى الدكتور مساء يوم الخميس 25/2/2010 وعرض جانبا من شخصيته وأهم الإنجازات التي قدمها في ذلك التخصص فقال:

ففي بداية الإصابة تكون جافة، وتصبح رطبة مع تقدم الإنسان في العمر وكلما زادت الإصابة أدى إلى تكسر الأوعية الدموية في عين المصاب

«بعد اجتيازي للشهادة الثانوية في "حلب" سافرت إلى ألمانيا عام /1956/ وأقمت في مدينة "ماينز"، ودخلت كلية الطب ودرست فيها لمدة ست سنوات، وفي عام /1963/ درست الفلسفة السياسية ونلت درجة الماجستير في عام /1968/، ومنه تخصّصت بالقسم العيني "الحول" و"الرقرقة"- اهتزاز منتظم وغير إرادي للعين- لمدة خمس سنوات وتخرّجت في عام /1973/ وبعدها درست في قسم الأمراض العصبية والنفسية، وكنت عضواًَ في مجال البحث العلمي والسياسة الإستراتيجية العلمية، وقدمت أعمالاً علمية انتشرت بداية في روسيا وأوروبا مروراً بأمريكا الشمالية والجنوبية وانتهاءً بالشرق الأوسط، وساهمت أيضا في تقديم علاجات جراحية وغير جراحية في العديد من البلدان الأوروبية».

مراسل eSyria أثناء لقاءه مع البروفسور

الأبحاث والهوايات في الغربة

6 مؤلفات ومئة أطروحة مقدمة بثلاث لغات ما بين الألمانية والفرنسية والإنكليزية هذا ما أضافه الدكتور قائلاً: «والرابعة مترجمة إلى اللغة العربية، ولكنها بعدد محدود لأن اللغة العربية غائبة عن البحث العلمي في أوروبا، وقد حاضرت في كثير من المدن منها "موسكو" ونيويورك" و"باريس" في الجمعية الفرنسية وبيونس ايريس وفي لوكسمبورغ في بلجيكا، وعملت محرراً في مجلة "اتحاد الأطباء العرب" و"الطبيب العربي" ليكون هناك جسراً بين البلاد العربية وأوروبا، وعملت أيضاً في البحث العلمي الذي يساهم في تطور المجتمعات العالمية بصورة عامة، فقديما كانت الإيديولوجية تحرّك العالم، أما الآن فالعلم هو محركها الأساسي، لأن البحث العلمي يحرك المجتمعات بسرعة في جهة معينة من أجل تنوير الإنسان بما يحدث من تطورات في العالم الإنساني، وإلى جانب المؤلفات والأبحاث كان لدي عدد من الهوايات موزعة ما بين القراءة والرياضة والموسيقا، وكنت مهتماً أيضاً بالتقارب "السوري- الألماني" من خلال إقامة عدد من المحاضرات والمعارض والمؤتمرات الطبية، من بينها محاضرة أقيمت في العام الماضي بعنوان "الصراع الثقافي والإيديولوجي" مع فنانين سوريين وألمان ومعرض للتفاعل الثقافي بين سورية وألمانيا، وكنت مهتماً بالإضافة لذلك "بالفن الهندسي" في علم "الجمال العملي"، ومن فوائده تطوير الفكر الإنساني لتوسيع فكر المكان بمعنى فتح الحدود، وهي من الطرق الجديدة في التفكير، وأضرب لك مثالاً عن هذا العلم، في إحدى الدول الألمانية ومنذ عدة سنين رفضت المحكمة بناء مسجد على الطريقة التقليدية لأنهم لا يريدون هندسة كلاسيكية ترجعهم إلى العصر القديم، وحصل خلاف وحل بعد ذلك، عن طريق هذا الفن الذي يعطيهم أشكالاً وفراغيات جديدة تناسب العصر الحديث».

صور من الفن الهندسي في علم الجمال العملي

اللطخة الصفراء ما بين الرطبة والجافة

اعتلال "اللطخة الصفراء" هو مرض يصيب مركزاً في وسط العين عند تقدم الإنسان في العمر، هذا ما أوضحه الدكتور مضيفاً: «هي مسؤولة عن عدة وظائف منها قراءة الكلمات ورؤية الألوان، وحين الإصابة تؤدي إلى رؤية الأشياء بشكل منحنٍ ويمكن أن تؤدي بعد ذلك إلى العمى، فالبحث العلمي العالمي مركزاً على العمليات الجراحية وهذا ما يشكل خطرا كبيراً على العين، فرؤيتي هي في العدول عن العمل التكنولوجي الآلي والتركيز على العمل البيولوجي، على أساس أن "العين" لا تعمل فقط كالكاميرا ولكنها أيضاً تفكر وتشعر ولكن "المخ" هو الذي يدير عملية الحركة البصرية، ويمكن أن يؤدي اعتلال اللطخة الصفراء إلى التأثير على الشم والسمع وتكون مرافقة أيضاً للأمراض العصبية لأنها مرض مركب ويجب مداواته بطرق متعددة».

صورة توضح توضع اللطخة الصفراء

ويطلق عليه أحياناً مرض "الشيخوخة" وعادة ما يصاب به أغلب الناس عند تقدمهم بالعمر، ويقدر عدد المصابين به حوالي /4.5/ ملايين إنسان.

كشف البحث العلمي أن هناك نوعين من هذه الإصابة هي الرطبة والجافة، هذا ما أكده البروفسور قائلاً: «ففي بداية الإصابة تكون جافة، وتصبح رطبة مع تقدم الإنسان في العمر وكلما زادت الإصابة أدى إلى تكسر الأوعية الدموية في عين المصاب».

وأضاف: «هناك بعض الأطعمة التي تساهم في التقليل من خطر الإصابة، من بينها مادة السمك التي يجب تناولها باستمرار قبل الإصابة وليس في أثنائها، أما بالنسبة للعادات الغذائية المتبعة عند الإنسان فلها تأثير غير مباشر على العين، لأنها أصبحت مرتبطة بها ويجب على الإنسان أن يحترم العادات الفزيولوجية الموجودة في جسمه».

الطب البيولوجي وظهور العلاج

يقول الدكتور "نديم": «إن الطب "البيولوجي" لا يزال حديثاًَ لأنه أفضل من "الطب التكنولوجي الآلي" بسبب الثورة الفكرية التي تقوم على حل العديد من القضايا المعقدة وهو أفضل من الطرق التكنولوجية الآلية، ففي بداية ظهور الطب البيولوجي كان هناك نوع من المقاومة أكثر من القبول، فالتطور العلمي لا تكون خطواته منتظمة وإنما تكون بشكل غير منتظم، ويحدث هذا عندما يكون المريض في حالة يصعب التغلب عليها، فالعلم هنا يقوم بقفزات غير منتظمة وهذا ما يقودنا إلى القول إن البداية تبدأ حينما ينتهي منه الآخرون، فأطباء أمريكا الشمالية هم من ابرز معارضي الطريقة البيولوجية على عكس الأطباء المتواجدين في أمريكا الجنوبية وفي روسيا، أما عن الأطباء العرب فقد استمروا في الطرق التكنولوجية، لأن الطريقة البيولوجية تتطلب قدرا من الوقت في اعتمادها على التفكير الجديد لنظريات "اينشتاين" و"ماكس بلانك" لأن المنطق العلمي يتطلب وقتاً لتفهمه، وعلاج اللطخة الذي توصلت إليه كان بمحض المصادفة ففي عام /1987/ كانت شقيقة الأستاذ الذي تلقيت منه علوم الفلسفة مصابة باعتلال اللطخة الصفراء، وكانت قد أخذت عدداً من الحقن ولم تحقق أي نجاح في ذلك، فرأيت أن الطريقة الألمانية في المعالجة ليست كافية فقررت إيجاد الحل، لذلك ذهبت إلى سويسرا ومنها إلى روسيا وأخذت بالنظرية الفرنسية، وبما أنني أتقنت عدداً من اللغات واستفدت من العولمة، وتعلمت من عدد من الأطباء "كالروس والأمريكيين والفرنسيين والبلجيكيين والألمانيين، وأخذت منهم أفكاراً جديدة وطبقتها، حتى تمكنت من الحصول على العلاج في عام /1998/، وتقوم فكرته بشكل مختصر على الاعتماد على أسس فيزيائية في الترموديناميك الحراري، لأن الإصابة المزمنة تتطلب علاجاً بطرق غير نظامية لأن الترموديناميك لا يحتاج إلى طرق آلية ميكانيكية لأنه في الأصل عبارة عن أشعة فيزيائية غير ليزرية، وتعطى لحالات الإصابة باللطخة الصفراء الرطبة أما اللطخة الجافة فلها مستحضرات دوائية خاصة، فمساوئ الأشعة الفيزيائية قليلة بالمقارنة مع طريقة الحقن التي تعطى للمريض في العين، لأن الحقن تعرض العين لأخطار كبيرة، والطريقة الفيزيائية تعتمد على صحة المريض نفسه لأنه يجب أن يتمتع بصحة جيدة حتى نحصل على نتائج جيدة أيضاً، والطريقة الفيزيائية تحدث بعض الآلام ولكن المريض لا يشعر بها لأنه تحت تأثير التخدير الموضعي، وإذا كانت الإصابة بنسبة /50/ بالمئة فإنها تحقق نجاحا من 60 – 70 بالمئة، وكلما ارتفعت الإصابة في العين كلما كانت نسبة الشفاء منخفضة، فعدد المرضى الذين تم شفاؤهم /1300/ مريض من بينهم عرب من جنسيات مختلفة، وقد أصدرت في عام /2002/ كتاباً يتحدث عن معالجة اللطخة الصفراء، وقد ترجم إلى لغات مختلفة، ولا يوجد لي في سورية أية اتصالات سوى مع نقابة الأطباء بين الحين والآخر، وزيارتي الآن مؤقتة، بسبب عدم توافر الإجراءات والأبحاث العلمية هنا، ولكن قررت في الصيف القادم الحضور مع آخر نتائج الأبحاث التي أتوصل إليها».

واختتم حديثه قائلاً: «أنا من مواليد /1937/ ولدت في حلب بمنطقة "جب القبة"، استطعت على مدى أربع وخمسين عاماً من الاغتراب أن أصنع اسماً عربياً في مجال الإنجازات الطبية المتطورة وأنافس ركب الحضارة الغربية».

والجدير ذكره بأن البروفسور "نديم سراج الدين" كان قد ألقى محاضرتين بحلب في الأسبوع المنصرم بعنوان "علاج اللطخة الصفراء" في قاعة المؤتمرات في نقابة الأطباء والثانية بعنوان "الفلسفة السياسية بين العقل والعاطفة" والتي أقيمت في مديرية الثقافة.