عُرف عن العربي كثرة تنقله باحثاً عن الكلأ والمرعى في التبدلات الفصلية للسنة، وقد لازم بيت الشعر العربي في حلّه وترحاله لخفة وزنة وسهولة طيه، ورغم مرور الحقب والأزمنة لا زلنا نراه منتصباً شامخاً بعبقه العتيق في البادية والأرياف وفي بعض طرقات المدينة.. في الأفراح والأتراح..

للإحاطة أكثر بتلك البيوت مراسل eSyria وبتاريخ 12/11/2009 التقى الباحث "صالح هواش المسلط" الذي تناول تاريخ صناعة بيوت الشعر في مؤلفه "من تراث الجزيرة السورية" حيث قال:

ينقسم داخل البيت إلى قسمين هما: الربعة أو الشق للرجال والمحرم أو الخدر للنساء, يفصل بينهما حاجز من القصب اسمه: "زرب" وفي بعض بيوت الكبار يسدل فوق الزرب قطعة كبيرة اسمها: "خدرة" أو ساحة منسوجة من الصوف الملون أو الشعر الأسود النظيف ويتخللها نقوش بيضاء من القطن وتتفنن النساء في نسج هذه الحاجزة تفنناً غريباً, والزرب الذي يفصل بين الربعة والمحرم يكون ارتفاعه قدر قامة إنسان, وهو يحول دون رؤية الضيوف لنساء البيت

«عرف بيت الشعر منذ مئات السنين، وهو نسيج من شعر الماعز ولأجل ذلك سمي ببيت الشعر، حار في الصيف, بارد في الشتاء, تخفق فيه الرياح وتهزه وأحياناً قد تسقطه العواصف على رؤوس أصحابه, غير قابل النفوذ والرشح لماء المطر حيث يزداد تراصه أثناء الهطول, يطوى بسهولة أثناء الترحال معتدل الوزن، وإذا أمطرت السماء عليه فحمله يصبح مستحيل كون شعر الماعز لا يمتص الماء، ومع كل هذا بقي مأوى للإنسان لعقود كثيرة من الزمن، بل وبعد مرور مئات السنين لازلنا نراه في باديتنا».

بيت الشعر مطوى ايذاناً بالرحيل

وعن صناعته ولوازمه وأجزائه يتابع "المسلط":

«يتألف البيت من عدة قطع مستطيلة كبيرة مخاطة مع بعضها البعض منسوجة من شعر الماعز، تسمى القطعة الواحدة منها "الشكة"، والشكة المنسوجة من شعر الماعز الجيد لحمة وسدادة وتخدم لما يزيد عن عقدين من الزمن، عرضها من /60-75/سم وطولها حسب طول البيت، يحتاج البيت من /6-8/ "شكاك"، وهناك العماير وهي قطع بعرض /15-20/ سم وطول نحو /70/ سم تخاط بجوانب البيت لتربط بها الحبال، لأن الحبال لا تربط بالشكاك مباشرة لأنه سيكون عرضة للتمزق، وتنسج من الشعر وأحياناً من الصوف، بالإضافة للأطناب والحبال وتسمى "مرس" وهي من القنب وأيضاً الأعمدة, حيث ينتصب البيت وسقفه على الأعمدة، وارتفاع الأعمدة يتراوح من المترين في "الخربوش" أي (البيت الصغيرة جداً) إلى الثلاثة أو أربعة أمتار في بيوت الشيوخ والوجهاء, وهي توضع في الخط المتوسط بامتداد الطول الأعظم للبيت, ويتألف البيت أيضاً من الرواق وهو قطعة طويلة من نسيج شعر الماعز أو وبر الحمل, وهناك "الخلال" وهي قضبان من الحديد شكلها كحرف S يربط الرواق به من طرفي السقف أو بطرف واحد منه حسب هبوب الرياح أو ورود أشعة الشمس, ومنه كان لابد أن يظل البيت مفتوحاً من إحدى الجهات».

نموذج للربعة في بيت الشعر

وعن مسميات بيت الشعر يبين "المسلط": «تختلف تسميات بيت الشعر بحسب حجمه، وللدقة أكثر حسب عدد أعمدته، ولا يحسب في هذا الحال إلا العمود الأوسط والذي يسمى "عمود البيت" فهو محور البيت ورمز رفعته وارتفاعه وشرف أصحابه، وتتعلق به مجموعة عادات ومعتقدات، أما العمودان الجانبيان فهما يكملان ارتفاع البيت ويدعى كل منهما "الكاسر" أو "الجاسر" لأن مكانه كسر البيت ولا يدخلان في حساب البيت.. فالبيت ذو العمود الواحد باستثناء العمودين الجانبيين يدعى: "قطبة" , وإذا كان صغيراً ورثاً وبدون عمود متوسط يدعى "خربوش"، والعمودين له أسماء عدة منها "المقورن" و "مدبل"، وإذا ارتفع على ثلاثة أعمدة فهو "مثولث" وإذا أربعة أعمدة فهو "مروبع"، وهناك المخومس والمسودس والمسوبع والمثومن والمتوسع أي حسب عدد الأعمدة».

وبأقسام بيت الشعر الداخلية يختم "المسلط" حديثه: «ينقسم داخل البيت إلى قسمين هما: الربعة أو الشق للرجال والمحرم أو الخدر للنساء, يفصل بينهما حاجز من القصب اسمه: "زرب" وفي بعض بيوت الكبار يسدل فوق الزرب قطعة كبيرة اسمها: "خدرة" أو ساحة منسوجة من الصوف الملون أو الشعر الأسود النظيف ويتخللها نقوش بيضاء من القطن وتتفنن النساء في نسج هذه الحاجزة تفنناً غريباً, والزرب الذي يفصل بين الربعة والمحرم يكون ارتفاعه قدر قامة إنسان, وهو يحول دون رؤية الضيوف لنساء البيت».

مجسمات نسوة داخل المحرم وخلفهن الزرب الفاصل عن الربعة