"سليمان رفعت" أستاذ للموسيقى وعازف ماهر على عدة آلات موسيقية وترية، يعيش في مدينة حلب بعد أن ترك قريته الجبلية وهو في مقتبل العمر ليواكب دراسته في الموسيقى، هو من مواليد قرية ميركان – منطقة عفرين- العام /1969/، شخص ودود وهادئ ولكن مشاعره وعواطفه تستنفر بمجرد أن يضع طنبوره في حضنه.

في يوم الجمعة 4/7/2008 كان موقع eAlepoo في ضيافة منزله في حي الشيخ مقصود شرقي، حيث رحّب بنا ودعانا إلى غرفته الفنيّة الخاصّة التي حوّلها إلى مدرسة لتعليم دروس الموسيقى للأطفال والمعاقين وبدون مقابل، وتحتوي العديد من الآلات الموسيقية الوترية وغيرها...

يوجد الفنان بإنتاجه وإبداعه ومساهمته في تطوير الفن وليس بمظهره وشكل تسريحة شعره أو لون لباسه

في البداية عزف لنا مقطوعات جميلة من بعض ألحانه الخاصّة، وما لفت انتباهي هنا هو شروده الكامل أثناء العزف، وانسجامه العميق مع معزوفاته الحزينة التي تعيده إلى طفولته .. قريته التي لا تفارقه أبداً.

أثناء العزف

بعد الانتهاء من عزفه، سألناه عن طفولته وتعلّقه بالموسيقى فقال: «عشت طفولتي في قريتي الجبلية شمال عفرين، وكنت منذ الصغر أُطرب كثيراً لتغريد العصافيروخريرالمياه وحفيف الرياح الشتوية والتي ساهمت مجتمعةً في تكوين وتأسيس نواة الفن في أعماقي,، و يُضاف إلى ذلك السهرات الفنية التي كانت تعقد في بيتنا في ليالي الشتاء الطويلة حيث كان المطربون يتناوبون في أداء الأغاني الجميلة».

وأضاف: «لأسباب دراسية تركت القرية واستقريت في مدينة حلب، ومنذ العام /1982/ أصبحت عضواً في كورال حلب بقيادة الموسيقي المايسترو"أنترانيك كيروكسيان" وفي نفس العام شاركت معه في المهرجان القطري للشبيبة على مسرح قلعة حلب، وكانت تلك أول مشاركاتي الفنية».

النموذج التركي

وعن الآلات التي يعزف عليها قال: «أعزف على البزق والطنبور والعود والبيناف، بالنسبة للعود فقد تتلمذت على يدي الملحن "نديم درويش" من مدينة حلب، أما البيناف الذي اخترعه الملحن والعازف "أحمد جب" من عين العرب فقد تعلمت منه العزف عليها، ولذلك الرجل له تأثير كبير على حياتي الفنية».

واختصر كلامه عن الفن والفنانين بقوله: «يوجد الفنان بإنتاجه وإبداعه ومساهمته في تطوير الفن وليس بمظهره وشكل تسريحة شعره أو لون لباسه».

النموذج الجديد , ويبدو فيه الفرس الخشبي الثابت

وعن أعماله الفنية قال: «لدي مجموعة من الألحان، وأنا حالياً أحضّر لعملٍ هو مشروع هام في حياتي، وهو تلحين ملحمة جلجامش وأدائها بطريقة الموسيقى التصويرية».

سألناه عن مضمون اختراعه على آلة الطنبور فقال وهو يُحضر أوراقاً ومخططات من مكتبته الصغيرة: « اسم الاختراع هو"زمانداري"، ففي السابق كان متكأ صدر الطنبور متحركاً وكانت الأوتار كما هو شائع تُعلّق في نهاية طاسته، فبدأت هواجس الإضافة من التشكيك بصحة الوضعية المعتادة للآلة التي كانت خاضعة سنيناً عديدة لتعديلات السابقين على جسم الآلة الذين قاموا بقص جزء من الزند والتي أدت إلى انحسار مساحتها والتقليل من عدد الأوتار الموسيقية ليصبح الطنبور "باغلما" خلال البتر وهذه تسمى بالطريقة التركية ولكن جميع العازفين وبكل أسف أهملوا تلك المساحة التي تم قتلها بعد البتر».

اختراعي هو، كما قال: «وضع "فرس لساني" مثبّت على صدر الطنبور حتى مؤخرتها وهو بمثابة لسان خشبي ممدود من قاعدة الآلة متجهاً نحو الزند مقدّمته معانق لصدر الآلة وقاعدته ثابتة في خاتمتها، وبدلاً من ربط الأوتار في آخر الطاسة يتم تثبيتها على الفرس الجديد الثابت على صدر الآلة وبذلك نكون قد أعدنا للآلة تلك المساحة التي اقتطعت من جسم الطنبور قسراً من قبل الأتراك».

وعن فوائد اختراعه قال: «لقد ساعدت هذه العملية على رفع العلامة الموسيقية من "ر "إلى" دو" وأضافت للآلة تلك المساحة التي بترها الأتراك من الطنبور وكذلك الرخامة التي كانت مفتقدة سابقاً، وخلّصت العازف من حدودية الصوت أي (التريبل) وصار بإمكان الآلة تحمل ضغط الريشة عند العزف التعبيري أوالعزف بالأصابع بدون إشكاليات، ويُضاف إلى ذلك أن النغمة أصبحت أحن أثناء العزف».

و أضاف: «لقد كانت مراجعي في عملي هذا الفنّانين التراثييّن "عبدا لرحمن عمر" و"آديك" اللذان أيدا العمل واعتبروه انجازاً واختراعاً يستحق منحي براءة اختراع سورية».

في نهاية حديثه قال: «في العام الماضي قابلت لجنة من جمعية المخترعين السوريين كانت في زيارة إلى مدينة حلب، وبعد مناقشات طويلة حول اختراعي طلبوا مني تقديم طلب للجمعية للحصول على براءة اختراع، ففعلت قبل فترة قصيرة وأنا بانتظار الرد».