«ليكن غذاؤك دواؤك ... وعالجوا كل مريض بنباتات أرضه فهي أجلب لشفائه». هذه إحدى مقولات "أبو قراط"

عرف الإنسان التداوي بالأعشاب منذ القديم، والعرب القدماء يؤمنون بأنه لا يوجد مرض لا يمكن علاجه بالنباتات، وقد تدرجت معرفة هذا النوع من التداوى من سلالة إلى أخرى حتى كونت ما يسمى بالطب الشعبي في العالم العربي.

ولقد اشتهر العرب بتطوير التداوى بالأعشاب خلال العصور الوسطى، وانتشرت أبحاث ومخطوطات عدة مبنية على قواعد قوية إبان العصر الذهبي للطب الإسلامي، حيث انتشرت شهرة الأطباء العرب عبر العالم.

زعتر بري..

ومن الملحوظ الآن ازدياد اهتمام الوسط الطبي والمهتمين بالصحة بأساليب الطب الشعبي والعودة إلي الطبيعة لمعالجة الكثير من الأمراض، إذ أن الأدوية الحالية تم إنتاجها في عصرنا الحالي فقط، بينما تعامل أجدادنا على مدى عصور كثيرة مع النباتات كمصدر طبيعي لعلاج الأمراض وذلك لخلوها من التأثيرات الجانبية على جسم الإنسان.

وبالفترة الأخيرة برز دور الإعلان والتركيز فيه على العنصر الطبيعي في جميع المستحضرات التي تنتج في الأسواق لتستخدم الطبيعية فيها كعنصر جذب لهذا المنتج، بل ليس ذلك فقط بل لتبرز معامل خاصة ومخابر متطورة تختص بالأعشاب دون أية إضافات كيميائية إليها ... ولكن أين كانت تتواجد هذه الأعشاب وغيرها؟ ومن أين تطلب؟

زيوت..

في الحقيقة المكان الأشهر لتواجدها (محلات العطارة) هذا هو الاسم الموحد لها في جميع الدول العربية إذ تحوي هذه المحال على (الأعشاب الطبية، والبخور، والزيوت، والعسل.. )، والمصدر الرئيس للأعشاب هو الجبال بشكل عام، أما البخور فمصدرها الصين واليمن والهند، تأتي الأعشاب مجففة وذلك حفاظاً على قيمتها وسلامتها..

وعن أشهر هذه الأعشاب المطلوبة في سورية وما يشاع عن استخداماتها زودنا السيد "أحمد تلجبيني" صاحب أقدم محل للعطارة في مدينة "منبج" والذي سبق تعريفه بالتنويه على أنهم كأصحاب محال يبيعون هذه الأعشاب حسب ما تطلب إذ أكثر من يصفها هم أطباء الأعشاب وحتى الأطباء العاديين.. مبينا أن أغلب هذه الأعشاب تستخدم منفردة والقليل منها من يخلط مع غيره وأهمها حسب الطلب :

عسل غير مصفى..

-(سنامكا) أو مايسمى (عشرق) ويطلب كملينا للمعدة، ومصدرها في سورية هو جبال الغاب.

-(الزعتر البري) ويطلب لأمراض الصدر وهو مفرز جيد للعاب مما يساهم في تطرية البلعوم بشكل مستمر.

-(البابونج) وهو من أكثر الأعشاب شيوعا واستخداما ويصفه الأطباء كمضاد حيوي ..

-وهناك العديد من الأنواع منها أيضا: (الحلبة- زهرة الماسة- قريصة- راوند صيني- كراويا- اكليل الجبل- خولجان- شيح كراوية- خردل- نيرمية- اهليلج- ترمز- والزنجبليل الذي يستخدم كمقوي جنسي- ......).

وأضاف أيضاً أن هناك العديد من الأعشاب تأتيها فترة من الزمن تطلب بكثرة ثم يضمحل الطلب عليها بعد حين، وهذا ما عزاه إلى عدم تقديمها للفائدة المرجوة من قبل من استخدموها .

أما الزيوت فهي لا تقل أهمية عن الأعشاب لا من حيث الطلب أو من حيث الفائدة التي تقدمها وأكثرها طلبا هو (زيت الخردل) الذي يطلب لوجع المفاصل والظهر والرجلين والدسك والزيت مستخرج من بذرة الخردل.

وهناك العديد من أنواع الزيوت منها: (زيت اللوز الذي يفيد في تطويل الشعر والرموش..- زيت الخروع- زيت القرنفل- زيت اكليل الجبل- زيت الثوم- زيت سراب..) وهناك مئات الأنواع من الزيوت..

من الأعشاب إلى الزيوت وصولا الآن إلى العسل، إذ يعتبر العسل من العناصر الغذائية الوحيدة التي تحتوى على مواد ضرورية لاستمرار حياة الإنسان، وكان بمثابة العلاج الطبي في القدم ..

أما أنواع العسل ومسمياته فتعتمد على الغذاء الذي يتناوله النحل إذ يوجد عسل مغذى أي بالسكر والعسل الطبيعي، وأنواعه (الحمضيات- حبة البركة- يانسون- جبلي- القطن- السمسم) وهذه الأنواع تختلف بطعمها وبقوتها ويعد العسل (الجبلي) من الأنواع الجيدة من العسل، إلا أنه أفضل الأنواع الموجودة على الإطلاق-بحسب رأي السيد (تلجبيني)- هو عسل "المنطقة الحدودية "بين سورية وتركية إذ لا يعرف أحد على ماذا يتغذى النحل في هذه المنطقة التي لا يدخلها بشر ولا حتى دواب.. ونتيجة الطلب الشديد والمتزايد على العسل أصبح الآن في سورية بالأطنان، بعدما كان بكميات محدوة.

وجل ما أردنا الوصول إليه في وقفتنا اليوم على ما تحويه محال العطارة هو الاستمرارية التي استطاعت أن تصاحبها هذه المحال عبر الفترات الزمنية المتعاقبة والتي هي في أغلبها مهنة متوارثة من الآباء إلى الأبناء لتكون الطبيعة هي إحدى أقوى المصادر في العلاج والطبابة وليكن غذائنا هو دوائنا ....