كثيرة هي الجوامع والمساجد التي تعود إلى عهود إسلامية مختلفة في "حلب" ولكن القليلة منها تعود للعصر الزنكي ومنها "جامع الطرسوسي".

بتاريخ 29/12/2011 التقى موقع eAleppo بالحاج "مراد علو" في حي "باب قنسرين" ليحدثنا عن هذا الجامع ويقول: «هذا الجامع من أقدم الجوامع المبنية داخل أسوار مدينة "حلب" القديمة فهي تعود بحسب الكتابة الموجودة على مدخله إلى العهد الزنكي وتحديداً إلى عهد الملك العادل "نور الدين محمود بن عماد الدين الزنكي" في العام 541 هجرية و1147 ميلادية ومنذ ذلك التاريخ وإلى يومنا هذا فهو يستقبل أهل "حلب" للعبادة والمحبة وعمل الخير وقد دخله عبر الزمن الآلاف من المؤمنين والأتقياء.

بقي أن نقول بأنّ هذا المسجد يقع في حي "باب قنسرين" في "حلب القديمة" وهو من المساجد التي يمكن اعتبارها من المساجد الأثرية في المدينة التي تحكي عن التاريخ الحضاري الغني للمدينة

المسجد من الناحية العمرانية وبطبيعة الحال لم يبق كما كان سابقاً إنما جرت عليه ترميمات وتجديدات وتصليحات كي يبقى متماسكاً ومتيناً يقوم بوظيفته على أكمل وجه، وآخر ترميم جرى فيه وبحسب ما هو مكتوب على مدخله أيضاً هو الترميم الذي جرى في العام 2007/2008 بالتعاون بين "مديرية أوقاف حلب" و"مديرية الآثار والمتاحف بحلب" و"مجلس مدينة حلب- مديرية المدينة القديمة" حيث جرت فيه أعمال الترميم والتدشين وإعادة البناء التي قام بها المتبرع "زياد سعد الدين الزعيم"».

قبر أحمد بن زين العابدين

ويختم حديثه بالقول: «بقي أن نقول بأنّ هذا المسجد يقع في حي "باب قنسرين" في "حلب القديمة" وهو من المساجد التي يمكن اعتبارها من المساجد الأثرية في المدينة التي تحكي عن التاريخ الحضاري الغني للمدينة».

وحول المسجد يقول الباحث الأثري المهندس "عبد الله حجار" مستشار جمعية العاديات بحلب: «على يسار الداخل من "باب قنسرين" ومقابل "المدرسة الكريمية" يقع "مسجد الطرسوسي" وهو مسجد قديم قام بتجديده "أحمد بن محمد التاجر" في العام 748 هجرية 1347 ميلادية ويوجد في قبليته قبر يعتقد بأنه "قبر أحمد بن زين العابدين" الذي توفي في العام 992 هجرية وقد كان كثير الأوقاف».

من داخل القبلية

وحول اسم المسجد يقول: «"الطرسوسي" هو اسم بانيه قاضي "حلب" "محمد بن عبد الصمد أبو منصور فخر الدين الطرسوسي" الذي توفي في العام 549 هجرية 1154 ميلادية وهو نفسه الذي أشرف على بناء "المدرسة الحلوية" بجانب "الجامع الأموي"».

كما تصفحنا كتاب الدكتورة المهندسة المرحومة "نجوى عثمان": "الآثار والأوابد التاريخية في حلب وكلس وغازي عنتاب" – الصادر في العام 2011، فورد فيه حول المسجد ما يلي: «يقع داخل "باب قنسرين" بناه القاضي "فخر الدين أبو منصور محمد بن عبد الله الصمد الطرسوسي الحلبي".

جانب من صحن الجامع

تصف كتب التراث بانيه بأنه كان ذا همة ومروءة ظاهرة له أمر نافذ في تصرفه بأعمال "حلب" وأثر صالح في الوقوف وهو الذي تولى عمارة "المدرسة الحلاوية" /غرب "الجامع الكبير"/ وعمارة "الخانقاه القديم" /غربي القلعة/ اللذين أمر ببنائهما السلطان "نور الدين الزنكي" في العام 543 هجرية 1148 ميلادية.

جدد "أحمد بن محمد التاجر" المسجد في العام 748 هجرية 1347 ميلادية، لقد كان في الجهة الجنوبية الغربية من القبلية مصطبة صغيرة فيها قبر كتب عليه أنه قبر "أحمد بن زين العابدين" وفي الترميمات التي جرت خلال العامين 2007 -2008 أخرج القبر من القبلية إلى الصحن، وعلى باب المسجد سبيل، وأثناء عملية الترميم في القبلية تم الوصول إلى أرضية العصر الزنكي مما يؤكد أن توسيعاً للقبلية جرى في العصر المملوكي كما جُدد المسجد في العصر العثماني».

وأخيراً ورد: «لمسجد الطرسوسي أهمية كبيرة فهو من المساجد الزنكية القليلة التي ما زالت قائمة على الرغم من قربه من "باب قنسرين" الذي تعرض لتدمير كبير من قبل المغول والتتار ولربما كان ملاذاً للقيادة العسكرية في الحروب والأزمات».