تتزين به الدور السكنيّة في الجزيرة السورية، وخاصة في منطقة الريف، فيعطي نوماً ممتعاً على أنغام نسائم المساء، وحكايات الجدات على جنباته.

مدوّنة وطن eSyria وبتاريخ 15/8/2012 رصدت آراء عدد من أبناء المنطقة ليتحدّثوا عن تاريخ وأهمية "التخت" في منطقتهم وكانت البداية مع السيّد "صالح الحاج محمود" حيث قال: «أنا من أبناء قرية "قلعة الهادي الغربية" ومنذ ولادتي فيها لأكثر من 60 عاماً ونحن نحتضن التخوت في قريتنا ومنازلنا، والأمر يتطلب ذلك لضرورة النوم خارج المنزل في الصيف، فلا يستطيع أحد النوم ضمن غرف الدار في الصيف لكثرة الحشرات وخاصة الضارة كالأفاعي والعقارب».

أنا من أبناء قرية "قلعة الهادي الغربية" ومنذ ولادتي فيها لأكثر من 60 عاماً ونحن نحتضن التخوت في قريتنا ومنازلنا، والأمر يتطلب ذلك لضرورة النوم خارج المنزل في الصيف، فلا يستطيع أحد النوم ضمن غرف الدار في الصيف لكثرة الحشرات وخاصة الضارة كالأفاعي والعقارب

السيّد "أحمد العبد الله" في السبعين من عمره قال: «أغلبية شبه مطلقة حتّى من أبناء المدينة هم بالأساس من القرى، ولذلك كانت أحد أهم متطلبات منزلهم "التخت" أو ما يسمى السرير لينام عليه الأهل خارج المنزل سواء في حرم الدار أو فوق سطح المنزل إذا كان في المدينة أو في القرى يكون في ساحة قريبة من المنزل، وهذا التخت بصورته الحالية والذي يصنع بالحديد والأنابيب عند الحدادين عمره ما يقارب 40 عاماً، وقبل ذلك كان التخت يصنع محلياً من خلال الأهالي بواسطة أغصان الأشجار والخشب فالمهم أن يُصنع سرير مهما كان نوعه وشكله ليُنام عليه في الصيف خارج الغرف».

التخت على أسطح المنازل في القامشلي

السيّدة "سامية محمّد العلي" ربة منزل أضافت عن طقوسه بالقول التالي: «مهمة التخت وترتيباته من مهام المرأة فعند غروب الشمس نبدأ بنقل مستلزمات النوم من وسادات وأغطية وحرامات ونضعها على الخشبة في وسط التخت ومن ثمّ نصعد عليه ونرتبه ونسلسله حسب تسلسل النوم عليه من الأب والأم والأطفال، وبعد ذلك نلفه بقطعة قماشية بحيث لا يرى المار من هو نائم عليه، ومع حلول الظلام نصعد عليه جميعاً ونحتسي الشاي ونتناول الفواكه ونقيم التسالي عليه، ويكون إبريق الماء بجانبنا لأنه مع صعودنا عليه لا نعود للدار إلا مع إشراقة الصباح، وعندما تكون الجدة أو سيدّة كبيرة في المنزل فإنها تصعد مع الأطفال الصغار باكراً عليه لتروي لهم القصص والحكايات التي يستمتعون بها فينامون على صوتها.

وبشكل شبه دائم نرش الماء حول التخت وتحته فإنه يعطي برودة جميلة مع نسمات الهواء التي تهب في المساء، هذه أجواؤنا خلال فترة الصيف كله، فمع بدايته نضع الخشب على التخت ومع قرب برودة الشتاء ننزع الخشب ونضعه في مكان لا يتعرض للمطر».

وكان للحدّاد "عبد الرحيم أحمد" حديث عن كيفية تصنيع "التخت" عندما تحدّث بالقول التالي: «هناك عدّة مقاسات لصنع التخت فمنهم من يرغبه لشخصين وآخر يرغبه لثلاثة وأكثرهم يفضله لأربعة أشخاص، وهو ما يكون قياسه ثلاثة أمتار فنأتي بأنبوب 2 (إنش) يخصص للقسمين الأمامي والخلفي وطوله ستة أمتار ونقسمه إلى أربعة أجزاء فيشكل شكل المستطيل، وبعد أن يتم قص الأنابيب للأجزاء الأربعة نصنع للقسم الخلفي ثلاثة أرجل من الأنابيب بطول متر ونصف، وللقسم الأمامي بأربعة أرجل فهو يضم الباب للصعود، ومن ثمّ نأتي بأنبوب ثلاثة أرباع الإنج يكون للجانبين بطول 190سم لكل جانب، ويتم تلحيم زوايا 2.5سم مع تلك الأنابيب علماً أن جميع تلك العملية تتم من خلال التلحيم، أما القطع الجانبية والقسم الخلفي والأمامي فيتم شدّه من خلال البراغي، وتكون ضمن المستطيل الداخلي للتخت زاوية دائرية بقياس 4 سم ليكون ركيزة للخشب الذي يوضع عليه وتكون ثلاث قطع من الخشب بعرض 90 سم وطل 190، والصعود للتخت من خلال سلم صغير بثلاث درجات يصنع من الزوايا».