تعتبر أغنام العواس ثروة وطنية، وهي تشكل مردوداً اقتصادياً يضاهي بقيمته المادية والوطنية الذهب الأسود الذي تتصارع عليه الدول، وميزتها النسبية تحققت في سورية عن طريق برنامج التحسين الوراثي لها.

«تعد أغنام العواس السورية من أهم عروق الأغنام العربية التي تأقلمت للعيش والتكاثر والإنتاج تحت الظروف البيئية القاسية في المناطق الجافة وشبه الجافة، ولا تزال تشكل المصدر الأول والأساسي للحم والجبن والسمن والصوف والجلود، على الرغم من التطور الملموس الذي طرأ على تربية الأبقار»، الحديث كان للأستاذ الدكتور "شحادة قصقوص" أستاذ في جامعة دمشق لموقع eSyria بتاريخ 15/12/2011 وتابع بالقول: «تؤمن الأغنام نحو 50% من كمية اللحوم المستهلكة عدا الأسماك، و70% من لحوم الحيونات المنتجة محلياً، وحوالي 37% من الحليب الإجمالي الذي يصنع على شكل لبن وجبن وزبدة وسمن، لقد اكتسب مربو الأغنام والبدو في سورية خبرة عملية رائعة في مجال تربيتها وتسمينها، ولاتزال قطعان الأغنام الشامية العواس تجوب مراعي البادية المترامية الأطراف منذ فجر التاريخ حتى الآن، ولئن كانت هناك علاقة حيوية بين البيئة والكائنات الحية، فإنها تتجلى بشكل واضح في تلك العلاقة القائمة بين البادية السورية بما تتصف به من مناخ جاف وحار صيفاً، ومراع فقيرة نسبياً، وبين أغنام العواس، وبذلك خضعت تلك الأغنام لعمليتي الانتخاب الطبيعي من جهة، والاصطناعي الذي مارسه المربون من جهة أخرى، ومع أنها تكيفت لعوامل البيئة المحلية، إلا أنها لا تبدي إلا مستوى متوسطاً أو منخفضاً من الإنتاجية، ويعزى ذلك إلى العوامل الوراثية التي أصبحت سائدة في العرق، والمحكومة بقدرته على البقاء أكثر من ميله إلى الإنتاج العالي، بالإضافة إلى ظروف التغذية الفقيرة التي تستمر لفترة طويلة من الزمن، والتي تحول دون ظهور قدراته الإنتاجية الحقيقية».

تعد أغنام العواس السورية من أهم عروق الأغنام العربية التي تأقلمت للعيش والتكاثر والإنتاج تحت الظروف البيئية القاسية في المناطق الجافة وشبه الجافة، ولا تزال تشكل المصدر الأول والأساسي للحم والجبن والسمن والصوف والجلود، على الرغم من التطور الملموس الذي طرأ على تربية الأبقار

وعن منشأ سلالة أغنام العواس تابع الأستاذ الدكتور "شحادة قصقوص" بالقول: «تنتمي أغنام العواس لنوع الأغنام المستأنسة، ويعتقد أن الأصل البري لهذه الأغنام هو تحت النوع "الموفلون الآسيوي"، وتصنف ضمن نموذج صوف السجاد، كذلك ضمن الأغنام ذات الإلية الدهنية، وهي من أهم العروق المنتشرة في الجزء الآسيوي من العالم العربي، وقد نشأ هذا العرق وتطور في منطقة ما بين النهرين والبادية منذ أكثر من ألفي عام».

الدكتور شحادة قصقوص

وحول أهميتها المنتخبة محلياً، بين الباحث المهندس "أيمن دبا" المنسق الوطني لمشروع تحسين إنتاجيتها بالقول: «لأنها الأكثر عدداً والأوسع انتشاراً في الوطن العربي، نظراً لما تتميز به من قدرات إنتاجية جيدة من الحليب واللحم والصوف، فقد بدأ المركز العربي بالتعاون مع وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي المتمثلة بالهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية، منذ عام 1973 بتنفيذ مشروع التحسين الوراثي للأغنام العواس بالانتخاب في سورية بالتعاون مع جهات مختصة من "العراق، والأردن، ولبنان"، وكان الهدف الرئيسي لمشروع التحسين الوراثي بالانتخاب وتوزيع الكباش المحسنة وراثياً على المربين، بما يؤدي إلى تحسين مستوى دخلهم ومعيشتهم، إذ في إطار البرنامج الوطني لتحسين إنتاجيتها، تم العمل في سورية ضمن مراكز بحثية متخصصة وهي مركز بحوث "مرج الكريم" لتربية الأغنام وتحسين المراعي ومراكز "وادي العزيب، والشولا، وقصر الحلابات"، حيث لعبت دوراً هاماً كمحطات بحثية حقلية، وأدى الاعتماد على التحسين الوراثي بالانتخاب في مركز "مرج الكريم" إلى زيادة في إنتاج النعجة من الحليب الكلي في قطيع النواة لإنتاج الحليب من 128 كغ في بداية المشروع إلى 230 كغ خلال 146 يوماً، وإلى زيادة نسبة التوءم في قطيع النواة لإنتاج اللحم من 10% إلى 45% بالإضافة إلى زيادة أوزان ومعدلات نمو الحملان».

وعن توزيع الكباش على المربين وفق ما جاء في وثيقة المشروع والعائد الاقتصادي له تابع الباحث "دبا" بالقول: «تم توزيع أكثر من 3000 رأس من الكباش المحسنة وراثياً في كل عام من سنوات المشروع الخمس، على مراكز التربية والمربين في سورية، بحيث وصل عائد كل رأس أكثر من 36 ألف ليرة سورية، إضافة إلى القيمة الوراثية التي تميز بها كل كبش، وبالتالي ساهم المشروع بتحسين الأغنام العواس بالانتخاب في تحسين إنتاجية بعض قطعانها في كل من سورية، والعراق، ولبنان، والأردن، وتحسين إنتاجية قطعانها المحلية في معظم الدول العربية التي تم فيها استخدام كباش العواس المحسنة».

المهندس أيمن دبا

إن إنشاء نواة قطيع متميز في سورية، وقطعان محسنة في محطات بحثية داخل الوطن، وفي عدد من الدول العربية جاء جراء التعاون بين المركز العربي للأراضي الجافة والقاحلة "أكساد" والهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية، وتابع الباحث المهندس "عدنان الأسعد" مدير إدارة بحوث الثروة الحيوانية قائلاً: «لقد كان ثمرة التعاون أن تم تحسين أعداد كبيرة من قطعان الأغنام للمربين الذين يشكلون حالياً نواة شبكة مربي الأغنام العواس، ووحدات لتحسينها في الأردن لدى قطاع مربي الأغنام، كذلك في العديد من الدول العربية، إضافة إلى تحقيق ميزة نسبية في تنفيذ أكثر من 60 دراسة علمية، وتقديم أربع أطروحات دكتوراه وأطروحة ماجستير، وتنفيذ ما يقارب أربعين دورة محلية وستين دورة عربية، مع نشر عدد من الأوراق العلمية في المؤتمرات والندوات الوطنية والعربية، وبناءً على النتائج المتميزة التي توصل إليها المشروع والتي يمكن أن تساهم مساهمة فعالة في تطوير إنتاجها في سورية والدول العربية، فقد تم الاتفاق على استمرار التعاون وفقاً للأهداف ومحاور العمل والالتزامات، والتي تتمثل في تحسين مستوى دخل مربي الأغنام وزيادة مساهمة قطاع الأغنام في الدخل الوطني عن طريق تحسين الإنتاجية، وزيادة طاقة إنتاج الكباش والنعاج العواس المحسنة وتوزيعها على المربين، ورفع القدرات العلمية والتدريبية للعاملين الفنيين والإرشاد».

وحول أنشطة عمل المشروع والمحاور ضمن خطته العملية، بين الباحث المهندس "محمد أمين" معاون مدير إدارة بحوث الثروة الحيوانية بالقول: «تركزت أنشطة العمل حول المحاور الأساسية الوطنية المعتمدة لتطوير إنتاجية الأغنام العواس وهي التربية والتحسين الوراثي، والتناسل، والتغذية، والرعاية، والصحة الحيوانية، والإدارة، حيث تم متابعة تطوير التراكيب الوراثية في السلالة لتحسين أدائها عن طريق تطوير برنامج التربية والانتخاب في قطيع النواة والقطعان الاختبارية ونشرها لدى المربين، واستخدام التقانات الحيوية وحزم من التقنيات الملائمة لزيادة كفاءة التحسين الوراثي وكفاءة التكاثر، حيث جرى تحديد البصمة الوراثية للأغنام العواس المحسنة وتسجيلها لحفظ حق ملكيتها للدولة، مع المتابعة واستكمال المعلومات حول خصائصها وتحديد الوسائل الملائمة لتطوير أداء وتغذية ورعاية القطعان وتحسين قدرتها الإنتاجية، من خلال دراسة نظم الإنتاج المناسبة، وإدخال تقنيات تحسين الأداء الإنتاجي والاقتصادي للقطعان».

المهندس محمد أمين